“لا تتدخل في الخبز”، نصيحة قدمها ” تورغوتهي” المستشار الاقتصادي للملك الفرنسي “لويس السادس عشر” [١٧٩٢/١٧٥٤ في الحكم من ١٧٧٤ إلى١٧٩٢]، ولكنه لم يعمل بها، بل استمر في في إخفاء القمح عن عامة الشعب الفرنسي في “سجن الباستيل” المحصّن بباريس،.
وفي الوقت نفسه خاطبت زوجته “ماري أنطوانيت”(التي كان قد تزوج منها وهو في عمر الخامسة عشر، و كانت هي في سن الرابعة عشر)، قالت للشعب الجملة التاريخية المتواترة :” إذا لم تجدوا الخبز، كلوا البسكويت أو الكيك”..!! فكان رد ” عامة الشعب” ثورته على الحكم الإلغائي المطلق في ١٧٨٩/٧/١٤، التي أُطلق عليها “ثورة الخبز”.
وانطلقت شرارة هذه الثورة باقتحام “عامة الشعب” سجن “الباستيد”(كان قد شيّد مابين ١٣٧٠م-١٣٨٣م، وكان اسمه الأصلي “الباستيل” اي “الحصن” للدفاع عن باريس من ناحية الشرق، وكان له قومندان “آمر الحصن” أو “الضابط” رئيس حاميته يُدعى “كابتن الباستد”، ثم تحوّل الى سجن منذ ١٤٢٨م)، وكان رمزاً لـ”الطغيان” ولـ”التعذيب” ولـ”ظلم الحكم المطلق”.
وسجن فيه حتى ١٧٨٩ حوالى ٦٠٠٠ سجين منذ عهد “لويس الرابع عشر”، [١٧١٥/١٦٣٤]في الحكم من ١٦٤٣ إلى ١٧١٥]، و”لويس الخامس عشر” [ ١٧٧٤/١٧١٠ في الحكم من ١٧١٥ إلى ١٧٧٤]، وبحسب الروايات التاريخية تسند إليهما مقولة “أنا الدولة والدولة أنا”، و”لويس السادس عشر” الذي قامت “الثورة الفرنسية الكبرى” في عهده.
وكان اقتحام سجن الباستيل من قبل عامة الشعب الفرنسي للحصول على القمح الذي كان يخزّن فيه، والسلاح، ولا تزال فرنسا منذ عام ١٨٨٠ تحتفل بيوم اقتحام “الباستيل” في ١٧٨٩/٧/١٤، باعتباره “اليوم الوطني” لفرنسا -أو “العيد الوطني” Fête Nationale-.
صحيح انها “ثورة الخبز”، و”الثورة على الفقر والظلم”، ولكن لولا “العقول المستنيرة” -أي الفلاسفة السياسيون” وفي مقدمهم “ڤولتير”[١٧٧٨/١٦٨٤] و”مونتسكيو” [١٧٧٥/١٦٨٩]، و”روسو”[١٧٧٨/١٧١٢] ، والذين قادوا “النهضة الأوروبية الثانية” في أوروبا (الاولى كانت في أواخر القرن الخامس عشر) لما نجحت “الثورة” وبقيت حتى في الفترة ما بين [١٧٩٣/٩/٥ و١٩٧٤/٧/٢٨]،وهي الفترة التي يُطلق عليها “اللحظة العصيبة” التي التهمت فيها أبناءها، بالرعب الثوري، والذي يُسمّى بـ”الارهاب” -terrorism-
والذي قاده “روبسبيير”[١٧٩٤/١٧٥٨] الذي كان يعشق سياسيًا “مونتسكيو”، ضد “الثورة المضادة” من تكتلات “النظام القديم” وقضت هذه اللحظة عليهم وبقيت “الثورة الكبرى”، والتي أصبح شعارها كما صاغه “روبسبيير” في خطاب له في ١٧٩٤/٢/٥ “حرية”.. عدالة.. إخاء” وحذف منها الكلمة الرابعة أو “الموت”.
لقد قفزت إلى ذاكرتي مشورة “لا تتدخل في الخبز”، وأنا أتابع الأحداث المستجدة في ما تبقى من لبنان،منذ الأربعاء الماضي، مع أن تبعات رفض هذه الاستشارة من الملك “لويس السادس عشر” أي “ثورة الخبز”، لاتزال بعيدة الحدوث في لبنان كان ياما كان..!!
يحيى أحمد الكعكي