خصوصًا “حرية العقيدة والمساواة والكرامة الإنسانية، ومدافعاً صريحًا عن “الإصلاح الاجتماعي” بالرغم من القوانين الصارمة والعقوبات القاسية في عصره.وكان واحدًا من أشهر الشخصيات الفكرية البارزة في “عصر التنوير” إلى جانب “مونتسكيو” الفرنسي -(1689- 1755)-، و”جان جاك روسو” الفرنسي -(1712- 1778)-، و”جون لوك” الإنكليزي ـ(1712- 1778)-، و”توماس هوبز” الإنكليزي -(1588- 1679)-، وكانت أفكارهم هي الأرضية الفكرية للثورتين :”الأميركية -1765″- ، والفرنسية ” 1789/7/14.
وكان أديبًا وفيلسوفًا غزير الإنتاج في كل الأشكال الأدبية: الشعر، المسرحيات، الروايات، المقالات، الأعمال التاريخية والعلمية، وفن الخطابة.. ترك أكثر من عشرين ألفًا من الخطابات، وأكثر من ألفين من المؤلفات، ومن أشهر آثاره: “رسائل فلسفية” (1734)، و”زاديغ” – أو “صادق”-، ونقلها إلى العربية عميد الأدب العربي “د. طه حسين” (1889- 1973) تحت إسم “القدر”، و”كانديد” -أو الساذج (1759)، و”المعجم الفلسفي” (1764).
من أقواله التي اخترتها اليوم عنوانًا لقراءتي، والتي تلخّص “المشهد السياسي” الحالي في “لبنان جائعون” هي قوله: “السياسة هي صفة الأشخاص الذين هم من دون مبدأ، ويديرون (ويمكن القول يحكمون) أشخاصًا من دون ذاكرة”.. وأضيف ، ويمكن القول عن الاشخاص الذين هم من دون ذاكرة، أي المصابون بفقدان الذاكرة، لأنهم لم يتعلموا من تجاربهم مع هكذا أشخاص غير مبدئيين مرات عدة ..!!
وهذا القول يتشابه الى حد ما مع قول للفيلسوف اليوناني “أفلاطون” صاحب حلم “المدينة الفاضلة” -427ق.م/ 347ق.م- (استاذه الفيلسوف اليوناني “سقراط” -470ق.م/ 399ق.م-، وتلميذه الفيلسوف اليوناني “أرسطو” -384ق.م/ 322ق.م-) وقوله الحكيم هو: “لو أمطرت السماء حرية لرأيت بعض الأشخاص يحملون المظلات”..!!
وعلى ذلك يمكن التأكيد على إنّ “المبدأ” هو ذلك الوجه الجمالي المعبّر عن حقيقة الإنسان وفضائله، أي انه ميزة حسنة فينا كبشر ، ما دمنا في عالم الوجود، وفي عدمه ينعدم صاحبه.
وبعبارة أخرى: إن “المبدأ” إذا قام على خصوصيات إنسانية جليلة، وقِيَم سمحة، فإنه يعبّر عن صورة الشخص الذي يحمله من حيث طبيعته وأعماله وأفكاره وأهدافه؛ فهو الأسّ في هذه الحياة بشتى مناحيها، وإنه الوجه الذي يحفظ كرامتنا، ولتقم حياتنا على “مبدأ” ، كي نحفظ وجه كرامتنا، والكرامة في هذا المساق معناها ” إنسانية الانسان”..
وحينما تضيع “القِيَم” وتُقتَل المبادئ، يَطغى كل شر، ويسود الكذب، ويعم النفاق، وتكثر الخيانات، وتقل البركة (الإنهيار المالي والاقتصادي) ، ويزيد الفساد. كما هو حال “لبنان جائعون”، والذي تسبّب في كل هذه الكوارث “الاجتماعية – السياسية” أشخاص من دون مبدأ يديرون سفينة الحكم في هذا ال”لبنان المعذّب”..!!
إذًا، خير من يحكم “الوطن” هم الأشخاص “ذوي المبدأ”، أي أصحاب الرؤية الصادقة، ورسالة “المساواة والعدالة والكرامة والمشاركة الكاملة لكل المواطنين في المجتمع” متمتعين بجميع حقوقهم المدنية..
أي ان ما نفتقده اليوم في “لبنان جائعون” هم الحكام “الأقوياء” و”الأمناء”، أصحاب المبادئ والقِيَم، والذين بهم يبقى “لبنان الكبير” على قيد الحياة.. قبل أن يغرق في قاع “الإختفاء” بعد ما إجتاز بايدولوجيتهم “الالغائية- النرجسية” مرحلتي “الإنهيار والذوبان”..!!
يحيى أحمد الكعكي