كم كان جميلاً لو كان «عيد الفطر» المبارك عيداً وطنياً لكل لبنان كما كان في السابق، خصوصاً منذ عهد «بشارة خليل الخوري» أول رئيس جمهورية في الجمهورية الثانية ما بين (1943- 1989)، حينما كان يصر على تهنئة مفتي الجمهورية اللبنانية «الشيخ محمد توفيق خالد» -(أول مفتي للجمهورية ١٨٧٤/١٩٥ ، والذي كان لقبه «المفتي القبضاي» بما يعنيه هذا اللقب من معاني المروءة وشجاعة الرأي، وصدق اللهجة، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، والشهامة)- في الغرفة المخصصة لاستقبال كبار الزوار والتي كانت ملحقة بـ»المسجد العمري الكبير» -(درة مساجد بيروت، والذي لا يزال شامخاً وشاهداً على تاريخ «بيروت الوطنية» بوجهها التاريخي الحضاري المميّز منذ 13هـ أو 14هـ الموافق 634م أو 635م بسبب اختلاف المؤرخين المسلمين العرب حول التاريخ: ف”ابن الأثير” في “الكامل في التاريخ” يشير إلى الأنتشار الإسلامي العربي وصل إلى بيروت ١٣ هجرية و يتفق معه في ذلك “البلاذري” في “فتوح البلدان”، أما “اليعقوبي” في “البلدان” فيقول في ١٤ هجرية)- ليس فقط في «عيدي الفطر السعيد والأضحى المبارك»، بل في ذكرى المولد النبوي الشريف، وكان يرافقه رئيس الحكومة خصوصاً الرئيس «رياض الصلح».
وغصة في القلب أن يمر «عيد الفطر السعيد» من دون أن يسمع «اللبناني المسلم» -المواطن العادي- الشريك في «الوطن النهائي» لبنان تهنئة بهذا “العيد الوطني” من «كبار المسؤولين الرسميين السياسيين»، وغيرهم، وبدت مع هذا الغياب ما يسميه «البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي» -الشراكة- منقوصة الجانب، بل مغيّبة..!
و لو تمت هذه الظروف الإستثنائية الغاية في الصعوبة و الدقة، لكان لها وقعًا حضاريًا مميزًا الذي لن يُنسى كالنقش على الحجر…!
وكم كان جميلاً لو كانت «صلاة العيد الرسمية» في «المسجد العمري الكبير» درة مساجد بيروت بوجهها التاريخي الحضاري المميّز، خصوصاً في هذه الظروف الاستثنائية الغاية في الدقة والصعوبة، ولو تمت لكان لها الوقع الوطني الحضاري المميّز، و لكانت علامة فارقة لن تُنسى.
وأداء صلاة العيدين في «المسجد الكبير» -أو «الجامع العمري الكبير»، أو «الجامع الكبير»- كان كل من مفتيي الجمهورية «محمد توفيق خالد» والمفتي الشهيد «حسن خالد» يصرّان على أداءها في «درة مسجد بيروت»، وبالنسبة للمفتي الشهيد كان يتم ذلك قبل محاولة طمس وجه «بيروت التاريخي» ما قبل «الحرب القذرة» 1975 والتي استمرت الى 1989، والتي حوّلت كل مساجد «المدينة» -أو ما يسمّى اليوم الوسط التجاري و التي كان كل لبنان يُختزل فيها بكل الجوانب الحياتية. – الى شبه خراب، ورمّـمت في زمن المفتي السابق «د. الشيخ محمد رشيد قباني».
صحيح أنّ المساجد جميعها هي «بيوت الله تعالى» نتكرّم في الصلاة فيها، ولكن هناك «بيوت» أصبحت «مهجورة» رسمياً، وما أكثرها في «الوسط التجاري» إن لتأدية «صلاة» من «الصلوات الخمس» فيها يومياً مثلاً، أو في الأسبوع مرة، أو في الشهر مرة، او حتى «زوروني كل سنة مرة» رسميًا قبل “الكورونا” “السياسي” منها أو “الوبائي”…!
كل ذلك حتى يبقى «وسط بيروت التاريخ» يصدح بـ«أهله»، وهم البشر بـ»الصيغة البيروتية الحقيقية»، كما يتعانق الآن «الحجر»: «المساجد والكنائس» في «ثقافة الحوار» الدائم.
ولعلي لا أكون قد تجاوزت الى بعيد، فهذا منهجي في الحياة متبعاً قول «الله تعالى» في سورة الطور، الآية 21 {كُلُّ امرِئ بِـمَا كَسَبَ رُهِينٌ}..
وأختم {وَعَلَى اللّهِّ قَصْدُ السَّبِيلِ} [سورة النحل: آية 9].
وإن شاء الله تعالى غداً لقاء متجدّد.
حيى أحمد الكعكي