«تعثّر الدولة «الانتقائي» هو الذي هدّد ودائع الناس بشكل مباشر». هذا ما أكد عليه رئيس قسم الأبحاث والدراسات الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي نسيب غبريل الذي لفت في حديث لـ»المركزية»، إلى أن «التعثر «الاختياري» للدولة أدى إلى اهتزاز القطاع المصرفي برمّته لأنه يحمل 13 مليار دولار سندات «يوروبوند» ونحو 13 مليار دولار سندات بالليرة، من هنا سيذهب رأسمال المصارف لشطب دين الدولة بدل أن يذهب إلى المودِعين. لذلك إن تعثر الدولة الانتقائي هو الذي هدّد ودائع الناس بشكل مباشر. فالسلطات الرسمية هي السبب بجعل الودائع في خطر حقيقي، وذلك لعدم إدراكها دقة الوضع».
وقال غبريل إن «كلام أحد كبار المسؤولين عن أن حجم القطاع المصرفي يفوق كثيراً حجم الاقتصاد، يجب اعتباره «زلّة لسان»، لأن المقاربة غير صحيحة وتوحي كأننا في اقتصاد موجّه»، لافتاً إلى أن «الحملة التي بدأت في تشرين الأول الماضي أدّت إلى ما نحن عليه اليوم، وتُرجمت في إعلان الحكومة في 7 آذار الفائت تعثر الدولة اللبنانية عن دفع مستحقات الدين من سندات الخزينة والـ»يوروبوند».
واستغرب غبريل «الكلام الصادر عن جهات رسمية بوجوب إعادة رسملة وهيكلة القطاع المصرفي، وكأن الموضوع من صلاحيات الدولة! في حين أن دينامية السوق هي التي تقرر عدد المصارف المطلوب وحجمها كما في أي قطاع اقتصادي أو تجاري آخر».
وأوضح أنه «في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها لبنان بالإضافة إلى أزمة فيروس «كورونا» وتداعياتها، ستشهد كل القطاعات عمليات دمج وتملّك وذلك بسبب ضغوط الأسواق وتفاقم الأزمة. لكن «الهوَس» بالقطاع المصرفي والتركيز عليه لا يعود إلى أسباب اقتصادية بل لتجنّب الإصلاحات الجذرية».
وأكد غبريل أن «القطاع المصرفي يدفع ثمن الأزمة كي تتجنّب الحكومة القيام بالإصلاحات المطلوبة للقطاع العام وإعادة هيكلته ورفع شفافيته، وخفض الهدر، وكي تتجنّب إلغاء آلاف الوظائف الوهميّة والتوظيف العشوائي وتجنّب مكافحة التهرّب الضريبي وتفعيل الجباية وإغلاق المعابر غير الشرعية والتهرّب الجمركي».
وأبدى غبريل خشيته من أن «يكون الكلام عن حجم الدين العام وخدمته هو للتهرّب من الإصلاحات الجدية والجذرية وإعادة هيكلة القطاع العام».