لفت رئيس جمعية المصارف سليم صفير الى ان النظام المالي القائم في لبنان في خطر مؤكداً ان الإصلاح هو بديل عن الإفلاس. ووصف خطة الحكومة بأنها افلاسية ومحاسبية وليست انقاذية او اقتصادية.
وأطلق 3 لاءات: لا لـ»الهيركات«، لا للاقتطاع من القيمة الاسمية لسندات الدولة، ولا للتوقف عن الدفع للدائنين المحليين. وأبدى الاستعداد للتفاوض على تأجيل الاستحقاقات وتخفيض الفائدة.
واقترح سداد الدولة دينها لمصرف لبنان عن طريق تأسيس صندوق مملوك من الدولة نفسها على أمل ان يدار هذا الصندوق بطريقة القطاع الخاص. وشدد على ان مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف هما المسؤولان عن التدقيق في القطاع المصرفي.
وطمأن صفير الى ان المصارف تتحمل أية خسائر محتملة في محفظة الدين على القطاع الخاص. وأكد ان القطاع المصرفي صلب ولا يحتاج الى انقاذ مالي قائلاً ان كل ما تحتاج اليه المصارف هو ان تسدد الحكومة المبالغ المستحقة عليها.
لقاء مصرفي – اعلامي
بدعوة من جمعية المصارف عقد ظهر أمس لقاء في فندق »فورسيزن« في بيروت، حضره نائب رئيس الجمعية نديم القصار وأمين السر وليد روفايل والأمين العام مكرم صادر وأمين الصندوق تنال صباح والمدير العام جورج أبي صالح ونقيب الصحافة عوني الكعكي.
وخصص اللقاء لمناقشة الورقة التي أعدتها جمعية المصارف مساهمةً منها في انجاح خطة الحكومة للتعافي المالي والاقتصادي.
بداية ألقى رئيس الجمعية كلمة قال فيها: “أصدرت الحكومة خطة لإنعاش البلاد، وجاءت هذه الخطة مَحاسبيّة وليست اقتصادية. فالنظام المالي القائم في خطر، وبالتالي لن يقوم أي نظام مالي بديل بنتيجة تلك الخطة”.
وأشار الى انه بناء على هذا الجوّ، أعدّت جمعية المصارف خطة بديلة أسميناها “مساهَمة لإنجاح خطة الحكومة”، كي لا نشكّل ضغطاً كبيراً على الجوّ. وقال: “لخطتنا توجّهات واضحة بما يعيد الثقة مع الوقت”، موضحاً أنها تهدف إلى عدم التوقف عن الدفع للدائنين المحليين ما يعيد الثقة إلى السوق سريعاً ويُنعش الاقتصاد.
دين الدولة
ولفت الى اقتراح سداد الدولة دينها لمصرف لبنان عن طريق تأسيس صندوق مملوك من الدولة نفسها، على أمل أن يدار هذا الصندوق بطريقة القطاع الخاص. وتوضع في هذا الصندوق ممتلكات المصالح والشركات والعقارات، ومن مدخول تلك الممتلكات يتم سداد دين مصرف لبنان عن طريق سند طويل الأجل بقيمة 40 مليار دولار وبفائدة متدنية.
وقال: »بهذه الطريقة نكون خفضنا الدين العام من جهة، وعالجنا الفجوة بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان من جهة أخرى«.
وأعلن ان المصارف ترفض أي اقتطاع من القيمة الإسميّة لسندات الدولة، “فنحن مستعدون للتفاوض في المقابل، على تأجيل الاستحقاقات وتخفيض الفائدة”.
لا للهيركات
كما أعلن ان المصارف ترفض قطعياً الـHaircut مشيراً الى أنها تتحمّل أي خسائر محتملة في محفظة الدين، على القطاع الخاص.
واكد ان مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف هما المسؤولان عن التدقيق في القطاع المصرفي، كل مصرف على حدة لمعرفة وضعيّته بناءً على خطة عمل Business Plan وإعادة رسملة Recaputalisation Plan وإعطاء المصارف مهلة معقولة للوصول إلى تطبيق المعايير الدولية.
وخاطب صغير الحضور قائلاً: »من موقعكم الفاعل، أردنا أن نلتقي اليوم (أمس) كي نتأكد من أن وجهة نظرنا واضحة، وأن يكون هذا اللقاء استمراراً للعلاقة المهنية التي تحكم علاقتنا مع الإعلام والنخب الاقتصادية”.
وأضاف: »خطتنا هدفها إلإبقاء على شريان الحياة للاقتصاد اللبناني، دعمكم لمشروعنا هو خير وسيلة لدعم مشروع إنقاذ الوطن وصيانة الناس وحماية ودائعهم، حتى يكونوا الحجر الأساس في النهضة الاقتصادية”.
وأكد ان “القطاع المصرفي مستعد دائماً للمشاركة في خطة الإنقاذ وبناء لبنان الغد، مع القوى الساهرة والتي يهمّها أن يكون لبنان مزدهراً ومستقراً”.
واضاف صفير: ان ٥ عاطلين عن العمل شكلوا حكومة.
روفايل والقصار والصباح
ورداً على سؤال، أوضح روفايل أن صندوق سداد الدين، يبقى ملك الدولة إنما يصدر سندات بضمانات على موجودات الصندوق، والأنسب أن يكون بقيمة 40 مليار دولار، ما يساعد في خفض معدل الدين العام الامر الذي يعزز موقع لبنان في مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي، وإذ لفت الى أن »هناك أملاكا لدى الدولة تفوق قيمتها الـ40 مليار دولار«، أشار الى دراسة أعدّتها جمعية المصارف تظهر قدرة المصارف على استخدام الأراضي الموجودة لتأمين الواردات للصندوق، لافتاً الى نية المصارف رفع رأسمالها.
أما القصار فقال رداً على سؤال ان »الدولة عندما قررت عدم دفع اليوروبوند حصرت استعمال الودائع في لبنان، وبالتالي كل من يرغب في استخدام ودائعه داخل لبنان، يستطيع ذلك، إن كان يريد شراء سيارة او منزل…«، لافتاً الى أن »الشكوى المتكررة تكمن في عدم القدرة على إخراج الودائع الى الخارج فقط لا غير«.
وهنا قال الصباح: »أعلن مصرف لبنان في 1 تشرين الثاني أنه يملك ما قيمته 30 مليار دولار من الموجودات بالعملات«، وأكد أن هذه الموجودات تبقى في لبنان لخدمة الاقتصاد الوطني، فلو قرر إعطاءها للزبائن لإخراجها من لبنان، لكان أفلس البلد.
وأضاف: »عندما تقرر الدولة عدم سداد ديونها، وفي اليوم التالي تعلن أن المصارف مفلسة، فنشكر الله أنه لايزال هناك مصارف في لبنان! وهذه المواقف كانت السبب الأول لارتفاع سعر صرف الدولار«. وأكد انه طالما ليس هناك استقرار سياسي فلن يكون هناك استقرار نقدي.
ورقة الجمعية
من جهة أخرى قال صفير في كلمة استهلالية تصدرت ورقة جمعية المصارف ان »الجمعية التي تمثّل مصارف تدير حسابات حوالي 3 ملايين مودع، ترغب في الإسهام في الجهود المطلوبة لإخراج لبنان من الأزمة التي يواجهها. ويبدأ ذلك بإجراء مناقشات حسنة النيّة مع السلطات حول الحلّ الأمثل الذي يتعيّن تنفيذه، والذي يصبّ في مصلحة البلد«. وأضاف: »حتى الآن، لم يجرِ إشراك جمعية المصارف في العمل المستمر ولم يجر، على وجه الخصوص، التشاور معها قبل إصدار خطة التعافي المالي في 30 نيسان، مؤكداً ان هذا المستند يعد إسهاماً في عملية تصوّر حل أمثل وتوافقي«.
وأضاف »ان القطاع المصرفي اللبناني يعتبر أحد أكثر قطاعات اقتصادنا ديناميكية، إذ نسهم بنسبة 6% في تكوين ناتجنا المحلي الإجمالي، وفي مقدار كبير جداً من حاجات القطاع العام التمويلية ومن الايرادات الضريبية، ونستخدم حوالى 26.000 موظف من ذوي الكفاءات العالية«.
وأشار صفير الى أن لبنان ينفرد بخصائص عدة، أولاً، بواقع أن تصنيفه عالي المخاطر، ما يحدّ من قدرة الجمهورية اللبنانية على الولوج الى الأسواق المالية. فبالفعل، تموهل البلد بشكل أساسي من مصارفه التي اضطلعت بدور المقرض في المقام الأخير، عبر شراء الغالبية العظمى من السندات المصدرة من قبل الجمهورية اللبنانية ولاسيما في السنوات الأخيرة (تحمل المصارف 27% من مجمل الدين، موزّعة بين 35% من الدين الأجنبي و24% من الدين الداخلي كما في نهاية آذار 2020).
وأضاف: »خلافاً لجميع إقتصادات الأسواق الناشئة، يُعتبر اقتصاد لبنان فقيراً بالنقد إنما غنياً بالأصول. فالبلد لديه على الأقل القدرة على تسوية ديونه داخل القطاع العام من خلال الأصول المتاحة المستثمرة بشكل سيىء او غير المستثمرة إطلاقاً«.
دعم النمو
وأكد ان القطاع المصرفي يجد نفسه مستعداً للإسهام في حلّ الأزمة الحالية ودعم نمو لبنان. إلا أنّ خطة الحكومة تتغاضى عن هذا الإسهام الايجابي للقطاع المصرفي في الاقتصاد اللبناني وتتحدّث فقط عن استحالة إنقاذ مصارف لبنان مالياً. ورأى أن هذا الطرح مضلّل وغير دقيق. فالقطاع المصرفي اللبناني صلب ولا يحتاج الى إنقاذ مالي: كل ما تحتاج اليه المصارف هو أن تسدّد الحكومة المبالغ المستحقة عليها.
وتابع صفير: »باختيار الحكومة التخلّف عن دفع دينها الأجنبي، فإنها ترمي الآن في خطة التعافي المالي التي أعلنتها في 30 نيسان الماضي الى تخلّف داخلي عن الدفع يكاد يكون غير مسبوق وضاراً للغاية. وسوف تتأتّى عن مثل هذه الخطوة تبعات دراماتيكية على النمو الاقتصادي وعلى الشعب اللبناني«. وقال ان جمعية المصارف تقترح مساهمةً يتحمّل بموجبها كل أصحاب المصلحة نصيبهم العادل من العبء لتفادي عاقبة كهذه، لمصلحة الأجيال اللبناني الحالية والمستقبلية.
وأكد ان الجمعية مستعدة لتقديم مساهمة مجدية لحلّ هذه الأزمة الخطيرة عبر القيام بتنازلات مالية واقتصادية مؤاتية لحلها، في موازاة التمسك بواجبات أعضائها الإئتمانية. وقال ان جمعية المصارف تتطلع أيضاً الى توفير الدعم للاقتصاد الأكثر تنوعاً، والأكثر ديناميكية، والأكثر فعالية، والأكثر توجها نحو التصدير – وأعلن ان الجمعية تنوي الاشتراك بالكامل في إعادة إعمار اقتصاد البلد والإسهام في تعزيز إمكانية نموّه وزيادتها، بالاعتماد خصوصاً على شعب لبنان الموهوب بشكل استثنائي.