السلطان التركي الخاسر يواصل مغامراته الخارجية لتحويل أنظار الشعب التركي الذي أسقطه من حساباته من الداخل الى الخارج، وارجاع هذا الشعب قسراً الى الماضي العثماني الأليم، الذي كان هذا الشعب قد لفظه منذ سنة ١٩٢٢.
هذا السلطان مستمر في تحدي المجتمع الدولي، خصوصاً العرب، بمغامراته التي بدأت في سوريا ولاتزال مستمرة (وللأسف بغطاء دولي معين)، وفي التعدي على المياه الاقليمية لقبرص، في البحر المتوسط، لسرقة ثرواتها الوطنية من الغاز الطبيعي!
ولعل تأخر الاتحاد الأوروبي في اتخاذ العقوبات الرادعة ضد قرصنته هذه، وكذلك غض النظر من قبل «الروسي – الأميركي» عن قرصنته هذه، شجعه على مد «أهدافه الاستعمارية العثمانية» تحت غطاء «الحدود التاريخية» لـ«الدولة العثمانية» الى «غرب ليبيا» التي تحكمها «المنظمات الارهابية» تحت مسمى «حكومة الوفاق الليبية» المؤيدة من بعض الدول الاقليمية والعالمية.
وتأكيداً لدعم هذه «المنظمات الارهابية» منذ ٢٠١١، طلب «السلطان الخاسر» من «سراج» هذه «المنظمات» – أي «فايز السراج» رئيس ما يسمى بحكومة الوفاق الليبية في طرابلس الغرب – ان يوقع معه وبإذلال اتفاقيتين مثيرتين للجدل، إحداهما حول التعاون الأمني وحماية ليبيا من الارهاب (والمقصود بالإرهاب هو الجيش الوطني الليبي)، والثانية في المجال البحري (!) ترسيماً للحدود بينهما.
وعلى رغم أن الجانبين لم يعلنا تفاصيل حول المذكرتين، وعلى رغم أن حكومة السلطان الخاسر لم تذكر أين تلتقي الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، وعلى رغم أن المذكرتين غير شرعيتين بحسب القانون الدولي لأعالي البحار (التي رُفضت تركيا من التوقيع عليه من قبل المجتمع الدولي لأنها دولة محتلة للجزء الشمالي من قبرص).
وبحسب المادة الثامنة من اتفاق «الصخيرات» السياسي برعاية هيئة الأمم المتحدة، بشأن ليبيا، الذي ارتضاه الليبيون، تُحدّد الاختصاصات المخوّلة لمجلس رئاسة الوزراء، حيث تنص صراحة على أن مجلس رئاسة الوزراء ككل – وليس رئيس المجلس منفرداً – يملك صلاحية عقد اتفاقات دولية.
وهذا ما يؤكد على أن الاتفاقيتين غير شرعيتين قانونياً، بل هما مجرد «تغطية» ليضع «السلطان الخاسر» يده (بصفة شرعية كما يتصوّر هو وسراجه) على «غرب ليبيا» لعدة أسباب سأشرحها في قراءات لاحقة.
من أهمها نقل ٢٠ الف من ميليشيا «داعش» الى «غرب ليبيا» مع كامل تجهيزاتهم العسكرية يدعمهم جيشه الارهابي (وهو أحد جيوش حلف شمال الأطلسي) – الناتو – الذي كان سبب تقسيم ليبيا بـ»الفوضى الهدّامة» سنة ٢٠١١ (!).
وهذا الحشد العسكري الإرهابي هو كله لتهديد «الأمن القومي المصري» على حدود مصر المائية الاقتصادية في البحر المتوسط مع اليونان وقبرص، وتهديد هذا «الأمن» من الحدود الغربية مع ليبيا التي تقدّر بحوالى ١١١٥ كلم، والتي كانت مصدر قلق لهذا «الأمن» قبل عملية «سيناء – ٢٠١٨» التي أحبطت كل محاولات التسلل عبر هذه الحدود الرملية الهشّة الى داخل مصر..
ولماذا هذا «الحشد العسكري الإرهابي الآن على هذه الحدود؟ لأنه بدء تنفيذ مخطط إرهابي «تركي – إقليمي» بالتعاون مع عدة مخابرات دولية لاعادة «مصر» الى «المربع صفر» في الذكرى التاسعة لـ٢٥-١-٢٠١١ في ٢٥-١-٢٠٢٠ لمنع «مصر» أن تصبح «قوة عظمى إقليمية» سياسياً وعسكرياً واقتصادياً (خصوصاً في مجال الغاز والبترول) بعدما بدأت بجني ثمار مشروعاتها القومية العملاقة في الربع الأخير من هذه السنة ٢٠١٩، وحيث تعتبر سنة ٢٠٢٠ هي بداية انطلاقة «مصر القوة العظمى» في إقليمها، وفي العالم.
وغداً إن شاء الله نكمل القراءة.
يحيى أحمد الكعكي