أفاد التقرير الفصلي لبنك عوده أنّ «جميع القطاعات شهدت تراجعاً متواصلاً في الفصل الأول من العام 2021 بالمقارنة مع الفترة المماثلة من العام 2020، حيث سجل قطاع التجارة والخدمات التقلص الأبرز».
واشار الى ان صندوق النقد الدولي توقع أن يسجل الاقتصاد اللبناني انكماشاً نسبته 9 % في العام 2021 بعد انكماش نسبته 25 % في العام 2020.
واضاف انه وفق الصندوق ، فإن لبنان هو البلد الوحيد في المنطقة الذي من المتوقع أن يسجل تقلصاً إضافياً في اقتصاده الحقيقي، ما يعكس عمق الأزمة الاقتصادية والمالية التي يرزح تحتها والتي زادتها حدّة الموجة الثانية من جائحة كورونا. كذلك، يتوقع البنك الدولي انكماشاً في الاقتصاد بنسبة 9.5 % في العام 2021، بعد انكماش نسبته 20% في العام 2020 وفق تقديرات البنك.
وقال التقرير إن تطور معظم مؤشرات القطاع الحقيقي هذا العام إنما يعكس أداء الاقتصاد الوطني الآخذ في الانكماش.
ولفت في موازاة ذلك،الى ان مؤشر أسعار الاستهلاك سجل نمواً نسبته 148.9 % في آذار 2021 بالمقارنة مع آذار 2020، ما يشير إلى أن البلاد وقعت بالفعل في فخ الركود التضخمي.
على صعيد القطاع المصرفي،اشار تقرير بنك عوده الى ان آخر الإحصاءات المصرفية اظهرت تراجعاً مستمراً في الودائع والتسليفات هذا العام وإن بوتيرة أبطأ بكثير عما كانت عليه خلال العام الماضي، وانخفاضاً مستمراً في معدلات الفوائد ترافق مع زيادة في السيولة المصرفية الأولية في الخارج. وفي حين أن الموجودات المصرفية ظلت مستقرة منذ بداية العام الجاري، تراجعت ودائع الزبائن بقيمة 2191 مليون دولار في الفصل الأول من العام 2021 (بالمقارنة مع تقلص أبرز قيمته 9273 مليون دولار في الفترة نفسها من العام 2020) بحيث بلغت قاعدة الودائع زهاء 136.9 مليار دولار في آذار 2021 مقابل 139.1 مليار دولار في نهاية العام 2020 و158.9 مليار دولار في نهاية العام 2019 و174.3 مليار دولار في نهاية العام 2018.
واكد التقرير ان هنالك مسؤولية مشتركة بين مختلف العملاء الاقتصاديين حول المعضلة القائمة حالياً في البلاد، لكنه شدد على انه «لا ينبغي أن نتجاهل حقيقة أن الاختلالات الحقيقية كانت مدفوعة بالإنفاق المفرط لاقتصاد عاش لعقود بما يفوق إمكاناته في ظلّ سياسات محلية غير تقليدية وسوء إدارة من جانب الدولة».
وعن الخيارات المتاحة مستقبلاً، قال ان «هناك خيارين، الخيار الأول الذي يجب تجنّبه بكافة الطرق يتمثّل بسيناريو المراوحة والجمود واللا اصلاح على مستوى الدولة والذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى الفوضى المطلقة، في حين أن الخيار الثاني يقوم على إعادة هيكلة منتظمة وفق برنامج إصلاحي مع صندوق النقد الدولي من شأنه أن يكون المفتاح للتصحيح الضروري للوضع المالي بشكل عام».
واضاف «إن خيار إعادة الهيكلة المنتظمة يجب أن يترافق مع الالتزام ببرنامج لصندوق النقد الدولي يشمل الإصلاحات الهيكلية والمالية المطلوبة من قبل حكومة عتيدة ذات صدقية، ما من شأن ذلك أن يساهم في استعادة الثقة وإطلاق مساعدات مؤتمر «سيدر» واستثمارات أخرى في الاقتصاد الوطني. وهو ما يجب أن يعتمد على إعادة هيكلة القطاع العام للحدّ من حاجاته الاقتراضية، إنشاء صندوق سيادي يتضمّن قسطاً من أصول الدولة اللبنانية يقدّر بحوالي 30 مليار دولار لسدّ الثغرة القائمة بالعملات الأجنبية، ضخّ السيولة في القطاع المصرفي من خلال خطوط ائتمانية مقابل احتياطي الذهب، ناهيك عن تحرير سعر صرف العملة الوطنية ما من شأنه أن يخفّض من الدين العام بالليرة اللبنانية، ومن ثمّ البدء بمفاوضات جدّية مع حاملي سندات اليوروبوندز السيادية».
واوضح التقرير ان « الهدف المطلق من هذا الاتجاه هو ضمان توزيع عادل ومنصف للخسائر بين جميع العملاء الاقتصاديين، وتخفيض الدين العام إلى مستويات مستدامة أي بحدود 100 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتحرير جزء من أموال المودعين دون التطرّق إلى إجراءات Haircut، وأخيراً المساهمة في إعادة الثقة في الاقتصاد الوطني وفي القطاع المصرفي لتعزيز القدرة على إعادة جذب الأموال إلى الاقتصاد المحلي بشكل عام».