قبل ثمانٍ وأربعين ساعة من اليوم، تهويلٌ وترهيبٌ وشائعات كانت أشبه بعاصفة رمليّة أرادت التغطية على كفاءة القطاع المصرفي ودرايته وقدراته وإقحامه في موجة الفساد السياسي التي لا دخل له فيها.
… قالوا سيتدافع المواطنون على أبواب المصارف بأعداد سيعجز الموظفون من أعلى الهرم إلى أسفله، عن تلبية احتياجاتهم المالية… فكانوا الجنود الأمينين الذين استنفروا لرفد الزبائن بالخدمات المصرفية على اختلافها، بخلقيّة عالية وحماسة قلّ نظيرها، فكانوا حُماة الوطن والمواطن من رصاصات المتربّصين بالاقتصاد بجناحَيه المالي والمصرفي.
«تعاطٍ راقٍ وحضاري» انطباع خرج به المتعاملون داخل أروقة المصارف حيث جرت المعاملات المصرفية المالية بشكل طبيعي بتعابير الترحاب واللطف بادرهم بها الموظفون الذين أمّنوا لهم كل احتياجاتهم الخدماتية بما فيها عمليات السحب والإيداع وعمليات المقاصة التي استؤنفت اليوم في مصرف لبنان.
… راهنوا على ثورة شعبية ضدّ المصارف في أول يوم عمل لها بعد انتفاضة 17 تشرين، فكان الشعب اللبناني «حافظ الجَميل» لسياسات مصرفيّة جنّبته عوَز «النقدي» في حمأة الثورة، والتي فتحت أمامه ماكينات الصراف الآلية لتلبية مصاريفه الحياتية والمعيشية كما رواتبه. إذ وجّه الشعب اللبناني اليوم رسالة واضحة من خلال تعاطيه مع موظفي المصارف تشير إلى مقدار الثقة الراسخة التي يكنّها الشعب اللبناني للمؤسسات المصرفية. وهذه الصورة تبقى أهم بأشواط من رسالة قوى سياسية معيّنة عن طريق إرسال أربعة أشخاص من المراهقين ليدخلوا باب جمعية المصارف «لغايةٍ في نفس يعقوب» خدمةً لهذا أو ذاك.
هذه المشهديّة تحملنا إلى خلاصة مفادها أن تاريخ 1 تشرين الثاني 2019 كان يوم عمل بدا شبه طبيعي نسبة لإقفال دام 14 يوماً. إذ شهدت المصارف بعض الزحمة التي لم تخرج عن المألوف اثر عطلة طويلة، وهذا ما حاولت التعتيم عليه مجموعة من أربعة أشخاص في افتراشها أرض جمعية المصارف، لكنها حققت فشلاً ذريعاً في حركة واضحة ومفتعلة ومخططة ومدبّرة سلفاً، بهدف التغطية على الإيجابيات والارتياح والثقة التي سادت الصرح المصرفي. فسكتت أبواق المندسّين… ودُحضت الشائعات … وصحّت في النتيجة صدقيّة مصارف لبنان وشفافيّتها والأهمّ… وطنيّتها.
فالتحيّة، كل التحيّة للجسم المصرفي بكامله. وله تُرفع القبّعة…