من حقّنا أن نكتب الملاحم بحبر أجسادكم المشلوحة في الطرقات والساحات وعلى الأبواب أبواب السجون والقبور، لطالما يخطف هولاكو الأوكسجين من الهواء قبل أن يدخله إلى أنوفكم . من حقّنا أن نشحذ قوانين السماء والأرض في وجه هولاكو وسياسييه ، ونكتب بالعصي والبنادق إن سقطت بقايا أصابعنا تحت أسنان هولاكو التي تغطي سماء لبنان والتي تملأ ذريّته أنحاء لبنان.
لا بدّ من قتل الهولاكويين يعبثون بفقر الشعب. يمكن قتلهم بكرسي أو بإبريق ماء أو بمزهرية زجاج من تلك المصفوفة في قصورهم تفجّ الرأس وتريح حناجرنا وعائلاتنا من عصر الجوع والقهر المستحيل المتنامي فوق بيادر لبنان الجرداء.
ولماذا يلاحقنا إجرام هولاكو بهذا الجنون فلا نتمكّن في القفز على فمه الطافح بالكوارث والخرائب وبرامج الحقد التي طافت بها موسوعات الأمراض؟
إنّه وكأنّه حفيد “بروكرستوس”، الحاكم الإغريقي الأسطوري والأبدي الذي صنع لبنان سريراً لنفسه، ووضعه في ساحات لبنان ومدنه وقراه ودساكره وأسرّته بعدما غادر مملكة الوحوش. من كان أقصر من سريره شدّوا رجاله بجسده ومطّوا بعنقه وبأطرافه حتى يفارق. ومن جاء أطول من سريره قطعوا له رجليه من تحت أو رأسه من فوق حتّى يفارق أيضاً.
الويل لمن يأتي فوق السرير على طول هولاكو فإنّهم يقطّعون جسده ويمحون ملامحه، فلا تعود تميّز إن كان المقطّع إنساناً في الأساس أو كلباً أو حماراً أو وحشاً غريب الملامح.
عندما قتل هولاكو بمساعدة ذريّته معظم اللبنانيين، لم يجد في وجهه سوى امرأةٍ، لربّما تصوّر للحظةٍ أنها زوجته ولها عين يقظة في كل مسامٍ من جسدها. وعندما قرّر قتلها فوق مساحة لبنان ، بدت من حوله جبال متراكمة من الجثث اللبنانية المقطّعة طعنته بسيوفها قبل الموت لتنفذ إلى الوحش المحشو بالمصارف وكبريات الشركات وأصناف التجار ومجلّدات الإحتيالوبيوت المال وبةاخر شحن الأموال، راحت تلك المرأة تهمس للناس الموات بالعمل لإعادة بناء لبنان الجديد.
نحمل السراج كلّنا ونمضي بحثاً عنها إمرأةٍ لربّما تخلّصنا من دزّينة هولاكيين يقبضون علينا جميعاً وقد قضوا على لبنان.
هناك فسحة ضوء أو كوّة ولادة وطن يسقط من رحم امرأة.
يبس لبنان وهو ينتظر الإشارات من خارج، يحوم في سماوات العالم ليحطّ من دولةٍ لأخرى ومن مائدةٍ لأخرى ومن أمام قصر إلى آخر مستعطيّا السيادة أيها السادة. تعفّنت حضارة الرجال ولم نجد في ضلوعهم سوى تواريخ تتكدّس من الأكاذيب والسرقات، فقد تعمّم الخصاء، ولا بدّ من غادةٍ / إمرأةٍ تُخرج الوطن من ضلعها.
قالت الأسطورة: خرجت حوّاء من ضلع آدم، والعكس هو الصحيح في لبنان المُعاق. لن يخرج لبنانكم إلاّ من ضلع إمرأة يا قاتلي أجنّة التطوّر والتقدّم.
القيامة الحقيقية في قيامة القضاء. لذا قد يمشي الحبر سعيداً إلى قضاء أو قاضية تمسح وجه القضاة والعدليات الضائعة المتعرّقة بين صراخ الأحياء وصلاة الأموات حرقاً للطقوس الطائفية الشخصانية والعائلية وتقديس حسم عبور الزواريب والمزاريب الضيقة المركبة والمستوردة والمعروفة حتى من أطفال لبنان.
أنتم بين خيارين: إمّا تشريع الأبواب والأذهان للقوانين والحق والإنتظام والأحكام والقوانين العادلة أو التمادي بالخضوع لسموم لأفاعي اللاذعةوحرق لبنانكلّ يومٍ وهو ليس أكثر من زنبقة مشكولة يبست بطرف شفتين عظميين بين الشرق والغرب تهمس في أذن الدنيا:
فليمت هذا الوطن المستورد ولنعمل على غربلة مواطنيه وسكّانه فوق صفحة المتوسط طعماً للأسماك والحيتان الجائعة أو دفعً نحو سلالم الطائرات والبواخر الشاردة وأرصفة الدنيا.
( باريس أوّل آذار2023)
أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه
عضو الهيئة العليا للإشراف على الإنتخابات