بعد اجتماعات عديدة ومطولة عقدتها الهيئات الاقتصادية اللبنانية برئاسة رئيسها الوزير السابق محمد شقير على مدى الاسبوعين الماضيين، خصصتها لدراسة برنامج الحكومة للانقاذ المالي، أنهت اعداد ورقتها التي تضمنت ملاحظاتها واقتراحاتها على البرنامج وارسلتها أول أمس الى كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء حسان دياب ووزير المالية غازي وزني.
وأشارت الهيئات الى أنها قامت بدراسة معمـّـقة لهذا المشروع وخرجت بملاحظات واقتراحات أكدت فيها انه »اصبح لزاماً أن تقوم الحكومة بالانخراط في برنامج صندوق النقد الدولي من دون تأخير، لأن ما هو ممكن الآن سيصبح صعباً جداً في الاسابيع المقبلة، كما اننا لا نملك ترف إضاعة المزيد من الوقت للبدء بهذا البرنامج«.
ورأت أنه من البديهي أن يتم تخفيض العجز من خلال تخفيض المصاريف وزيادة الايرادات.
فعلى صعيد المصاريف أكدت الهيئات الاقتصادية انه »يجب أن نجد في الدراسة اولاً ما يؤكد الالتزام الفعلي بتخفيض حجم القطاع العام، وكذلك بتحديد رقمي لتخفيض المصاريف والإجراءات المنوي إتخاذها ومن ضمن مهل زمنية محددة، كاقفال مزاريب الهدر ومنها الصناديق غير المجدية وخفض عدد الأجراء والمتعاقدين والغاء الإيجارات الشاغرة وغير الضرورية وكيفية ضبط الذين لا يلتزمون بالدوام أو لا يعملون«.
وقالت »اننا لم نجد في الدراسة أية آلية أو رقم محدد لتخفيض العجز، ونرى أن خفض النفقات خجولاً نسبة لما هو مطلوب. فكتلة أجور القطاع العام لا يجب أن تتعدى 6 في المئة من الناتج القائم، كما أن العلاج ليس فقط بتجميد التوظيف بل الإستغناء عن الفائض«.
وبالنسبة لموضوع الكهرباء لاحظت الهيئات ان تزال الأمور ماتزال على حالها.
وعلى صعيد الايرادات قالت: »لا يختلف إثنان على وجوب تحسين إيرادات الدولة، لكننا نعتقد انه لا يجب فرض ضرائب جديدة في فترة الركود التضخمي (Stagflation) لأن ذلك سيؤدي حتماً الى تسريع الإنهيار، في حين انه لا يزيد الجباية على الاطلاق».
وأكدت ان تحسين الجباية يجب ان يتم بـ: توسيع قاعدة المكلفين وضبط التهرب الضريبي، مكافحة التهرب الجمركي واقفال المعابر غير الشرعية.
وفي بند »إعادة تكوين الجهاز المالي« رأت الهيئات الاقتصادية ان المسؤولية الأولى للأزمة تقع على عاتق السلطتين التنفيذية والتشريعية اللتين انفقتا على القطاع العام وكذلك على الفساد الذي يضرب كل مفاصل الدولة، وشددت على ضرورة ان تعمل الخطة على معالجة هذه الآفة بإنصاف ومن دون تجنٍ، وأن لا يجري ضرب الثقة بالقطاع المصرفي ومصرف لبنان كضحية بديلة عن المسؤول الحقيقي.
ورأت الهيئات ان الجهة التي يجب أن تتحمل الخسائر هي الجهة التي استدانت هذه الأموال واستفادت منها وليس مصرف لبنان والمصارف. محذرة من أن تؤدي اجراءات الخطة الى هروب المستثمرين والمودعين مستقبلاً، ورفضت رفضاً مطلقاً تغيير وجه لبنان الاقتصادي وتحويله من اقتصاد ليبرالي حر الى اقتصاد تديره سلطة سياسية.
وشددت على أن لا ضرورة للمس بأموال المودعين ووضع مستقبل لبنان في خطر، خاصة ان معظم هؤلاء المودعين هم من المغتربين الذين جاهدوا لتكوين ثرواتهم التي لا يجوز المساس بها لا دستورياً ولا قانونياً ولا انسانياً. كذلك ان هناك جزء كبير من هذه الودائع أصحابها من العرب الذين وثقوا بنظامنا المصرفي وأمنوا له.
واعتبرت ان »صندوق النقد الدولي هو الخيار الوحيد الآن، لذلك علينا اللجوء الى طلب مساعدته والمفاوضة حول خطة متكاملة نعرض فيها خياراتنا وإمكانياتنا وموجوداتنا التي نحن على استعداد لإعادة تقييمها واستثمارها وكذلك الاصلاحات التي ننوي وضعها حيز التنفيذ«. مشددة على وضع خطة إصلاحية شاملة وجدية مترافقة مع حوافز ضريبية، لتشجيع المستثمرين الجدد وتوسيع الجباية والحد من التهرب الجمركي، إضافة الى التأكد من استقلالية القضاء الذي يشكل حجر الأساس في العملية الإصلاحية، وتحسين أدوات الرقابة على أنواعها وضبط الهدر وإقفال الصناديق التي لا لزوم لها بحيث نصل الى فائض بدلاً من العجز الحالي في الموازنة.