يعاني قطاع العقار في لبنان، في الوقت الراهن، حالة من عدم الاستقرار، خصوصا بعد الأزمة الاقتصادية التي تعصف به. فيما تعجز البنوك عن سداد أموال مودعيها بالدولار الأميركي وسط تهريب أموال المودعين والمصارف الى الخارج.
وأدى هذا الوضع إلى إضعاف الثقة في القطاع المالي اللبناني، فاتجه أصحاب رؤوس الأموال إلى الاستثمار في العقار على أمل أن يشكل عامل استقرار نسبي يحافظ فيه المستثمر على ماله بعد أن فقد الثقة بالبنوك.
ويقول خبراء عقاريون إنه بين عام 2011 ومنتصف 2019، كان وضع سوق العقارات في لبنان متدهوراً بسبب الحرب في سوريا، ونظرا لإحجام مواطني الدول العربية والخليجية تحديداً عن زيارة لبنان بسبب المشاكل الأمنية، كما أن اللبنانيين أنفسهم لم يكونوا في رفاهية تتيح لهم أن يقدموا على الشراء.
ويشيرون الى انه في الربع الأول من 2020، بدأت تظهر على النظام النقدي في لبنان علامات الانهيار، وسرعان ما أدرك المودعون المصرفيون أن العقارات هي الملاذ الآمن للحفاظ على قيمة أموالهم. ويوضحون أنه «في الفترة الممتدة من منتصف 2019 حتى نهاية 2020، شهد بيع الشقق السكنية زيادة هائلة، حيث بدأت المصارف في مقايضة المودعين مع المدينين من أصحاب المشاريع السكنية ما أدى إلى خفض ديون المطورين وتحسين نسبها».
تزامنا مع ذلك، باع العديد من المطورين العقاريين مشاريعهم مباشرة للعملاء الذين كانوا في عجلة من أمرهم لتأمين أموالهم في العقارات، وقام الكثير من لمتخصصين في القطاعات الخاصة مثل الصناعيين والتجار والمستثمرين الذين لديهم تسهيلات مصرفية مؤمنة بالعقارات ببيع بعض هذه العقارات لسداد ديونهم للبنوك.
ويقول الخبراء العقاريون ايضا إنه عندما بدأ المشترون يطرقون أبواب المطورين العقاريين مباشرة أو من خلال بنوكهم أو من خلال وسيط، كان المطورون يقدمون «حسومات» على الأسعار بنسبة 30 في المئة، سرعان ما بدأت في الانخفاض حتى توقفت الحسومات وبدأت الأسعار في الارتفاع حتى وصلت نسبتها إلى ما يقارب 30 في المئة.. حدث تغير في الأسعار بنسبة 60 في المئة، خلال مدة 18 شهراً تقريبا.
اما اليوم فقد أصبحت عملية البيع والشراء أكثر صعوبة، اذ انخفضت الديون كثيراً، ولذلك، لم يعد بائعو العقارات مهتمين بالحصول على الأموال من خلال الشيكات المصرفية، فهم بحاجة إلى دولارات أميركية نقداً، لكن المشترين ما زالوا يرغبون في إخراج ودائعهم من البنوك ، وهذا الوضع أصبح يعيق حركة السوق، وبالتالي شهدت المعاملات العقارية خلال الآونة الأخيرة انخفاضاً ملحوظاً.
العامل الآخر الذي كان له تأثير كبير على السوق في لبنان ، هو انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب من العام الماضي ما اضطر العديد من الشركات إلى إغلاق أبوابها ، وقد أدى هذا الوضع الى زيادة الطلب على الشقق السكنية ولكن للإيجار.
ويؤكد الخبراء ان ليست هناك حركة عقارية للمطورين العقاريين في المناطق التي تعرضت للدمار بعد تفجير المرفأ، لأن معظم الأعمال فيها تجري من قبل المنظمات غير الحكومية وليست من شركات تجارية.
خلال عام 2021، يتوقع أن يكون هناك مستثمرون يصطادون الفرص وسيأتون بدولارات نقدية و يبحثون عن صفقات مع مالكي العقارات الذين قد يضطرون إلى بيع عقاراتهم لأنهم بحاجة الى هذه الدولارات النقدية الامر الذي ربما يحرك السوق قليلاً، مما سيجعله مكافئاً بشكل خاص للوسطاء والمستشارين العقاريين الذين يمكنهم إجراء مثل هذه الصفقات بحسب الخبراء انفسهم.