تعيش اسواق المال والاعمال والاقتصادات العالمية في حال من القلق والتوتر لعدة اسباب ابرزها استمرار الحرب الروسية الاوكرانية والحرب الدائرة بين اسرائيل وحماس في غزة ومع حزب الله في لبنان واقتراب موعد الانتحابات الرئاسية في الولايات المتحدة الاميركية ومعرفة هوية الرئيس الجديد الذي سيدخل الى البيت الابيض .
سبب القلق هوالخوف من تمدد الحرب في منطقة الشرق الاوسط وتحولها بين اسرائيل وايران وميليشياتها المنتشرة في لبنان وسورية والعراق واليمن وقد تتورط الدول الداعمة الى اسرائيل ، اما بالنسبة للانتخابات الاميركية فالخبراء يعتقدون ان عودة الرئيس السابق دونالد ترامب الى حلبة الصراع لقطع الطريق على نائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس التي تواجهه في هذه المعركة قد يقلب الواقع الاقتصادي والمالي ليس في الولايات المتحدة فحسب بل في جميع دول الغالم فتوجهات ترامب الضريبية وتطلعاته المالية والنفطية والاستثمارية مختلفة كليا عن الواقع الحالي ، كما ان نظرته الى الحرب الروسية الاوكرانية تقلق الحلفاء الاوروبيين ناهيك عن طموحاته وطموحات داعميه امثال الملياردير ايلون ماسك تثير وتقلق اهل المال والاعمال. هذه الاسئلة طرحتها ” مجلة 24 ” على رئيس جمعية مصارف مملكة البحرين الدكتور عدنان يوسف وهذا هو نص الحوار :
اسعار النفط
*ماهي نظرتك إلى سوق النفط في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة إضافة الى ضعف الاقتصاد الصيني
-شهدنا ارتفاع في أسعار النفط خلال الايام الماضية، ولكن هذه الأسعار سوف تظل خاضعة للتقلب خلال الفترة القادمة مع تزايد المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، وتزايد حدة الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وخفض أسعار الفائدة الأميركية، وتراجع المخزونات في الولايات المتحدة.
في جانب تؤدي التوترات في الشرق الأوسط إلى دعم ارتفاع أسعر النفط تخوفا من نشوب حرب شاملة، كذلك زيادة التوترات بين روسيا وأوكرانيا عقب حصول الأخيرة على أسلحة طويلة المدى تستطيع الوصول إلى داخل روسيا. كما عزز من صعود الأسعار تراجع العملة الأميركية مع قرار الفيدرالي الأميركي بخفض الفائدة بواقع 50 نقطة أساس، متجاوزاً توقعات الأسواق، ما عزز إقبال المستوردين وحائزي العملات الأخرى، نظرا إلى أن النفط سلعة مسعرة بالدولار.
في الجانب المقابل في الغالب تؤدي تخفيضات أسعار الفائدة إلى تعزيز النشاط الاقتصادي وزيادة الطلب على النفط، لكن هناك من فسر خفض الفيدرالي 50 نقطة على غير المتوقع بأن الاقتصاد الأميركي بدأ مرحلة الركود. كما تلقت السوق إشارات سلبية مع تباطؤ إنتاج مصافي التكرير في الصين للشهر الخامس في أغسطس، وتباطؤ نمو الناتج الصناعي الشهر الماضي إلى أدنى مستوى له منذ 5 أشهر، كما أدى إلى ضعف مبيعات التجزئة وأسعار المساكن الجديدة.
لذلك قلنا إن أسعار النفط سوف تظل خاضعة للتقلب في الفترة القادمة.
مستقبل الذهب
*هل تعتقد أن الذهب سيستمر في تحليقه وهل ضعف الدولار هو السبب.
-سجلت أسعار الذهب مستويات قياسية جديدة ويتوقع المحللون المزيد من الأرقام القياسية، حيث يتوقع البعض أن يصل المعدن إلى 3000 دولار للأونصة العام المقبل.
وتأتي الارتفاعات المتتالية مدفوعةً بحماسة المستثمرين إزاء خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وأسهم تصاعد التوتر الجيوسياسي والشراء القوي للذهب من بنوك مركزية أيضاً في رفع أسعار الذهب بأكثر من 20 بالمئة حتى الآن هذا العام.
ويرى محللون إن أسعار الذهب تميل إلى الارتفاع مع حالة عدم اليقين التي تسود العالم في إشارة إلى أن عام 2024 هو عام الانتخابات الرئاسية الأميركية، وتزايد التوترات في الشرق الأوسط ، وهناك عامل آخر يدفع أسعار السبائك وهو زيادة احتمالات خفض أسعار الفائدة من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي في الفترة المقبلة. فقد عزز اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في ايلول سبتمبر ثقة المستثمرين في المزيد من الخفض في أسعار الفائدة.
الرئاسة الاميركية
*هل تتوقع حصول تغيير اقتصادي ومالي في الولايات المتحدة في حال عودة دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة.
-برأي، سوف يسعى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، حال عودته إلى التراجع عن الكثير من عمل إدارة بايدن بخصوص مكافحة تغير المناخ، وإطلاق جهود جديدة لتوسيع إنتاج الوقود الأحفوري.
ومن أبرز المتغيرات المرتقبة أن تنهي رئاسة ترامب الجديدة بسرعة الإيقاف المؤقت لتصاريح تصدير الغاز الطبيعي المسال الجديدة التي نفذها الرئيس الأميركي جو بايدن هذا العام في انتظار مراجعة آثارها البيئية والاقتصادية. وأصبحت الولايات المتحدة أكبر مصدر للغاز فائق التبريد في العالم بعد أن دفع الغزو الروسي لأوكرانيا حلفاء الولايات المتحدة إلى البحث عن بدائل للغاز الطبيعي الروسي، وهو ما يمثل نعمة لمطوري الغاز لكنه مصدر قلق للمدافعين عن المناخ والبيئة.
ومن المرجح أيضاً أن يحاول البيت الأبيض في عهد ترامب إلغاء القاعدة القادمة من وكالة حماية البيئة لفرض رسوم على صناعة النفط والغاز تتراوح بين 900 إلى 1500 دولار للطن الواحد مقابل انبعاثات غاز الميثان. وتم اعتماد هذا الإجراء كوسيلة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة القوية، لكنه يواجه مقاومة شديدة من شركات الحفر وخطوط الأنابيب التي تشعر بالقلق من أنه سيضر بإيراداتها النهائية.
كما وعدت حملة ترامب بسحب الولايات المتحدة مرة أخرى من الاتفاق الدولي لمكافحة تغير المناخ . وقد سحب ترامب الولايات المتحدة من اتفاق باريس خلال فترة ولايته الأولى، لكن بايدن سرعان ما تراجع عن هذه الخطوة بعد انتخابه وحاول منذ ذلك الحين استعادة مصداقية الولايات المتحدة وقيادتها في جهود المناخ العالمي.
العملات الرقمية
*تخطط معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة لإحلال العملات الرقمية بدلا من العملات الرائجة حاليا بحجة مكافحة تبيض الاموال هل هذا صحيح ام أن هناك اهداف أخرى.
-تواصل البنوك المركزية حول العالم التفكير في إصدار عملات رقمية (عملات البنوك المركزية الرقمية). وقد اتخذت بعض البنوك المركزية بالفعل خطوات في هذا الاتجاه. فقد أطلق بنك الشعب الصيني تجربة عملة الرنمينبي الرقمية e-CNY في شنتشن في عام 2020 ثم وسع استخدامها منذ ذلك الحين إلى مدن أخرى. والآن يختبر بنك السويد المركزي عملة الكرونا الرقمية e-krona للمدفوعات التجارية ومدفوعات التجزئة. وحتى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أصدر ورقة بحثية تستكشف مزايا وعيوب عملات البنوك المركزية الرقمية.
تتلخص إحدى الحجج في أن عملات البنوك المركزية الرقمية ستعمل، من خلال توفير الوصول الرقمي لكل من يحمل هاتف خلوي أو بطاقة ذكية، على توسيع تكنولوجيا المدفوعات الحديثة والشمول المالي إلى جماهير الناس.
علاوة على ذلك، تشعر الحكومات بعدم الارتياح على نحو متزايد إزاء اعتمادها على الدولار كأداة مهيمنة في المعاملات الدولية ، نظرا للجوء الولايات المتحدة إلى العقوبات المالية. والأمل أن عملات البنوك المركزية الرقمية ربما تعمل على توفير بديل رقمي.
ويتمتع الأشخاص الذين يستخدمون العملة في معاملاتهم بالفعل بتجهيل هوياتهم بالطبع، لكن المرء يستطيع أن يتخيل معاملات أخرى تتضمن تحويلات مصرفية تنفذ باستخدام عملات البنوك المركزية الرقمية بدلا من ذلك. ويخشى القائمون على البنوك المركزية وآخرون أن تعمل البنوك التجارية بلا وسيط ــ أي أن تتحول المعاملات المنجزة عن طريق التحويلات المصرفية إلى عملات البنوك المركزية الرقمية. ومع سرية المعاملات، قد يسمح هذا للمخاطر المالية واختلالات التوازن بالتراكم بعيدا عن أنظار الهيئات التنظيمية. لهذا السبب، نحن نعتقد إن البنك المركزي الأوروبي كان حكيما في التحرك ببطء في اتجاه إصدار عملات البنك المركزي الرقمية.
مجموعة بريكس
*ما مستقبل مجموعة بريكس في مواجهة الولايات المتحدة وهل تعتقد أن الدولار سيبقى على حاله
-ابتداء من العام 2024 انضمت خمس دول رسميًا إلى مجموعة “البريكس”، وهي مصر والسعودية والإمارات وإيران وأثيوبيا.
وتتيح توسعة المجموعة على ذلك النحو قوة دفع هائلة للمجموعة التي تسعى لإحداث التوازن على الصعيد الاقتصادي، وتنافس مجموعة السبع، لا سيما بالنظر إلى ما تزخر به الدول الجديدة من مقومات.
وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، فإن الناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة “بريكس” يمثل 28.3 بالمئة من الاقتصاد العالمي في العام 2023، وذلك بعد موافقة التكتل على توسيع عضويته. كما أن دول المجموعة تسيطر على 20 بالمئة من التجارة العالمية، وفق بيانات منظمة التجارة العالمية.
وتسعى المجموعة إلى أن ينعكس التوسع بأعضائها التفوق عملياً من خلال توسعة نشاطاتها الاقتصادية الرامية لمواجهة هيمنة الدولار الأميركي، ليضيف التوسع بدوره إلى قوة المجموعة الهادفة إلى أن تكون محركاً لنظام عالمي جديد، وأن تقود مجموعة تغيرات ديناميكية على الخارطة الاقتصادية الدولية.
ومن المنتظر أن يلعب التكتل بعد مضاعفة أعضائه دورًا في تحقيق التوازن الاقتصادي حول العالم، والهيمنة الاقتصادية لبعض الدول الكبرى، كما أن الدول المنضمة تضع عليه آمالًا كبيرة ليمثل لهم فرصًا اقتصادية واعدة.
المصدر: مجلة 24