أكد رئيس جمعية المصارف د. سليم صفير انه لا يمكن تحقيق الاستقرار المالي او النمو الاقتصادي في بلد يتنصل احادياً من دفع ديونه او يستملك بشكل غير قانوني او يتدخل في العقود الخاصة. وأوضح ان »المصارف لا تطالب بخطة »بيل اوت« لأننا لسنا بحاجة اليها« مشدداً على ان القطاع المصرفي سليم وكل ما يحتاجه هو ان تسدد له الحكومة ما اقترضته منه في الوقت المناسب. وإعرب عن رغبة الجمعية في ان تكون جزءاً من الحل قائلاً: »اننا مستعدون لمناقشة الحكومة حول آلية اعادة سداد ترضي الطرفين«.
كلام صفير جاء في مداخلة قدمها أمس أمام لجنة المال والموازنة النيابية حول الخطة الاقتصادية البديلة لجمعية المصارف.
وجاء في المداخلة »اننا نجتمع اليوم (أمس) لمناقشة خطة الاصلاح الاقتصادي التي أعلنها رئيس مجلس الوزراء حسان دياب في الثلاثين من نيسان الفائت. نحن لا نشك مطلقاً بنوايا دولته الحسنة، إلا أنه لا بد لنا من تحذير اللجنة، من أنه في ما لو طبقت خطة الحكومة فإنها ستقود لا محالة الى كارثة اجتماعية – اقتصادية، صحيح ان هذه الازمة لم يشهد لها لبنان مثيلاً من قبل وأنه لا يمكن تجنب الأذى على المدى القصير، غير أنه لا داعي لاغراق البلد في بؤس جماعي أعمق وتأخير التعافي أكثر«.
وقال: »هناك طريقة أفضل لمعالجة الازمة وسبل صحي أكثر للخروج منها. لقد عمدنا الى تحليل خطة الحكومة تحليلاً دقيقاً ولاحظنا فيها عدداً من الثغرات:
أولاً، خطة الحكومة ليست بخطة اقتصادية إنما بخطة محاسبية فهي تسعى الى اعادة التوازن الى ميزانية لبنان على أساس جامد، إلا ان هذا التوازن سيولّد اختلالات جديدة سيتوجب تصحيحها على حساب اللبنانيين.
ثانياً، تسعى خطة الحكومة الى تحقيق هذا التوازن المؤقت من خلال تخلف داخلي، ومثل هذا النوع من التخلف نادر الحدوث للغاية، كونه ينطوي على عواقب خطيرة. وأحدث حالة يمكن ان سنتذكرها عن تخلف داخلي، حصلت في روسيا في العام ١٩٩٨، وعلى الرغم من أنها لم تكن كاسحة كتلك التي تقترحها علينا الحكومة، إلا أنها أدت الى خفض الناتج الاجمالي المحلي بما يزيد عن ٣٠٪.
خرجت روسيا بسرعة نسبياً من هذه الأزمة لأنها استفادت في العامين ١٩٩٩ – ٢٠٠٠ من الارتفاع التاريخي في أسعار النفط والقدرة الصناعية التي أصبحت تنافسية نتيجة تدهور قيمة العملة. أما نحن اذا غرقنا في مثل هذه الحالة من الركود الناجم عن التعثر الداخلي، فلن يكون لدينا مثل هذه العوامل الخارجية لانقاذنا: لأن رأسمالنا بشري ويمكنه عبور الحدود، نحن في لبنان تضيف الحكومة على الطين بلة بأن تدعو من خلال خطتها مصرف لبنان أيضاً الى التخلف عن السداد، باستثناء مصرف زيمبابوي لم يتخلف أي مصرف مركزي إطلاقاً عن الايفاء بالتزاماته.
ثالثاً، كونها خطة محاسبية، من المفارقة ان تكون الحكومة قد فشلت في إدراج موجودات الدولة كوسيلة لخفض الدين لتخفيف الجهد المتوقع من اللبنانيين«.
أضاف: »لقد وضعنا رؤية اقتصادية تعتمد على أصول لبنان – أي شعبه، ترتكز رؤيتنا على تنويع الاقتصاد اللبناني وتحويله من اقتصاد ريعي الي اقتصاد منتج حيث ترتفع حصتنا الانتاجية من ١٦٪ حالياً الى ٣٥٪ خلال السنوات الخمس المقبلة. هذا الانتعاش الانتاجي سيقوده رأسمالنا البشري الوفير، القادر على ادخال لبنان في الاقتصاد المعرفي حيث سيكون العالم بأسره سوقاً لنا وحيث يمكننا التفوق في مجالات واسعة بدءاً من تصميم الأزياء وصولاً الى (Cyber Security)« معتبراً »ان هذا التنوع الاقتصادي، مقروناً بخطة بنى تحتية طموحة وواقعية في مجال النقل والاتصالات، سيمكّن شبابنا من قيادة تنوعنا الانتاجي الى الامام«.
وتابع: »يمكننا قول الكثير عن الاصلاحات الهيكلية – الطموحة إنما القابلة للتحقيق – التي تتضمنها خطتنا ولكن ليس لدينا الوقت لعرضها كلها في هذه المداخلة المختصرة. ولكننا نكتفي بالقول إن هذه النتائج لا يمكن بلوغها ما لم تتخل الحكومة عن إضافة تخلف داخلي (أشد خطورة) ومواصلة تحدي الدستور والبحث عن حل قصير الأجل لمشاكلنا الاقتصادية والمالية«.
وأكد صفير انه »لا يمكن تحقيق الاستقرار المالي او النمو الاقتصادي في بلد يتنصل احادياً من دفع ديونه، او يستملك بشكل غير قانوني، او يتدخل في العقود الخاصة«.
وأوضح ان المصارف اللبنانية لا تطالب بخطة bail out لاننا لسنا بحاجة اليها قائلاً إن »قطاعنا سليم وكل ما نحتاجه هو ان تسدد لنا الحكومة ما افترضته منا وذلك في الوقت المناسب«. وشدد على »إن التخلص من الدين من خلال القضاء على الدائنين ليست صيغة تقودنا الى النجاح: فهي قد توفر الراحة لفترة قصيرة لكنها سرعان ما تؤدي الى عقود من البؤس والفقر«. وتابع: »جمعية المصارف ترغب في ان تكون جزءاً من الحل ونحن مستعدون لمناقشة الحكومة حول آلية اعادة سداد تُرضي الطرفين وتتماشى مع قدرة لبنان على الدفع ومع قوانينا ودستورنا«.
من جهته أعلن رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان بعد جلسة اللجنة ان هناك تباينات كبيرة في تقدير الخسائر والارقام بين الحكومة والمصارف والهيئات الاقتصادية مشيرا الى انها »قدمت الينا دراسات مفصلة«.