رأت مصادر مصرفية واسعة الإطلاع أن الحملات والتسريبات التي تستهدف القطاع المصرفي من خلال اتهام مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة بعرقلة التدقيق المالي الجنائي الذي تتولاه شركة «الفاريز أند مارشل» بناء على الاتفاق الموقع مع الحكومة ممثلة بوزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني، هي محاولة مكشوفة لتحويل الأنظار والتغطية على الصفقات السياسية والتحاصصية الجديدة الجاري تحضيرها على الصعيد الحكومي.
وشددت المصادر عبر لـ»المركزية» على أن السياسيين، لاسيما منهم أركان المنظومة الحاكمة وشركاءهم، يتعمدون مرة جديدة وكعادتهم التي درجوا عليها منذ مدة، تزوير الحقائق والتهرب من المسؤولية من خلال رميها على مصرف لبنان والحاكم في محاولة لإخفاء حقيقة مواقفهم الرافضة والمتهربة من اعتماد الشفافية الفعلية.
وتابعت ان «سلامة الذي لفت انتباه المسؤولين الى مخالفتهم للقوانين والى ضرورة احترامها أو تعديلها في حال رغبوا بالعمل خلافاً لما تنص عليه من خلال الاتفاق مع شركة «الفاريز ومارشل»، سارع الى قطع الطريق أمام المنظومة السياسية في محاولتها لتبرئة نفسها من خلال استدراج سلامة الى مواقف وقرارات وردات فعل يمكن معها رمي تهمة تعطيل التدقيق الجنائي في ملعبه خصوصاً أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأكد على الملأ أنه مستعد لفتح أبواب مصرف لبنان أمام المصرف المركزي الفرنسي وفرق خبرائه للتدقيق في كل ما يرغبون بالاطلاع عليه».
واذ شددت على أن مصرف لبنان ملتزم بحرفية الاتفاق الذي وقعته وزارة المال نيابة عن الحكومة مع شركة «الفاريز أند مرسال»، وهو يعمل على تنفيذه بدقة متناهية، اشارت الى أن الاتفاق الذي لم يكن مصرف لبنان شريكاً في التوصل اليه، ولا طرفاً فيه، ولم يستشر في مضمونه، ينص على أن يتم التدقيق المالي الذي تجريه الشركة «وفقاً للقوانين اللبنانية وبموجبها».
واوضحت المصادر بالإستناد الى نص الاتفاق الذي وقعه وزير المال بموافقة وغطاء من الحكومة ورئيسها ورئيسي الجمهورية ومجلس النواب الى أن قانون النقد والتسليف المعمول به في المادتين 44 و151 يلزم مصرف لبنان باحترام قانون السرية المصرفية، وبالتالي فإن المركزي ممنوع عليه قانوناً الكشف عن حركة حسابات زبائنه الذين هم حصراً المصارف التجارية والدولة اللبنانية. فعوض أن تنصب الحكومة والمنظومة السياسية الأفخاخ لمصرف لبنان من خلال استدراجه الى مخالفة القوانين ليعود البعض ويحاسبه ويسائله ويتهمه بذلك، بإمكان الحكومة والسلطات السياسية بكل بساطة إخضاع المؤسسات الحكومية بدءاً بوزارة المال ومروراً بكل المؤسسات العامة والمجالس ككهرباء لبنان ومجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين وغيرها من الصناديق والمجالس والوزراء والمؤسسات، الى التدقيق المالي الجنائي كما فعلت بالنسبة الى مصرف لبنان لتعرف أين صرفت الأموال وكيف صرفت، ومن قبض ومن ارتشى ومن سرق الخ؟؟؟
وتابعت: «أما بالنسبة الى كشف السرية المصرفية عن حسابات المصارف التجارية، فبإمكان الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات والتيارات المزايدة، التي تتهم مصرف لبنان وتريد منه مخالفة القوانين التي لا علاقة له بسنّها، وهي بمعظمها ممثلة في الحكومة ومجلس النواب أن تعمد الى وضع مشروع قانون تحيله الحكومة الى مجلس النواب لتعديل قانون السرية المصرفية أو إلغائه… وفي حال تمنع الحكومة عن ذلك فباستطاعة أي نائب أن يتقدم باقتراح لتعديل القانون… وعندها بعد تعديل القانون يمكن للمنظومة أن تحاسب مصرف لبنان وحاكمه إذا امتنعا عن الالتزام بمضمون القانون!».