أكد نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي في بيان، أن «السجال الدائر حول سعر الصرف الذي يجب اعتماده لتحديد رسوم الاستيراد، أو ما يعرف بـ»الدولار الجمركي»، تشعب بشكل واسع النطاق ودخل حلبة الكباش السياسي الحاد، وكثرت التحليلات والتفسيرات التي جاءت بمعظمها معارضة لرفع الدولار الجمركي».
وقال: «صدرت معظم هذه المواقف عن قطاعات وجهات تعتقد أنها ستتضرر من هكذا زيادة ولكن من دون الأخذ بالاعتبار ما لاستمرار تطبيق سعر الصرف الرسمي من وقع سلبي على إيرادات الموازنة والوضع المالي عموما، ومن عواقب وخيمة على الوضع الاقتصادي بشكل أشمل. ثمة ضرورة ملحة لتعديل سعر الصرف من أجل إعادة الانتظام إلى المالية العامة وتغطية نفقات القطاع العام وتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين وإرساء الاستقرار الماكرو اقتصادي المطلوب لتحفيز النمو وخلق فرص عمل وتخفيض مستوى الفقر. لذا من الواجب مقاربة هذه المسألة بتجرد وحصر النقاش في هذا الموضوع بالذات من دون محاولة ربطه بأمور أخرى متشعبة وعميقة تحتاج معالجتها الى مزيد من الإجراءات والوقت. من الطبيعي أن يرتبط قرار رفع سعر صرف «الدولار الجمركي» بتحسين الجباية ومكافحة التهرب الضريبي والذين لن تظهر نتيجتهما فورا، بل عبر مسار طويل يجب العمل عليه بالتوازي، ولكن من دون جعل النتائج المرجوة شروطا مسبقة لتعديل سعر الصرف».
أضاف: «في هذا الخصوص، أجد من المهم توضيح الأمور التالية: إن معظم المعاملات في لبنان لا تتم على سعر الصرف الرسمي، بل على سعر صرف السوق باستثناء الضرائب والرسوم الجمركية التي تشكل السواد الأعظم من موارد الخزينة ما ينتج فجوة شاسعة بين الإيرادات والنفقات. بالإضافة لذلك، فوجود أسعار صرف متعددة يفسح مجالات وفيرة للتلاعب ويخلق تشوهات كبيرة في الاقتصاد الوطني. في هذا الإطار، من المفضل ربط «الدولار الجمركي» بسعر الصيرفة والذي سيصبح السعر الرسمي الوحيد عندما تلغى جميع أسعار الصرف الأخرى لتتحول منصة صيرفة إلى منصة فعلية لتلقي العرض والطلب على الدولار والعملات الأجنبية الأساسية الأخرى وذلك تبعا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أقرَّته الحكومة اللبنانية. فمن الضروري توحيد أسعار الصرف تمهيدا لاعتماد سعر صرف مرِن يعكس الأساسيات الاقتصادية والمالية والنقدية. إن ربط الدولار الجمركي بسعر صرف المنصة سيؤدي الى تحركه بشكل تلقائي ويغني عن اللجوء دوريا الى نقاش وسجالات تؤدي الى ضياع المزيد من الوقت الذي نحن بأشد الحاجة اليه. أما إذا نتج عن مستوى الرسوم الجمركية المستوفاة ضرر بالاقتصاد و/أو بالفئات ذات الدخل المحدود، فيمكن عندها عبر السياسة الضريبية تعديل نسبة الضريبة من دون المس والتلاعب بسعر الصرف المعتمد. بمعنى آخر، من غير المسموح متابعة استعمال سعر الصرف كوسيلة – أثبتت فشلها – لتحقيق العدالة الاجتماعية. تتم معالجة الفروقات الاجتماعية أيضا من خلال شبكات الأمان الاجتماعي وليس من خلال سعر الصرف كما حدث في الماضي. فمعاناة الناس القاتلة وهموم الحياة اليومية وصعوبة تأمين أدنى مقومات الحياة الأساسية للغالبية العظمى من المواطنين يعالج من خلال سياسات إصلاحية تخفض نسبة التضخم وتحفز النمو وتخلق فرص عمل وليس باتباع سياسات آنية قد تكون مقبولة شعبيا ولكنها قد تزيد من حدة الأزمة في المستقبل».
وتابع: «إن موازنة 2022 قد أعدت أصلا على أساس سعر صرف 20.000 ل.ل. للدولار وهو السعر الذي كان سائدا في ذلك الوقت وعلى أساسه قدِّرت الإيرادات والنفقات. وهذا قلَّص بدوره من قدرة تحصيل إيرادات الدولة وفاقم من حدة الأزمة التي نعيشها اليوم. لقد أصبحت الحاجة ماسة لتصحيح الأجور في القطاع العام كما لزيادة إيرادات الدولة.