مؤخرا فقط، بدأ العلماء يكتشفون أن آثار فيروس كورونا المستجد لا تتوقف على الجهاز التنفسي، وأنّها في بعض الحالات، التي لا تمتلك سجلا من الأمراض المزمنة السابقة بالضرورة، قد طاولت الدماغ والجهاز العصبي أيضا. تظهر هذه المكتشفات بعد تمكّن عدد من الطواقم الطبية من تشريح جثث الضحايا. وفي مقال من مجلة «نيوساينتست»، تنقل الباحثة والكاتبة، جيسيكا هامزيلو، عن جنيفر فرونتيرا حيث كانت تعالج مرضى العناية المركزة لسنوات، لم يسبق لها أن خاضت تجربة مثل جائحة «كوفيد-19» من قبل، كان الأمر في بداية التفشي ملاحطة وجود أعراض عصبية لدى مرضى «كوفيد-19»، حيث كان الناس يفقدون وعيهم قبل إدخالهم إلى المستشفيات، وما إن تبدأ استجابة الطواقم الطبية حتى يظهر في بعضهم حركات غير طبيعية، إذ أصيب البعض بنوبات عصبية في حين أصيب البعض الآخر بسكتات دماغية. وتأتي تقارير مشابهة من المستشفيات الأخرى حول العالم، بعض الأعراض العصبية يبدو بسيطا، مثل فقدان حاستَيْ الشم والتذوق، أما في الحالات القصوى فقد طور البعض التهابا دماغيا، وهو التهاب في أنسجة المخ قد يؤدي إلى الموت.
وهذا اكتشاف مدهش في مرض كان يُعتبر عموما بأنه يهاجم الممرات الهوائية بقدر ما هو اكتشاف مؤرق. أحد الأسئلة المهمة هي كيف يسبب فيروس كورونا المستجد كل هذه الأعراض، حيث تُشير أدلة متزايدة إلى أن الفيروس قد يصل الدماغ ويهاجم الأعصاب مباشرة. إن كان الأمر كذلك بالفعل، فقد يكون علينا إعادة النظر ببعض العلاجات التي يجري تطويرها حاليا لـ»كوفيد-19″، وعلينا أيضا أن نتجهز لحالات عصبية مزمنة طويلة الأمد لدى بعض الناجين.
ويقول بيير تالبوت من المعهد الوطني للبحث العلمي في كيبيك: «عندما أقوم بإدخال فيروس «OC43» في منخر فأر المختبر، يتجه الفيروس رأسا إلى الدماغ عبر العصب الشمّي، وعندما يصل الدماغ، ينتشر فيه»، هنا يكون بمقدور الفيروس قتل الأعصاب والتسبب بالتهاب الدماغ. وقد لوحظت تأثيرات مماثلة، إنمّا بندرة أكبر، في الأشخاص المصابين بفيروس «OC43″، ويُشير تالبوت إلى حالة رضيع يبلغ من العمر 11 شهرا كان يعاني من ضعف الجهاز المناعي وتوفي بالتهاب الدماغ، وكشف التشريح عن وجود فيروس «OC43» في دماغه، وهو ما يؤكد تورط الفيروس.