كتبت ريتا شمعون
بحسب كلمة لبنان المذكورة في مؤتمر بروكسل، والتي ألقاها وزير الشؤون الإجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار، يؤدي النزوح السوري في لبنان الى تجفيف إحتياطات العملات الأجنبية بحيث أن النازحين يستفيدون من الخدمات المدعومة من الدولة :
- الخدمات الطبية الإستشفاء والدواء
- المواد الغذائية كالخبز وغيره
- مصادر الطاقة كالكهرباء والمحروقات والمياه
هنا يكمن بيت القصيد، وكأن لبنان الغارق في لجج الفساد لم يكن كافيا حتى أضيفت الى ” العتمة” مشكلات التعديات على الشبكات والمحولات وخطوط النقل من قبل عصابات سورية هذه المرّة يقطن أغلبهم في مخيمات اللجوء المنتشرة في لبنان.
ويظهر واضحا من خلال المسح الذي أجرته وزارة الطاقة بالتعاون مع الأمم المتحدة أن المنطقة الأكثر إستهلاكا للطاقة الكهربائية ” ببلاش” من قبل النازحين هي في بيروت وجبل لبنان حيث يصل معدل إستهلاك الطاقة فيها الى 142 ميغاوات وهي النسبة الأعلى في لبنان.
صحيح أن المشكلة الأبرز بحسب ما تشير معلومات وزارة الطاقة تكمن في كيفية إنجاح حملة نزع التعديات والمخالفات على الكهرباء في المناطق اللبنانية ، غالبا ما تكون الحملة مرحلية وتحتاج الى جهود محلية سياسية-أمنية مواكبة واتصالات، لكن كيف إذا ما تمّت سرقة الشبكة المحلية في المخيمات ويصبح هناك عشرات التعديات؟ وهل تجرؤ على إعلان إرادتها نزع التعديات؟
هذه المشكلة التي أضافت اليها الفوضى العارمة المترافقة مع انقطاع الكهرباء عامل التعدي على الشبكة من قبل مخيمات النازحين بالإضافة الى عامل سرقة كابلات الكهرباء وعواميد التوتر العائدة لمؤسسة كهرباء لبنان وكأن هذا القطاع لا يكفيه ما يعانيه من الويلات بحسب مدير عام الإستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون في حديث خاص لموقعنا journal a lire .
وقبل الحديث عن كلفة النزوح السوري يوضح مسألة الهدر قائلاً: : يتوزع الهدر في لبنان على مكامن عدة منها الهدر التقني على الشبكة والهدر الفني، فيما خص الهدر التقني لطالما عانى القطاع من ضعف كفاءة المعامل وخطوط نقل الكهرباء العاملة حاليا على الشبكة فيضيع من انتاج الكهرباء ما بين 9 الى 12 % ونحو 60 % هدر فني وسرقة .
أما المشهد الحالي، ينذر بأن زيادة التعرفة قد تأتي بنتائج عكسية جراء ارتفاع وتيرة عمليات سرقة التيار الكهربائي أو الكابلات الكهربائية وأسلاك النحاس مما يؤدي الى انقطاع الكهرباء عن المناطق التي تتعرض لهذه السرقات أو إمتناع المشتركين عن تسديد قيمة الفواتير المضخمة أو إلغاء إشتراكاتهم سائلاً : كيف يمكن للبنانيين أن يتدبروا في ظل هذه الأزمة الإقتصادية الصعبة تسديد ثمن فاتورتين الأولى بملايين الليرات اللبنانية لمؤسسة كهرباء لبنان والثانية بالدولار لأصحاب المولدات الخاصة؟
وأضاف، إذا كان مشروع نزع التعديات وتخفيض الهدر الفني هو من مسؤولية مقدمي الخدمات الذي يعود الى العام 2012 حيث وقعت وزارة الطاقة عقودا مع ثلاثة مقدمي خدمات لمؤسسة كهرباء لبنان وتتضمن أعمالا مختلفة منها نزع التعديات ، هل حقق هذا المشروع أهدافه، وعالج الهدر الفني؟عمليا، فشل المشروع في بلوغ الأهداف وبقي متعثرا ولم ينجز وفقا للعقود الموقعة مع الشركات، ورغم ذلك مددّت العقود مرة بعد أخرى مع تسديد كامل المتأخرات بالدولار الفريش بدعم من الحكومات المتعاقبة واصفا حملة نزع التعديات” بالمسرحية” التي لم ولن تنجح .
وأكد بيضون، أن إستهلاك الطاقة الكهربائية من قبل النازحين والتعدي على الشبكة الكهربائية من قبل هؤلاء بنسبة عالية تصل الى حدود 330 مليون دولار أميركي على ذمة البنك الدولي في تقريره في العام 2019 والسبب يعود الى استهلاك النازحين الى قرابة 500 ميغاوات واستنزاف الطاقة من دون دفع أي بدلات والمشكلة تكمن في التعديات على الشبكة التي يقوم بها هؤلاء لافتا بيضون، الى ان الدولة هنا لا تستطيع ان تفعل اي شيء في هذا المجال لمنع هذه التعديات.
ورأى بيضون أن الحلّ الشامل لموضوع الكهرباء يكون بإقصاء من تولى وزارة الطاقة على مدى 10 سنوات التي استلمتها جهة سياسية مؤكدا أن كل خطط الكهرباء لم تعد اليوم تتناسب مع الواقع ، فالقطاع يحتاج الى إصلاح هيكلي وإستثمار رأسمالي .