تحركات ديبلوماسية مكثفة شهدتها القاهرة طوال الاسبوع الماضي، حول «المسألة الليبية» للتوصل لتسوية سياسية شاملة، تتضمن تبادل جميع جوانب هذه المسألة.
كما شهدت روما (مساعي ايطالية – ليبياة، ومساعي أميركية – ليبية اجراها وفد اميركي رفيع المستوى مع كل من المشير حفتر، ووزير داخلية طرابلس، كلّ على حدة) والجزائر وبرلين مثل هذه التحركات الديبلوماسية حول المسألة الليبية للتوصل الى تسوية سياسية شاملة، ومنع اي تصعيد عسكري.
وكان هناك تطابق في الرؤى بين مصر وروسيا، ومصر وإيطاليا، ومصر واليونان وقبرص، ومصر وبرلين، ومصر ورئيس المجلس الاوروبي، ومصر والجزائر خصوصاً، فيما يخص المسألة الليبية، ورفض التدخل الاجنبي في ليبيا بأشكاله كافة، بالاضافة الى اهمية المسار السياسي.
فـ»المسألة الليبية» تمثل للبلدين العربيين إهتماماً مشتركاً، وأولوية تنطلق من ضرورة دفع الجهود الديبلوماسية المكثفة حول المسألة الليبية حالياً، من اجل تجاوز ليبيا لهذه المرحلة الصعبة، وبدء مرحلة جديدة عنوانها الاستقرار والتنمية بعيداً عن صراع المصالح والنفوذ الخارجي بما يضمن للدولة والشعب العيش بسلام.
وفي هذا السياق، قالت المستشارة الالمانية، انغيلا ميركل في مؤتمر صحافي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبت في موسكو «إن مؤتمر للسلام حول ليبيا ستستضيفه برلين، ونأمل له النجاح بالجهود المشتركة لإحلال السلام في ليبيا»، لأنّ «الوقت قد حان ليسود السلام ليبيا»، كما صرح بذلك الرئيس الروسي بوتين الذي اضاف انه يشعر «بالقلق من نقل ميليشيات الجماعات المتطرفة من إدلب الى ليبيا»… وكان قد اكد الجمعة في اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» على ضرورة التوصل لتسوية سياسية شاملة في ليبيا.
ويأتي «مؤتمر برلين» للسلام في ليبيا وسط تخوف واهتمام اوروبي من عواقب الصراع في ليبيا والتدخلات الخارجية في ليبيا التي أججت هذا الصراع، على الامن في البحر المتوسط، وعلى موجات اللاجئين الافارقة منها بعد أن تحوّلت بعض موانئها المطلة على المتوسط الى جسر عبور لهذه الهجرات (خصوصاً في الغرب الليبي)، وأيضاً الخوف من أن تصبح ليبيا أرضية خصبة لظهور مجموعات إرهابية تنقل إليها من سوريا، والخوف من ترسيخ الوجود التركي في المتوسط: الطاقة، وفوزها بـ٣٠ مليار دولار من الاستثمار في ليبيا.
كما يتعلق هذا الاهتمام بمصالح اقتصادية في ليبيا، ويسبب ذلك إنقساماً داخل الاتحاد الاوروبي (الذي وظفته تركيا لصالح تدخلها في الغرب الليبي)، فإيطاليا دعمت «السراج باشا»، وفرنسا دعمت المجلس النيابي الرسمي، والجيش الوطني الليبي.
وتأمل ألمانيا الطرف الذي طالما بقي طرفاً محايداً في المسألة الليبية بنجاح «مؤتمر برلين» الذي ستحضره الجهات الإقليمية والدولية؛ خصوصاً فرنسا وألمانيا وإيطاليا، ودول جوار ليبيا خصوصاً مصر والجزائر وتونس، ولن يحضره اي طرف ليبي.
وقد سبق انعقاد هذا المؤتمر النجاحات الميدانية للجيش الوطني الليبي في تحرير «مدينة سرت» و»محمية الهيشة» وتشديد حصاره على «مصراتة» بؤرة الميليشيات والمجموعات الارهابية، وعلى «طرابلس الغرب»، وقبوله الهدنة العسكرية الموقتة التي دعت لها روسيا بدءًا من امس الاحد كمنتصر لا منهزم، وتشديده على ان لا حوار قبل القضاء على الميليشيات الارهابية التي أفشلت كل الاتفاقيات والتفاهمات السابقة.
إضافة الى طلب «عقيلة صالح» رئيس مجلس النواب الليبي العون من مصر وإن دعت الحاجة، لحماية بلاده بعد عجز الامم المتحدة في اتخاذ مواقف جادة، جاء ذلك خلال مشاركته امس في الجلسة العامة التي عقدها مجلس النواب المصري حول الوضع في ليبيا..
فهل ينجح «مؤتمر برلين» حيث فشل قبلاً مؤتمرا فرنسا وإيطاليا؟
يحيى أحمد الكعكي