تدني أسعار النفط، والتراجع الواضح لأسعار البترول عبر العالم بسبب جائحة كورونا. ترك اثرا كبيرا على دول الخليج، خصوصا السعودية التي تخطط لمشاريع ضخمة الى جانب دول الخليج الأخرى.
ويعود السبب الأول المباشر لهذا الانهيار الى وجود فائض هائل في النفط المعروض مقارنة بالطلب، ما جعل منتجي النفط يرغبون في التخلص من انتاجهم الحالي وإيجاد مشترين بأسرع وقت، خصوصا مع المخاوف عن الوصول الى حد الطاقة الاستيعابية في منشآت تخزين النفط.
بيد أنه وبعد ساعات على إعلان انهيار اسعار العقود، انخفضت تعاملات سوق »تداول« في السعودية بنسبة 2.1 في المئة. وعلى رغم تحقيق السوق بعض المكاسب، إلا أنها لم تخرج من دائرة الخسارة، كما انخفضت سوق سهم ارامكو بأكثر من 1.8 في المئة، بينما تراجعت مؤشرات الأسواق في دبي وأبو ظبي وقطر والكويت بين 1 و2.5 في المئة.
وقد يتأثر الخليج بشكل عام، ومن آثاره نقص الايرادات وعجز إضافي، ما دفع الدول الخليجية الى تأجيل مشاريعها الضخمة والى إعادة جدولتها على مدار السنوات اللاحقة.
كذلك عانت الدول الخليجية تراجعاً في ايراداتها، بما أنها تعتمد على النفط، ما نتج عنه إعادة النظر في الخطط المستقبلية لأجل تنفيذها بشكل ملائم. لكن دول الخليج تملك احتياطات أجنبية كبيرة جداً.
بيد ان تأثير الأزمة لا يخض فقط الخليج، فقد يساهم في أزمة حقيقية في صناعة الطاقة العالمية، ليترك تداعياته تصيب دولاً كثيرة في أنحاء العالم.
إنّ الأزمة التي يعاني منها العالم اليوم جراء تدهور أسعار النفط، وسط تنافس شديد بين الدول المنتجة جعل الوضع الحالي غير مستقر في غير دولة. واذا أخذنا بالاعتبار ان دولاً عربية عدة وضعت خططا مستقبلية »كالرؤية السعودية لعام 2030« التي أشرف عليها ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، وتلك المتمسكة بإعطاء الحقوق للمرأة بعد سنوات من عدم الاعتراف بها، كما صدمت الجزائر مثلاً التي كانت تعوّل على ان يرتفع سعر برميل النفط الى أكثر من مائة دولار لإعادة التوازن الى اقتصادها النامي والمتطور.
فإذا أخذنا بالاعتبار تدني ما كان يصرفه أثرياء الكويت والامارات والسعودية في لبنان الى درجة انعدامه بالفعل، وهذا يشكل دعما ولو غير مباشر لاقتصاد تلك الدول، فإننا نكتشف مدى ما تعانيه الدول النفطية من تراجع في المداخيل وانكماش في المشاريع وانحسار في نوعية التنمية المستدامة.
إن أخطر ما يكون هو شعور شعوب الخليج بأن زعماءها السابقون حققوا ثروات طائلة للبلاد، وبدأت الأمور تتغير اليوم، إذ بات الشعب مطالباً بالمشاركة في سد العجز الاقتصادي.