كتب المحرر الاقتصادي:
انتهت سكرة استحقاقيّ رئاسة مجلس النواب بانتخاب الرئيس نبيه بري لولاية جديدة تمتدّ أربع سنوات إضافية للمرة السادسة على التوالي، ورئاسة الحكومة بتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة للمرة الثالثة، وجاءت فكرة الإسراع في معالجة الأزمة الاقتصادية التي أصبحت محتّمة منعاً للانهيار المخيف الذي يقلق القطاع الخاص كما الشريحة العمالية والشعب بمختلف فئاته.
وفي هذا السياق، عُلم أن القطاع الصناعي سيجري اتصالات مع 15 نائباً صناعياً هم: نجيب ميقاتي، نقولا نحاس، نعمة افرام، شوقي الدكاش، هنري حلو، ميشال ضاهر، هاغوب ترزيان، فؤاد مخزومي، أمين شري، نزيه نجم، قيصر المعلوف، زياد حواط، تيمور جنبلاط، روجيه عازار، وطوني فرنجية بهدف عقد اجتماع قريب معهم لإنشاء «كتلة صناعية» تهتم بالقطاع الصناعي ومعالجة مشكلاته، وهذه الكتلة تتكوّن من مختلف الأحزاب والطوائف والتكتلات السياسية، على أمل متابعة كل المراسيم المتعلقة بالقطاع الصناعي الموجودة في أدراج المجلس النيابي.
أما على الصعيد الوزاري، فستركّز جمعية الصناعيين على مطالبة رئيس مجلس الوزراء بإعادة إحياء اللجنة الوزارية الصناعية على أن يتم إدخال ممثلين عن الغرف التجارة وجمعية الصناعيين إليها، كي تخرج بنتائج إيجابية تُرضي الصناعيين خصوصاً والاقتصاد عموماً، علماً أن اللجنة الوزارية كانت عقدت أكثر من اجتماع في السابق ولم تخرج بأي نتيجة ملموسة للقطاع الصناعي، على أمل الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة كي تضع الاقتصاد على السكة الصحيحة للوصول إلى الأهداف المرجوّة.
باسيل: لا إجراءات ضرورية
وليس بعيداً، طالب رئيس «مجموعة بنك بيبلوس» الدكتور فرانسوا باسيل بـ»حكومة متجانسة تتخذ القرارت تحت مراقبة مجلس النواب، بمعنى فصل الوزارة عن النيابة»، وأمل في «تشكيل حكومة تكنوقراط مصغّرة مؤلّفة من 12 أو 14 وزيراً بدلاً من حكومة فضفاضة لا يستطيع وزراؤها التفاهم في ما بينهم»، مشدداً على أن «في لبنان كفاءات كثيرة لكن غالبيتها عاملة في الخارج، وكل منها تتمنى العودة إلى لبنان لخدمته وتوفير كل ما يصبّ في الصالح العام».
وقال باسيل لـ»الشرق»: إن كل أعضاء مجلس النواب المنتَخَبين هم على بيّنة من الأوضاع الخطيرة التي تمرّ بها البلاد والعالم كله، لذلك هناك إجراءات ضرورية يفترض اتخاذها في الوقت الراهن لتصويب الوضع الشاذ الذي يمرّ به لبنان لا سيما الوضع الاقتصادي الذي يتراجع بشكل لافت من دون أن ينهار، لكن بالطبع إذا لم تُتخذ الإجراءات اللازمة لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية، فالانفجار حتمي».
وأمل في أن «يكون الجميع واعين لدقة الوضع، ورئيس الجمهورية لديه القدرة على اتخاذ القرار الحاسم لتأليف حكومة متجانسة تتمكّن من اتخاذ القرارات الأساسية الضرورية للبلد، والحسم في ما يتعلق بمشاريع البنى التحتية التي تجذب الاستثمارات عندما يهدأ الوضع العام في المنطقة لا سيما في لبنان، حيث يتشجع المستثمرون على توظيف أموالهم في لبنان إذا ما توفّرت الكهرباء والمياه والطرقات … إلى جانب قانون ضرائب يُطبّق بعيداً من الاستنسابية والمزاجية في تفسيره، وتحديثه على نحو واضح يوفّر مزيداً من الواردات لخزينة الدولة».
وأكد باسيل في المقلب الآخر، جهوزيّة القطاعين المصرفي والرسمي لكيفية التعامل مع قرارات العقوبات الأميركية الأخيرة على إيران وبالتالي على «حزب الله» والتعاملين معه، وأوضح أن «هناك قراراً حاسماً وجازماً داخل القطاع المصرفي يقضي بتطبيق القوانين الدولية بحذافيرها، خصوصاً أن الاقتصاد اللبناني مدوْلر وبالتالي نحن ملزمون بتطبيق تلك القوانين وإلا نقع في مشكلة. من هنا نتمنى على الأفرقاء السياسيين كافة تفهّم هذا الواقع».
وزني: الملف الاقتصادي
أما الخبير المالي والاقتصادي الدكتور غازي وزني فنبّه واعتبره في حديث إلى «الشرق»، من التأخّر في تشكيل الحكومة الجديدة إن حصل، «مؤشراً سلبياً على الاقتصاد في خمسة اتجاهات، أولاً اتجاه المجتمع الدولي الذي أقرّ نتائج مؤتمر «سيدر» بما فيه البرنامج الاستثماري المقدّر بـ11 مليار دولار، ثانياً الخطوات الإصلاحية المطلوبة من لبنان خصوصاً لجهة ضبط العجز في المالية العامة، ثالثاً قدرة لبنان على تحفيز النمو الاقتصادي المتباطئ إذ تشير التوقعات إلى 1،50 في المئة، رابعاً مؤشر سلبي اتجاه الاستقرار الاقتصادي والمالي والسياسي والأمني في البلد، خامساً حيال قدرة لبنان على إعداد مشروع موازنة 2019 الذي يُفترض المباشرة به في حزيران 2018 «.
وقال وزني: إن تأخير تأليف الحكومة ينعكس على نتائج مؤتمر «سيدر»، ويفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية القائمة، ويزيد المديونية ما ينعكس مستقبلاً على الوضعين النقدي والمالي، خصوصاً أن لبنان لديه استحقاقات مالية سنوية بالعملات الأجنبية تفوق الخمسة مليارات دولار، وهي قد تتأثر من التأخر في التأليف.
وعن الفترة الطبيعية لتشكيل الحكومة، حدّدها بأقل من شهر ونصف الشهر، واعتبر أن ذلك «يتوقف في الدرجة الأولى على التوافق السياسي في البلد، خصوصاً أن القانون «النسبي» أعطى الأحجام الطبيعية للقوى السياسية، وفي المقابل يفترض الإسراع في التوافق على التأليف لأن تبعات التأخير كبيرة جداً، فيما الوضع الاقتصادي لا يسمح بذلك»، ورأى أن «تسمية الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة الجديدة خلال الاستشارات الإلزامية، مؤشر إيجابي للاقتصاد، كون تسميته تشكّل استمرارية للخطوة التي سبق وقام بها عبر عقد مؤتمر «سيدر».
أما حول الأولويات الاقتصادية للحكومة الجديدة، فاعتبر أن الأولوية هي لـ»تطبيق التعهّدات الإصلاحية التي قطعتها الحكومة اللبنانية في مؤتمر «سيدر»، إذ يفترض أن تأتي بمشروع موازنة إصلاحية للعام 2019 يخفف العجز المرتفع في المالية العامة والذي يصل إلى 10 في المئة تقريباً من الناتج المحلي، إضافة إلى ضبط تنامي الدين العام نسبة إلى الناتج المحلي، ثم تحفيز النمو الاقتصادي، مروراً بمعالجة المشكلات القطاعية كأزمة الكهرباء، وصولاً إلى المباشرة بالمشاريع الاستثمارية بالشراكة بين القطاعين العام والخاص». وتابع: إذا تم تطبيق كل تلك الأولويات عندها تتّصف المرحلة المقبلة بالإيجابية وتكون تفاؤلية في تحسّن المؤشرات الاقتصادية.
واقترح وزني أن «يأخذ تشكيل الحكومة الجديدة في الاعتبار، التطوّر الحاصل في المنطقة والذي يظهر في انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي مع إيران، والذي له تبعات كثيرة على المنطقة، إذ يخلق أجواء عدم استقرار سياسي وأمني في المنطقة من جهة، ما ينعكس على الاقتصاد اللبناني المنفتح على المنطقة، ومن جهة أخرى يُحدث توتراً في أسواق النفط العالمية بما يسبّب بارتفاع أسعار النفط ما يحمل تبعات اقتصادية ومالية واجتماعية وحياتية على المجتمع اللبناني، وفي الوقت ذاته يخلق بلبلة في الأسواق المالية العالمية وينعكس سلباً على الإصدارات اللبنانية الخارج ومعدلات الفوائد».