نظمت “المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم” في فندق “راديسون بلو” فردان، ورشة عن “تحفيز الانفتاح والشفافية والفعالية البرلمانية – الشراء العام: ركن اساسي في اصلاح المالية العامة”، في حضور رئيس اللجنة البرلمانية لمتابعة تنفيذ القوانين النائب ياسين جابر، مسؤولة برامج البنك الدولي في لبنان منى قوزي وعدد من المهتمين.
بداية، كلمة تقديم من المدير التنفيذي للمؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم ربيع قيس ركز فيها على “أهمية اساسيات الشراء العام في اصلاح المالية العامة”
وتحدث مدير المؤسسة الدكتور أنطوان مسرة، عن “شروط مسبقة ولاحقة في الشفافية واصلاح المالية العامة”، فقال: “الدولة الرخوة أي الدولة التي تصدر القوانين ولا تطبقها، ليس فقط لما فيها من ثغرات، ولكن لان لا احد يحترم القانون، الكبار لا يبالون به، لان لديهم من المال والسلطة ما يحميهم منه، والصغار يتلقون الرشاوى لغض النظر عنه. اما الفقراء الذين لا مال لهم ولا رشاوى فيتم ضبطهم بواسطة اساليب جديدة – قديمة من القمع والتهم وهذه الدولة مهددة بفقدان الاستقلال تحت عناوين مختلفة: أولا الثقة، فكل الشؤون في الحياة العامة وفي كل العلاقات التعاقدية والاقتصادية وعلى كل المستويات المصغرة في العائلة وغيرها قائمة على الثقة، ليست الثقة بذاتها ثمرة براعة خطابية وكلامية وانشائية وتقنية علمية وقانونية، كما يحصل غالبا، بل هي مبنية على الصدقية والتعبير عن حقيقة، ونابعة من قناعة وضمير المتحدث او الكاتب او المحاضر او الفاعل”.
وأكد أن “الثقة هي اساس كل العلاقات السياسية الثابتة، وليس الانتخابية الظرفية، وهي اساس الشرعية بالمعنى الاجتماعي، اي قبول الناس بسلطة الحاكم وليس اذعانهم.
وسأل: لماذا فقدت الثقة، دستوريا وسياسيا واقتصاديا وماليا ووطنيا بشأن لبنان ومستقبل لبنان ودولة لبنان؟، مجيبا: “يسعى سياسيون الى الهاء الناس بأمور جانبية هربا من المشكلة الجوهرية والاساس. لا تستعاد الثقة بتعديل بعض القوانين وصياغة نصوص جديدة أيا كانت أهميتها وضرورتها”.
وأشار الى “انه لا تكتسب الثقة لبنانيا وفي الاوساط العربية والدولية وبالنسبية للبرامج الموعودة الا من خلال اعمال ميدانية وان كانت متواضعة في المراحل الاولى”.
ورأى “ان المحاسبة، في سبيل استعادة الثقة، هدفها حماية المؤسسة، وليس التشهير والاتهام والبحث عن اكباش محرقة ومقاضاة. ليست دولة المؤسسات وعودا وانتقاما وتشهيرا، بل فعل وممارسة وسلوك حقوقي واخلاقي يعلو على الاشخاص”.
ولفت الى انه “يوجد حالات احتيال على القانون يمتد الاحتيال على القانون الى اكثر الامور. ينقل ان احد القيمين في الحكم طالب برأي قانوني حول اجراء قد يتخذ بشأن موظف كبير. كان الجواب: اتخذوا القرار ايا كان، في انسجام ام لا مع القانون، والموظف يلجأ الى القضاء. هل السلطة الحاكمة هي خارجة تماما عن القانون؟ وهل تحول القضاء في لبنان الى “فشة خلق”؟ وهل تحول القضاء الى سلة مهملات سلطة ترمي له اوساخها وبدون اي مصغاة؟ لا ثقة، الا باستعادة البوصلة والحكم على كافة الامور استنادا الى معايير. يقول اتاتورك: “الامة التي تغلق عينيها تستيقظ في العبودية”.
ثانيا: التعيينات الادارية: لا تطبق افضل القوانين اذا كان لا يتمتع القيمون في الادارات العامة بالكفاءة والنزاهة واذا كانت التعيينات زبائنية”. ثالثا: دعم ومتابعة من قبل الهيئات المهنية: يمكن تصنيف كل التشريعات حسب القطاعات المهنية. كل القطاعات المهنية معنية ليس فقط بمصالح اعضائها المباشرة ، بل في السياسات العامة والتطبيق التفصيلي والرشيد للتشريعات. الهيئات المهنية هي غالبا غائبة عن الاهتمام بالسياسات العامة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية. يتطلب ذلك بعد اقرار التشريعات المتابعة من خلال الاعلام الاداري والهيئات المهنية”.
ثم تحدثت قوزي، وأكدت “ضرورة وصاية لبنان الى اصلاحات مالية”، مشددة على “التشاركية بين الجميع”.
ورأت أن “إصلاح الشراء العام يقع في عملية التعافي والتي يحتاجها الجميع”، وقالت: “ان حكومة لبنان انشأت شراكة مع البنك الدولي، وقدم البنك الدولي التمويل اللازم لاصلاح الشراء العام وتعالج مواضيع الضعف والقوة في هذا النظام، مع اعداد المعايير اللازمة لرصد التقدم المحقق”.
واشارت الى “تقويم الحكومة واللجنة البرلمانية”، وقالت:”ان التواصل والعمل مع المجتمع المدني أمر حيوي”، وكشفت عن مؤتمر صحافي سيعقده البنك قريبا بشأن رصد ومراقبة اصلاحات عمل الحكومة وادائها، منوهة بـ “عمل مؤسسات المجتمع المدني ومشاركتها”.
وركزت على “انشاء موازنة مالية وتمديد السياسات الاجتماعية لاستحداث الوظائف”، مؤكدة دور “بنك الدعم الدولي في دعم لبنان لما يحتاجه في ميدان اصلاح الشراء العام”.
ثم ألقى النائب جابر، فقال:”ان هذه الورشة تأتي في سياق حلقات التواصل مع المجتمع المدني والتي سبق لمجلس النواب ان كان مبادرا فيها”. وأكد ضرورة “إعداد منظومة اصلاحية للبلد”، داعيا الى الحفاظ عليها.
ونوه ب”إقرار قانون الشراء العام الذي أتى بمبادرة من مجلس النواب، وبعمل المعهد المالي في وزارة المال في هذا المجال وبصمت”، وقال: “إن قانون الشراء العام معقد، ولذا من الصعوبة ان يقدم نائب بمفرده على المطالبة بدراسة هذا القانون لاقراره، وهو ما قمنا به من خلال استشارة معهد باسل فليحان المالي في وزارة المال”.
وتابع: “بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري العام 2019 عملنا على دراسة عدد من القوانين ومنها قانون الشراء العام. ونحن كلجنة نيابية نبني على اسس كانت موجودة وجيدة في معهد باسل فليحان”.
ولفت الى “جهود الدكتور مسرة في تنظيم هذه الورشة، متسائلا: هل قانون الشراء العام سيتم تطبيقه؟”.
وذكر أن “ما يمر به لبنان هذه الايام سيلزم اي حكومة مقبلة تطبيق هذا القانون”، مبديا أسفه لتضمن ورقة المبادرة الفرنسية في اول بند العمل على تطبيق الاصلاحات في المياه والكهرباء وغيرها، وهو بند موجود عندنا منذ اكثر من عشرين عاما”.
وشكر لوكالة التنمية الاميركية “دعمها هذا النشاط”، مبديا استغرابه “عدم تطبيق قوانين صادرة مثل تطبيق قانون سلامة الغذاء”. وكشف أنه “في الايام المقبلة سيصار الى العمل على تطبيق القوانين التي نحن بحاجة إليها”، لافتا الى انه قدم مجموعة من هذه القوانين الى الرئيس حسان دياب الذي وعد بتطبيقها “لكن حتى الآن لم يحصل ذلك”.
وشدد على “التعاون مع وكالة التنمية الاميركية وقوى من المجتمع المدني مستقبلا”، معلنا انه “في الايام المقبلة سيطلق مجلس النواب بالتعاون مع مؤسسة ويستمنستر، منصة الكترونية جديدة لإتاحة الاطلاع على محتوياتها وابداء الملاحظات وارسالها الى اللجان المختصة”.
وكرر “تأكيده أهمية قانون الشراء العام، وسيرسل قبل آخر هذا العام الى اللجان لدراسته”، ووعد بالعمل على “تحسين التشريعات في المرحلة المقبلة”.
وختم:” كي لا نذهب الى طريق جهنم علينا تصحيح المسار، وتأليف حكومة تقرأ تحذيرات البنك الدولي، بخاصة ما صدر في تقريره بالامس عن مؤشرات الفقر في لبنان”.