الأزمة الإقتصادية والمالية الراهنة كانت محور لقاءنا مع الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور إيلي يشوعي، الذي وضعنا في صورة عامة حول التأثيرات السياسية المستجدة على الوضع الاقتصادي في ظلّ التحديات التي يواجهها لبنان مع تفشي جائحة كورونا والعقوبات الأميركية ومخاض تشكيل الحكومة.
إعداد – ريم وليد شاهين
شدد الدكتور يشوعي على أنّ الأزمة الاقتصادية المالية التي يعاني منها لبنان عنوانها :”الإفلاس”، فالدولة أعلنت إفلاسها مع بداية عمل حكومة تصريف الاعمال وانسحب ذلك على النظام المصرفي والقطاع العام، وقال إن النظام المصرفي توقف عن الدفع لأنّه بات عاجزا عن ذلك.
وأضاف الخبير الاقتصادي :” المصارف خاضعة للقانون 2/67 والذي يقضي بتشكيل لجان خاصة لإدارة المصارف المتوقفة عن الدفع من أجل حلّ مشكلة السيولة لديها، ولفت الى أنّ الوضع في لبنان مختلف فالمصارف لا تعطي الدولار وإن أعطت فذلك مقابل مايقارب 3900 ليرة، وهذا سلوك مصرفي غير طبيعي أبداً.
وعن لعبة سعر صرف الدولار مقابل الليرة، لفت يشوعي إلى أنّ النظام المصرفي الذي كان ممسكاً بالمال، تصرف بطريقة لا تضمن سلامة الاموال ولم يتشدّد في إقراض القطاع العام كما كان يتشدّد مع القطاع الخاص، وكان يحقق الارباح جراء الفوائد العالية الدائنة والمدينة من دون أن يطلب الضمانات.
واعتبر يشوعي أنّ التمييز في تعامل النظام المصرفي مع القطاعين العام والخاص كان مسؤولاً عن الافلاس لأن ذلك النظام كان يعلم بمدى الفساد المالي وهدر المال العام وغياب الانضباط المالي في الانفاق الرسمي سواء في الموازنات العامة أو في الصفقات والمناقصات والادارات…وبالرغم من كلّ ذلك، استمرّ باقراض الدولة خلال 26 سنة من دون توقف. وبحسب يشوعي، فإنّ المصرف المركزي خالف قانون النقد والتسليف الذي يجيز له إعطاء الخزينة تسهيلات لكن مع التعليلات الموجبة ولمرات محدودة. وخلص إلى أنّ المسؤول عن الأزمة الراهنة هو النظام المصرفي والطبقة السياسية الحاكمة منذ 26 سنة والتي بذّرت الاموال ولم تحوّل تلك القروض إلى إنماء إقتصادي.
تابع الخبير الاقتصادي:” لو بنينا إقتصاداً قوياً ولم نعتمد سياسة الفوائد المرتفعة التي ربطت عضويا بسعر صرف الليرة، لكان وصل الـ GDP لدينا الى 150 او 200 مليار دولار، ولاستطعنا تصدير 30 مليار دولار، إلا أننا اعتمدنا على القروض الخارجية والمؤتمرات الباريسية وأموال اللبنانيين من الخارج، والاستثمارات الخليجية التي كانت تبلغ خمس مليارات تقريباً قبل النزاع السعودي-الايراني.
وعن انفجار المرفأ، رأى يشوعي أنه يندرج تحت غطاء الفساد، وقال:”لا أحد يقنعنا أنّ المواد المتفجرة التي كانت موجودة في المرفأ لم يتقاضوا عليها الاموال خلال سبع سنوات، وعندما انتهى العمل في مرفأ حيفا أطلقوا صاروخاً دمّر بيروت”.
اما بالنسبة الى جائحة كورونا وتاثيرها الاقتصادي أوضح أنّ الدول الخارجية التي فرضت الإقفال التام وجعلت الناس تلتزم منازلها لم تبخل على مواطنيها بتأمين الدخل الى الأسر لأنّ إحتياطاتها قوية، وأشار إلى أنّ هناك قلة وعي لدى الشعب اللبناني الذي ما زال يناقش حتى اللحظة بوجود الوباء من عدمه.
وخلص قائلا: ” مع خطورة الوباء، فإنّ الالتزام بوضع الكمامات والتعقيم والتباعد الاجتماعي بات أمراً ضرورياً، يجنبنا الاقفال القسري والذي من شأنه أن يؤذينا ويأخذنا إلى مكان وصفه رئيس الجمهورية بـ “جهنم”.
وعن وجود خطة تنعش الوضع الاقتصادي، أكّد يشوعي أنّ الثقة فقدت بالنظام المصرفي، لكنه أشار في المقابل الى إمكانية استعادة تلك الثقة واستقطاب الاموال في المرحلة المقبل خصوصاً اذا ما قلبت الطاولة، والتي – بحسب قوله- بدأت مع العقوبات الاميركية التي ستستمرّ سواء فاز ترامب أم خسر، لأنّ قرار ماغنيتسكي الذي تقوم عليه العقوبات قد شرّع من قبل الجمهوريين والديمقراطيين.
أخيراً، أكّد الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي أنّ قرار العقوبات الاميركية لن يمرّ مرور الكرام، وأنّ لا تشكيل للحكومة خلال الفترة المقبلة، وأنّ جائحة كورونا أعاقت الثورة التي ستستمرّ مشددا على أن عملية قلب الطاولة آتية خلال الاشهر المقبلة.