لليوم الثالث على التوالي واصل منسق قرارات مؤتمر “سيدر” والمكلف من الرئاسة الفرنسية متابعة تطبيقه السفير بيار دوكين لقاءاته في بيروت في اطار التحضير لانطلاقة الاصلاحات والاستثمارات التي اقرها المؤتمر في نيسان الماضي.
وبحسب مصادر مطلعة فإن المسؤول الفرنسي يستوضح محادثيه حول الاولويات التي ستبدأ الحكومة التعامل معها على مستوى الاصلاحات والاستثمارا انطلاقاً من تلك التي يمكن ان توفر على خزينة الدولة النزيف الذي يزيد عجزها مثل قطاع الكهرباء.
وقد اجتمع دوكين مساء امس مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وعرض معه كل هذه النقاط.
وكان المسؤول الفرنسي قد التقى قبل الظهر وزير المالية علي حسن خليل وبحث معه في المواضيع المدرجة في مؤتمر سيدر.
وبعد اللقاء صرّح السفير دوكين بالقول انه “بالنسبة إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر سيدر منذ 11 شهراً وتُرجم في البيان الوزاري الذي اعتمد من قبل الحكومة والبرلمان، فإن البيان الوزاري وثيقة جيدة يُبين المسار الذي ترغب السلطات السياسية اللبنانية بانتهاجه ويقف المجتمع الدولي إلى جانب السلطات اللبنانية ليدعم ما يرد فيه. وينتابنا شعور كما أشار أيضاً وزير المال بأن الحكومة الحالية ليس لديها رفاهية الانتظار بل يجب أن تجري الأمور بشكل سريع. طبعاً لا يمكن تحقيق كل الأمور في يوم واحد. لعل بعض المانحين يرغبون في أن يحصل ذلك، ولكن في المقابل يجب تقديم إشارات الآن في مختلف المجالات الواردة في البيان الوزاري، لا بد من تقديم موازنة 2019 بشكل سريع. فقد تم التصويت على موازنة عام 2018 في أواخر شهر آذار من العام الماضي وعلى الموازنة أن تلحظ خفض العجز ( وفقاً لما هو وارد في البيان الوزاري) بما لا يقل عن واحد في المائة من إجمالي الناتج المحلي”.
واكد انه “لا بد من إحراز تقدم على هذا الصعيد. كما هو موضح في البيان الوزاري، يجب التقدم على صعيد موضوع الوظيفة العامة ونظام التقاعد والقيام بالإصلاحات اللازمة في قطاع الكهرباء. وأنا لا أنفك أكرر أن ثمة مثلثاً ومكوناً من المشاريع والإصلاحات والتمويل ويجب التحرك على هذه المستويات الثلاثة بالتوازي. قد يعتبر البعض أنه يجب إعطاء الأولوية للمشاريع أو للإصلاحات. لكن كل هذه النواحي مترابطة والرؤية التي أرساها مؤتمر سيدر الذي عقد برعاية بلادي تقضي بالتقدم على جميع هذه الصعد. ويجب العمل أيضاً على ترتيب المشاريع بحسب الأولويات وعلى إرساء مشاريع البنى التحتية الضرورية التي تحتاجها البلاد. إذاً إجرينا نقاشات عامة وحول مواضيع اقتصادية ومالية”.
قيل له: هل صحيح أنه على لبنان أن ينفّذ الإصلاحات ضمن مهلة شهرين للاستفادة من مساعدات مؤتمر سيدر؟
اجاب: “لقد قلت تماماً عكس ذلك. فقد اوضحت للتو أنه من غير الممكن إنجاز كل الأمور في بضع أسابيع. ومن الواضح أنه لا يمكن إصلاح كهرباء لبنان في غضون شهرين. ولكن يجب إعطاء إشارات في المجالات المختلفة في مهلة قصيرة نسبياً. ليس بالضرورة ضمن شهرين. غير أنه أصبح لديكم حكومة منذ شهر وحصل البيان الوزاري على موافقة البرلمان بأكثرية ساحقة. فلنستفد من هذه اللحظة. نعرف أنه بعد تشكيل الحكومات في جميع بلدان العالم، لا بد من الاستفادة من الزخم الذي يسود للتقدم. هكذا تجري الأمور في جميع أنحاء العالم ولبنان لا يشكل استثناء . سأكرر للمرة الخامسة أننا لا نقول إنه يجب تنفيذ كل شيء ضمن مهلة شهرين. ولكن على العكس، قد يكون من المؤسف أن نجد بعد مرور شهرين أو ثلاثة أشهر أنه لم يتم مباشرة العمل”.
واكد “إن أموال سيدر حاضرة دائماً. والدول المانحة المؤسسات الدولية مستعدة للمساعدة. ولكن فلنقل الأمور ببساطة. الإصلاحات لا تقتصر على الموازنة. ثمة مشاريع في قطاع الاتصالات والطيران والطاقة. وقد سُنت قوانين ولكنها غير مطبقة لأن الهيئات الناظمة لا تعمل لأن التعيينات فيها لم تحصل. كيف تتوقعون إقناع المستثمرين من القطاعين العام والخاص بالاستثمار إن كانوا يجهلون طريقة تنظيم القطاعات”.
واجتمع دوكين مع وزير البيئة فادي جريصاتي في الوزارة بحضور وفد فرنسي ومستشارة الوزير منال مسلّم وتناول البحث ضرورة استعجال الآليات التنفيذية لمؤتمر سيدر وترجمة البنود الاصلاحية في البيان الوزاري.
وقد رحّب وزير البيئة بالسفير وشرح له المشاريع والخطط التي تنفّذها وزارة البيئة وفي مقدمها تطبيق قانون الادارة المتكاملة للنفايات الصلبة ومكافحة التلوث في حوض نهر الليطاني والحفاظ على الموارد الطبيعية، وأبدى السفير دوكين كل الاستعداد لدعم خطة معالجة النفايات، معتبراً أنه “ليس لدينا ترف الوقت بعد التأخر في تشكيل الحكومة”.
وبعد اللقاء قال جريصاتي: “يمكن إستنتاج خلاصتين اساسيتين من الاجتماع بالسفير دوكين والذي أعتبره مثمراً جداً، أولاً تأكيده أن مؤتمر سيدر يركّز على قطاعات كثيرة ولكن لديه ثلاث اولويات رئيسية هي: الكهرباء والمياه (بما فيها تلوث الانهر وتكرير المياه) وموضوع النفايات الذي أصبح اولوية لدى المجتمع الدولي لمساعدة لبنان .الخلاصة الثانية التي نستنتجها هي أن الاصلاحات المطلوبة من لبنان والمسؤولية هي علينا كحكومة لتقديم المشاريع والاولويات وعدم انتظار المجتمع الدولي. لذلك من الواضح أنه علينا كحكومة تحمّل مسؤولياتنا بأسرع وقت”.
كذلك اجتمع دوكين مع وزير الاتصالات محمد شقير في الوزارة، وتم البحث في مختلف المواضيع المتعلقة بمؤتمر “سيدر”.
ونوّه شقير بالجهود الكبيرة التي بذلها ويبذلها دوكين للتقدّم في تنفيذ مشاريع “سيدر”، وأكد “الاهتمام الكبير الذي تبديه السلطات اللبنانية خصوصاً الحكومة، للاستجابة لمختلف المتطلبات التي حدّدها المؤتمر تمهيداً للمباشرة في عملية تنفيذ المشاريع التي نعوّل عليها كثيراً في عملية النهوض بالاقتصاد اللبناني”.
اما دوكين فأكد من جهته، “وقوف المجتمع الدولي الى جانب لبنان لمساعدته في تخطي الصعوبات التي يعاني منها”.
وكان السفير دوكين التقى وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش مساء الخميس، في حضور الملحق الاقتصادي في السفارة الفرنسية جان لوك دولا جوجي.
وأكد بطيش التزامه “كوزير في الحكومة، وكممثل لفريق سياسي، الالتزام التام بموضوع الإصلاحات”.
وكان دوكين قد التقى بعد وصوله الى بيروت الاربعاء عدداً من المسؤولين اللبنانيين المعنيين بوضع مؤتمر “سيدر” على سكة التنفيذ وفي مقدمهم منسق البرنامج الاستثماري مستشار رئيس مجلس الوزراء نديم المنلا وعدد من المعنيين وممثلي الهيئات المانحة.