لفت التقرير الاقتصادي لبنك عودة عن العام 2019 إلى أن «الأرقام ما زالت قابلة للاحتواء إذا صدقت النيات، وفي حال أُطلقت عجلة الإصلاحات الهيكلية بشكل ملائم، في إمكان لبنان أن ينتقل تدريجياً من حقبة الوهن الاقتصادي إلى حقبة الاحتواء التدريجي للمخاطر والتهديدات كشرط أساسي لأي نهوض اقتصادي منشود في المدى المتوسط إلى الطويل»، وشدد على أن «الحاجة الملحّة اليوم هي تنظيم العلاقة بين المؤسسات المصرفية وقاعدة زبائنها في ظل مناخ غير نمطي».
واوضح إن أداء مؤشرات القطاع الحقيقي يعكس الأداء الماكرو اقتصادي الواهن. فمن أصل 11 مؤشراً للقطاع الحقيقي، تراجعت عشرة مؤشرات بينما ارتفع مؤشر واحد خلال العام 2019 بالمقارنة مع العام 2018. ولفت إن المؤشر الوحيد الذي سجّل نمواً إيجابياً هو الصادرات (+26.5%). أما من بين المؤشرات التي سجلت نسب نمو سلبية نذكر عدد مبيعات السيارات الجديدة (-33.4%)، مساحة رخص البناء الممنوحة (-32.6%)، تسليمات الإسمنت (-30.9%)، حجم البضائع في المرفأ (-18.3%)، قيمة المبيعات العقارية (-15.9%)، قيمة الشيكات المتقاصة (-14.4%)، الواردات (-3.7%)، عدد المسافرين عبر مطار بيروت (-2.4%)، إنتاج الكهرباء (-1.9%) وعدد السياح (-1.4%).
واشار الى انه على صعيد القطاع الخارجي، سجّل ميزان المدفوعات عجزاً بقيمة 4,4 مليارات دولار في العام 2019، في ظل تراجعٍ صافٍ في تدفقات الأموال الوافدة التي لم تكن كافية لتغطية العجز التجاري خلال تلك الفترة. وفي ما يتعلق بالتجارة الخارجية، ارتفعت الصادرات بنسبة 26.5% خلال العام 2019، مدعومةً بحركة التصدير البرّي في حين تراجعت الواردات بنسبة 3.7% خلال الفترة. في المقابل، تقلّصت الاحتياطيات الأجنبية لدى مصرف لبنان بقيمة 2.4 مليار دولار في العام 2019، وذلك في ظل موجة التحويلات الصافية من الليرة اللبنانية إلى الدولار، بالإضافة إلى تسداد مصرف لبنان سندات «يوروبوندز» استحقت خلال العام المنصرم.
واضاف التقرير ان حركة مطار رفيق الحريري تراجعت في العام 2019 في ظلّ التباطؤ المتمادي للنشاط الإقتصادي واستمرار التجاذبات السياسية إضافةً الى التطورات والأحداث الأخيرة، بحيث أظهرت إحصاءات مديرية الطيران المدني أن العدد الإجمالي للمسافرين (القادمين والمغادرين) انخفض بنسبة 2,4% في العام 2019. أما عدد الرحلات عبر المطار، فانخفض بنسبة 1,8% فيما تراجع حجم البضائع المشحونة جواً بنسبة 11,0% في العام 2019.
ولفت الى ان آخر الإحصاءات الصادرة عن السلطات الجمركية اللبنانية حول الفصل الرابع من العام 2019، أي أشهر الأزمة، تبين تراجع الواردات بنسبة 18,4% ونمو الصادرات بنسبة 22,8%، ما أدّى الى انخفاض عجز الميزان التجاري بنسبة 26,0% في الفصل الرابع من السنة مقارنةً مع الفصل ذاته من العام 2018، وهو منحىً مرشّح للإستمرار والإزدياد في الأشهر المقبلة. ولا بدّ من أن تسعى الحكومة الجديدة الى تشجيع الإنتاج المحلّي على حساب الإستيراد، عبر تقديم حوافز للقطاعات التي تنتج سلعاً استهلاكية بديلة من الواردات وسلعاً موجّهة نحو التصدير.
واوضح انه في العام 2019، شهد القطاع الخارجي تراجعاً نسبياً في عجز الميزان التجاري بلغت نسبتُه 8,9% على أساس سنوي، بحيث انخفض هذا العجز من 17,0 مليار دولار الى 15,5 مليار دولار.
وافاد التقرير بأن الدين العام الإجمالي بلغ 89,5 مليار دولار في تشرين الثاني 2019، أي بزيادة نسبتُها 7,0% مقارنةً مع تشرين الثاني 2018 و5,1% مقارنةً مع كانون الأول 2018. وقد ازداد الدين العام بالليرة اللبنانية بنسبة 11,2% مقارنة مع تشرين الثاني 2018 لتوازي قيمته 55,9 مليار دولار في تشرين الثاني 2019. أما الدين العام بالعملات الأجنبية، فقد زاد بنسبة 0,6% مقارنةً مع تشرين الثاني 2018 ليناهز 33,6 مليار دولار في تشرين الثاني 2019. في هذا السياق، وبعد تنزيل ودائع القطاع العام لدى مصرف لبنان والمصارف التجارية من مجموع الدين العام، يكون الدين العام الصافي قد ازداد بنسبة 7,4% مقارنةً مع تشرين الثاني 2018 لتصل قيمته الى 80,6 مليار دولار في تشرين الثاني 2019. بناءً عليه، تقدَّر نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بحوالى 153% في تشرين الثاني 2019، وهي تلامس المستوى الأعلى الذي بلغته منذ عشر سنوات.
واكد ان بورصة بيروت سجلت في العام 2019 أداءً سلبياً، تمثّل في استمرار خسائر السنة السابقة بسببب المخاوف السائدة حيال الآفاق الإقتصادية والمالية للبلاد والتراجع الواضح لعامل الثقة.
واكد تقرير بنك عوده أن الاختلالات البنيوية القائمة في لبنان حالياً جسيمة، لا سيما على صعيد القطاعين الخارجي والعام، إلا أن المخارج ما زالت متاحة وتحقيق سيناريو الهبوط الآمن ما زال ممكناً، إذا تمّ اتخاذ خيارات وتدابير جذرية من قبل واضعي السياسات. فالأرقام ما زالت قابلة للاحتواء إذا صدقت النيات، وفي حال أُطلقت عجلة الإصلاحات الهيكلية بشكل ملائم، في إمكان لبنان أن ينتقل تدريجياً من حقبة الوهن الاقتصادي إلى حقبة الاحتواء التدريجي للمخاطر والتهديدات كشرط أساسي لأي نهوض اقتصادي منشود في المدى المتوسط إلى الطويل.
وشدد على ان إن دعم الوضع النقدي يعدّ ضرورياً للحفاظ على الاستقرار المنشود.