توسيع سعة المستشفيات لا جدوى منها من دون الإلتزام بالإجراءات الوقائية ونسعى للحصول سريعاً على اللقاح ضمن خطة وطنية
الأطفال معرضون للإصابة ونقل العدوى ولن يحصلوا على اللقاح
يجب الموازاة بين ضبط إنتشار الفيروس وفتح الأسواق
هواجس كثيرة يعيشها اللبنانيون إزاء جائحة كورونا (كوفيد-19) التي يعيش العالم تحت وطأتها، نقلها موقع “جورنال ألير” إلى رئيس اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية، إختصاصي الأمراض الجرثومية الدكتور عبد الرحمن البزري، والذي حثّ بدوره على عدم التفلّت في مواجهة الفيروس مشيراً الى أنّ الطريق لا يزال طويلاً للوصول إلى حماية مجتمعية من الفيروس.
إعداد – ريم وليد شاهين
بداية، أكّد د.البزري أنّ الحديث عن السبب الكامن وراء ظهور الفيروس سواء أكان مفتعلاً أم متطوراً ليس ذي أهمية، لأنّ العالم اليوم يواجه فيروساً خطيراً تطوّر من الخفافيش ليصل إلى الإنسان مروراً بحيوانات وسيطة.
وقال : ” الفيروس نسخة منقحة من فيروسات سبقته مثل السارس الذي انتشر في الصين في 2002، ولكنّه تطوّر بشكل كبير واستطاع إجتياح العالم، ولغاية الآن لم تتمكن البعثة المولجة بالتدقيق وراء سبب إنتشاره من الحصول على الإذن للدخول إلى الصين، البلد الذي شاع منه الفيروس”.
أمّا عن عوارض المرض، فأشار د.البزري أنّ هناك أعراضاً متعددة قد تصل إلى ما يقارب الإثنتي عشر عارضاً، إلاّ أنّ الأعراض الأكثر شيوعاً هي الحرارة، آلام الجسم، ألم في الرأس، ضيق في التنفس، الإسهال، ألم في الحنجرة وأعراض الرشح. وما يجعل الفيروس مختلفاً عن غيره من الفيروسات فقدان حاستيّ الشمّ والذوق، بينما الأعراض الأقلّ إنتشاراً، فهي ألم في الجهاز الهضمي ما قد يسبب النفخة والغثيان والقيء. كما أنّ الطريقة التي يدخل فيها الفيروس إلى الجسم، أشبه باستعمال المفتاح المناسب للقفل المحدّد الموجود في خلايا الجسم كافة ما قد يؤثر على ضعف العضلات لدى بعض الأشخاص.
وعن النسخة المستحدثة من الفيروس، أفاد أنّها أكثر إنتشاراً ولكن ليست أقلّ خطورة، مشيراً إلى أن النسختين ذات خطورة مماثلة.
والسؤال الأبرز الذي يراود كلّ لبنانيّ وكلّ إنسان على الكرة الأرضية، هو عن كيفية إنتقال العدوى في المنزل الواحد، وأجاب د. البزري قائلا: “إنّ طريقة إنتقال العدوى تتأثر بالعلاقة التي تربط بين الشخصين وكلّما غابت مسافة التباعد الإجتماعي بينهما انتقلت العدوى أسرع.
وأضاف : ” بعض الأجسام قابلة للعدوى ولإستقبال أيّ مرض أكثر من غيرها، لذلك كلّ من يتعرّض لأيّ مريض لمدة تصل إلى 15 دقيقة متجزّئة أو متواصلة بدون أدنى إجراءات وقائية يعتبر مخالطاً وقابلاً لإنتقال العدوى”.
وشرح:” إنّ وجود الفيروس في المفرزات الجنسية موضوعاً يتطلب دراسة وشرحاً مفصلاً، ولكن سواء العلاقة الحميمة أو أيّ تواصل بدون إلتزام التباعد أو إرتداء الكمامة قد يعرض الشخص للإصابة” .
ولفت د. البزري الى أن البعض ظنّوا بداية أنّ الفيروس أكثر فعالية لدى المسنين أو لدى المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، لكن حين شهدنا إصابة الشباب وإختلاف شدّة العوارض، وبناء على الدراسات، تبين أن هناك أشخاص لديهم إستعداد لإستقبال المرض بناء على كروموزومات معينة تجعلهم أكثر عرضة للإصابة. كما أنّ هذه الدراسات الجينية انطلقت مع بدء إصابة عائلات بأكملها وموت أفرادها.
و تابع: ” فيما يتعلق بإصابة الشباب، فهناك أيضاً عوامل مؤثرة كالتدخين والوزن الزائد، كما أنّ هناك إستعداد جيني كما ذكرت للإصابة بالفيروس. ومما لا شكّ فيه أنّ الدراسات لا تزال مستمرّة وكلّما اتضحت الرؤية في أمر ما تسارع منظمة الصحة العالمية لتقره”.
وقال د. البزري أنّ الطريق لا يزال طويلاً للوصول إلى ما يسمّى بمناعة القطيع، فذلك لا يتمّ إلاّ بعد إصابة 70% من المجتمع اللبناني، مؤكداً على أننا لم نصل إلى هذه النسبة حتّى الآن.
وعن سرعة إرتفاع عدد الإصابات ومعدّل الوفيات في اليوم الواحد حيث لامس العدد الخمسة آلاف مصاباً وما يقارب العشرين ضحية، أفاد د. البزري أنّ المسؤولية حكماً تقع على المسؤول، لأنّ اللبناني خارج وطنه يلتزم بالقوانين ويطبقها، ولكن نحن اليوم نواجه أمرين الأوّل غياب السياسة الواضحة في إدارة الأزمة والتفلّت، والثاني غياب المسؤولية من قبل الشعب اللبناني الذي يجب أن يلتزم بالتباعد الإجتماعي وبإرتداء الكمامة.
وأضاف : ” التفلّت يؤدي إلى زيادة عدد الإصابات، ومهما حاولنا من مضاعفة إمكانيات المستشفيات وزيادة عدد الأسرّة في وحدات العناية المركّزة، فلن يجدي نفعاً بدون التقيّد بالإجراءات الوقائية وضبط إنتشار الفيروس، كما أن منع التجوّل لن يكون له أهمية إذا ما حرصنا على إغلاق المدارس والجامعات ومنع التجمعات وإغلاق الأسواق. والأمر هنا معقّد لأنّ إغلاق الأسواق يسبب زيادة الإنهيار الإقتصادي لذلك يجب التنسيق أو إيجاد حلول مناسبة توازي بين ضرورة ضبط إنتشار الفيروس وفتح الأسواق”.
وعن فحوصات الدم المتعلقة بدرجة المناعة لدى الشخص ال IGG وال IGM، قال د. البزري إنّ إجراء هذه الفحوصات لمعرفة مدى نسبة المناعة لا تؤكد عدم إمكانية إصابة الإنسان مرة ثانية.
وأشار إلى أنّ نسبة الإصابة مرة ثانية بالفيروس متدنية في لبنان والعالم، مؤكداً على وجود إستثناءات، داعياً إلى التصرف بحرص .
وفيما يتعلّق بأهمية اللقاحات وضرورة سرعة الحصول عليها، أكّد د. البزري أنّ الأمر جار على قدم وساق من أجل الحصول على أفضل العروض وحتّى التبرعات ولكن استناداً إلى خطة وطنية. كما شدّد على أنّ الغاية من اللقاح هو بالدرجة الأولى تحديد إنتشار الوباء ووقف الجائحة، على أن تستكمل دراسة اللقاحات الروتينية في مرحلة مقبلة.
وعن امكانية الخلط بين لقاحين، نفى الدكتور البزري إمكانية القيام بذلك من الناحية الطبية، إلا أنه اشار الى إمكانية الاستحصال على عدة أنواع من اللقاحات، لكن يجب على الشخص أن يلجأ إلى إستخدام نوع واحد منها فقط.
وتابع: ” الأولوية للطاقم الطبي والمسنين كما أصبح معلوماً، ولكن سنسعى ليصبح اللقاح في متناول الجميع، بمن فيهم الذين سبقوا وأصيبوا بالفيروس. أما الأطفال الذين هم دون سنّ السادسة عشرة لن يحصلوا على اللقاح لأنّه على المستوى العالمي لا يوجد تجارب قد أجريت على الأطفال، بالرغم من أنّهم كغيرهم معرضين للإصابة ولنقل العدوى”.
وتوقّع أن ينخفض عدد الإصابات تدريجياً بعد أسبوعين نتيجة الإقفال في حال وجود إلتزام فعلي بالإجراءات الوقائية، موضحاً أنّ نسبة حضانة الفيروس في الأصل تبلغ 14 يوماً، فلنأمل حصول ذلك.
لم يعد رئيس اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية، إختصاصي الأمراض الجرثومية الدكتور عبد الرحمن البزري، اللبنانيين بالعودة إلى حياتهم العادية خلال الفترة المقبلة، ولكنه أمل بأن تقوم الدولة بواجباتها وأن يدرك الشعب أهمية الإنضباط، متمنياً أن يؤدي العامل الإيجابي المنتظر – أيّ اللقاح- دوره ويعطي النتائج المرجوّة خلال سنة لتحقيق الحماية المجتمعية .