يعطي الشعب الفلسطيني وقيادته الحكيمة برئاسة الأخ الرئيس محمود عباس في الوقت الحاضر الأولوية لمواجهة وباء فيروس الكورونا المستجد وسلامة وصحة هذا الشعب الصابر المرابط على عدو لا يفهم الا تزوير التاريخ واستغلال الدين لسرقة أراضي ووطن شعبنا الفلسطيني صاحب هذه الارض منذ الأزل.
هذا العدو الظالم وبدلًا من مراعاة الظروف الراهنة مع تفشي وباء الكورونا، نراه يستغل انشغال شعبنا وقيادته والعالم أجمع بالتصدي لهذا الوباء القاتل كي يجرف ويسرق مزيدا من الاراضي والاعتداء على المزارعين بقطع أشجار الزيتون وهدم البيوت بدون اي رادع انساني، فيما يسعى نتنياهو وحلفاؤه اليمينيون لتشكيل حكومة تضع على رأس جدول أعمالها ضم الغور وأجزاء واسعة من الأراضي المحتله.
لذلك ليس أمام شعبنا وقيادته سوى العمل على جبهتين، في نفس الوقت ، اولا الحفاظ على صحة وسلامة شعبنا ومواصلة النضال لانتزاع حقوقنا المشروعة التي اعترف بها العالم اجمع، وخصوصا حقنا في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على ترابنا الوطني المحتل منذ عام١٩٦٧ وحق لاجئينا في العودة والتعويض.
ان شعبنا الذي يسجل اسطورة صمود بتصديه للوباء والاحتلال في نفس الوقت لا يمكن ان يقبل بالظلم وباستمرار هذا العدوان الإسرائيلي واعتقالاته التعسفية لنسائنا واطفالنا وشباننا واستمراره في بناء المستعمرات وحملات الدهم التي ينفذها في مختلف انحاء الأراضي المحتلة، وجرائم مستعمريه التي ترتكب ضد ابناء شعبنا وممتلكاتهم وحقولهم، ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك.
وواضح لكل فلسطيني ان النداءات التي نوجهها للأمم المتحدة وبيانات الشجب والاستنكار التي تصدرها قوانا وفصائلنا كافة لم تردع هذا الاحتلال المدعوم من الإدارة الأميركية ورئيسها ترامب، ولم توقف هدم البيوت والاعتقالات والتحكم بمختلف جوانب حياتنا. واليوم فإن هذه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ومستعمروه في الاراضي المحتلة تعتبر جرائم مزدوجة في ظل استغلال الاحتلال لهذا الوباء.
ولذلك لا مناص من اطلاع العالم أجمع على كل وقائع الاعتداءات الإسرائيلية في واقعنا الراهن ولدينا من المعطيات والوثائق واشرطة الفيديو ما يوثق كل ما ارتكبته إسرائيل، ولا يعقل ان يكون وباء الكورونا مبررا لسكوت العالم والشرعية الدولية على هذه الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة. ولهذا فالمطلوب من المجتمع الدولي ليس مجرد مواقف تنتقد الاحتلال او تدينه بل لا بد من التوجه للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومطالبتهما بتحمل مسؤولياتهما التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، ولا بد من دعوة مجلس الأمن لاتخاذ قرارات ملزمة لإسرائيل استنادا لكل قرارات الشرعية الدولية، واستنادا للاتفاقيات التي وقعتها إسرائيل مع منظمة التحرير وفي مقدمتها اتفاق اوسلو الذي وقع في البيت الأبيض برعاية أميركية- دولية واستنادا إلى خارطة التقرير وحل الدولتين الذي أقره المجتمع الدولي، ولجنته الرباعية المكونة من الأمم المتحدة واميركا وأوروبا وروسيا، ولا يعقل ان تتنكر الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب لكل المواقف السياسية الأميركية السابقة وتواصل تجاهل الشرعية الدولية. وبالطبع ندرك ان ادارة ترامب قد تلجأ إلى استخدام الفيتو ضد اي قرار ملزم لإسرائيل ولكن عندها ستتحمل مسؤولية التداعيات المترتبة على مثل هذا الموقف كما سيتعرى الموقف الأميركي الإسرائيلي أكثر في مواجهة إرادة المجتمع الدولي.
وإذا كان العالم منشغلا بالوباء وتداعياته اليوم فإن هذا لا يعفي شعبنا وسلطته الوطنية وكافة فصائله من التصدي لهذا الاحتلال وإحباط مخططاته، ولدى شعنبا وقيادته خبرة عقود من النضال وبالتأكيد يمكن لشعبنا ايصال صوته للعالم أجمع وإزعاج الاحتلال ونقل رسالة واضحة له ان استمرار احتلاله سيكون مكلفا في مواجهة هذه الإرادة الفلسطينية الصلبة وهذا النضال الذي ستدعمه الغالبية الساحقة من دول وشعوب العالم.
ولهذا نؤكد ان مفتاح قضيتنا لا يزال في ايدينا ورغم قسوة الظروف واختلال الموازين وانشغال العالم بوباء كورونا وانشغال دولنا العربية بقضاياها وصراعاتها الداخلية الا أن شعبنا قادر على ان يثبت للعالم اجمع انه أهل للحرية والاستقلال وان من الجدير الإصغاء لصوته المدوي المطالب بالانعتاق من نير هذا الاحتلال البشع في هبة شعبية شعارها التحرر من هذا الاحتلال.
وهنا نقول مجددا ان شعبنا الصابر المرابط لا زال ينتظر من حماس وفتح وكافة الفصائل إنهاء هذا الانقسام الذي طال أمده وأضر بنضال شعبنا وقضيته، فالوباء الذي يهدد العالم باسره بما فيه شعبنا وتغوُّل الاحتلال في هذه الظروف يجب ان يشكلا حافزا جديدا لإنهاء الانقسام وتوحيد جهود مواجهة الاحتلال ومواجهة الوباء.
وهنا أقول مجدد لإخواننا في حماس والجهاد الإسلامي ان علينا ان نوحد الجهود وليكن القاسم المشترك السياسي بيننا هو المطالبة بما أجمع عليه العالم من حقوق لشعبنا، وقرارات القمة العربية في بيروت في العام ٢٠٠٢م، وليس لنا الا نخضع لإرادة شعبنا المناضل و نمد ايدينا لبعضنا البعض ونخطط سويا ونعمل سويا ونناضل سويا.
وأخيرا لا بد هنا من تقدير وتثمين هذه الصورة المشرقة التي جسدها شعبنا وقيادته في مواجهة هذا الوباء بروح الالتزام والانضباط والتعاطف والتكاتف وهي نفس الروح التي سادت انتفاضات شعبنا وثوراته على مدى عقود. ولا بد هنا من تقدير الخطوة المبكرة التي اتخذها الأخ الرئيس محمود عباس في إعلان حالة الطوارئ والجهود المكثفة التي بذلها ويبذلها ومتابعته الحثيثة لكافة الأجهزة لحماية شعبنا، وتقدير جهود الأخ رئيس الوزراء د. محمد اشتية وحكومتة وكافة الأجهزة ، الصحية والأمنية والإعلامية وكذا المبادرات الأهلية، وهي الصورة التي سيسجلها التاريخ لشعبنا العظيم الذي يواجه بهذا العزم والتصميم والإرادة هذا الوباء رغم الاحتلال وكافة الصعوبات، وهي بالتأكيد صورة مشرقة لشعب مناضل يتمسك بحقوقه ويحب الحياة الحرة الكريمة ما استطاع اليها سبيلا، كما قال شاعرنا الكبير المرحوم محمود درويش… والله المستعان