انعكست أزمة الدولار في لبنان على جميع القطاعات بشكل عام خصوصا بعد وجود سعري صرف، احدهما رسمي وآخر فيما عُرف بالسوق السوداء، وهو الامر الذي انعكس سلبا على جميع المستوردين… قطاع الدواء كان بطبيعة الحال أحد تلك القطاعات التي عانت خلال تلك الازمة قبل ان يُصار الى حل المشكلة عبر ما عرف بالتعميم 530 الذي اصدره مصرف لبنان والذي أتاح استيراد الدواء وفق سعر الصرف الرسمي للدولار.
للإضاءه على ذلك، ولمعرفة واقع قطاع الدواء، كان لنا هذا الحوار مع نقيب مستوردي الادوية كريم جبارة..
هل تجاوزتم الازمة التي مر بها قطاع الدواء جراء ازمة الدولار وهل سلكت اجراءات التعميم 530 مسارها؟
تم حل المشكلة نظريا، واتفقنا مع سعادة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على تنفيذ اجراءات التعميم من دون ان يكون هناك شروط تعجيزية بحيث تكون امكانية تطبيقه ممكنه، واستطيع القول ان المشكلة تم حلها… المصارف بدات بالتواصل مع المصرف المركزي للوقوف عند آلية التطبيق وانا أؤكد أن هناك مصرفان بدءا بالتطبيق ولا اعتقد بوجود أي سبب يمنع تطبيق التعميم في الايام المقبلة.
هل هناك فعلا ادوية فقدت من السوق جراء الازمة؟
كلا، لأن المستورد عادة ما يكون لديه مخزون لثلاثة اشهر. أستطيع ان اؤكد ان لا ازمة دواء اليوم إنما سنواجه مشكلة إذا نفد المخزون خصوصا إذا لم يكن هناك سعر صرف ثابت، وهو الامر الذي قد يدفع المستورد لإيقاف عملياته او بمعنى آخر إيقاف استيراد الدواء. طبعا هناك بعض الأدوية التي تنفد من السوق ولكن عادة ما يكون ذلك عائدا لاسباب لوجستية؟
أين هي وزارة الصحة من الازمة التي حصلت ؟
تشكل الوزارات هيئات ناظمة تضع الاجراءات للاستيراد وتضع الاسعار لكن ما عدا ذلك، فهو خارج اطار عملها، وبكل الأحوال فإننا وضَعنا معالي وزير الصحة في صورة ما يجري ولديه علم بأننا تواصلنا مع الرئاسات الثلاث ومع الحاكمية كي نحل المشكلة.
كم يبلغ عدد المستوردين ؟
يوجد ما يقارب الثمانيين مستوردا… خمسون منهم ضمن نقابة مستوردي الادوية وثلاثون خارج النقابة.
هل تشير الى وجود مستوردين غير شرعيين؟
كلا هم مستوردون شرعيون ولديهم رخصة لاستيراد الدواء.
ما هي اكثر البلدان التي يتم الاستيراد منها؟
اوروبا واميركا بشكل اساسي- اي من المانيا وفرنسا وسويسرا وانكلترا واميركا الشمالية- كما اننا نستورد من بعض البلدان العربية كالامارات ومصر والاردن والسعودية واشير الى ان اهم ادوية جنريك يتم استيرادها من الدول المحيطة بنا كالاردن ومصر والامارات والسعودية.
فيما يخص ادوية الجنريك هل هناك اختلاف كبير في الاسعار بين تلك الموجوده في الدول العربية والاخرى في الدول الغربية؟
نعم… اسعارها في اوروبا ارخص من تلك الموجوده في العربية.
المواطن اللبناني دائما ما يسأل عن سبب تفاوت سعر الدواء بين لبنان والبلدان المحيطة… على سبيل المثال في تركيا الدواء ارخص من لبنان بنسبة كبيرة وهو الامر الذي يدفع الكثير من اللبنانيين لتأمين ادويتهم من هناك.. ما هو رأيك؟
لا تصح المقارنة بين تأثير سعر الدواء على المريض في لبنان وتأثيره في باقي الدول، فالفرنسي مثلا لا يدفع ثمن الدواء اما في لبنان فالموضوع يختلف… اللبناني يدفع سعر الدواء وينتظر اشهرا عده لاسترداد ثمنه من الضمان اذا ما كان مضمونا.
اما بالنسبة لسعر الدواء في تركيا فهو امر له علاقة بالبنية الاقتصادية وله علاقة بالصناعة الوطنية وبعدد السكان الذي يناهز الـ 100 مليون كما بنسبة السكان المضمونين والتي تصل الى حدود 99 بالمئة كما له علاقة ايضا بانهيار الليرة التركية ما بعد العام 2015.
بالنسبة لسعر الدواء في لبنان بالمقارنة مع باقي الدول، لا يعتبرا غاليا على عكس الاعتقاد السائد، واذا اردنا ان نخرج بمقارنة صحيحة، فعلينا ان نعتمد نظام المعدلات عامة. قد تجد دواء في استراليا مثلا ثمنه ارخص من سعر الدواء نفسه في لبنان والعكس صحيح قد تجد دواء آخر في لبنان سعره ارخص من دواء نفسه في استراليا. من هنا فان المقارنة في اسعار الدواء يجب ان تقوم وفق نظام المعدلات وليس بشكل مجزأ.
هل صحيح ان العديد من الشركات امتنعت عن التصنيع الى لبنان جراء تخفيض سعر الدواء ؟
نحن كمستوردين نعمل وفق حجم الاعمال، فاذا هبط سعر الدواء من 20 الفا الى 10 مثلا، بالنسبة لنا أفضل من يكون خمسة لان مدخولنا يمثل نسبة مئوية من السعر. ولكن المصنع في الخارج لا يفكر في تلك الطريقة ولديه حساباته المالية، وقد يمتنع عن تصدير الدواء الى بلد معين اذا ما قام ذلك البلد بتخفيض سعره الى مستويات ما دون كلفة المبيع خصوصا في سوق محدود كالسوق اللبناني .
هل تود اضافة شيء اخر؟
خلال السنوات الماضية هبطت اسعار الدواء في لبنان بشكل كبير بنسبة وصلت الى حدود 60 او 70 بالمئة، ومع ذلك فان المقولة السائده بان سعر الدواء غال في لبنان… وفي ذلك الخصوص اشير الى ان وزارة الصحة تقسم سعر الدواء الى خمس شرائح، وارخص شريحه يطلق عليها اسم A في حين ان اغلى شريحه تسمى E وقد طلبنا دراسه في بداية العام على السنة الماضية، واظهرت أن 90 بالمئة من الادوية في الصيدليات – اي 9 من اصل 10- تقع ضمن الشريحه الارخص وتلك الشريحه يبلغ معدل سعرها عشرة الاف ليرة، اي يتراوح سعر تلك الشريحه ما بين الفين الى عشرين الف، اي بمعدل عشرة الاف ليرة وهذا يؤكد ان سعر الدواء في لبنان قد انخفض جدا.
أشير ايضا الى ان مستوردي الادوية يحصلون على نسبة من سعر الدواء الذي تضعه وزارة الصحة عبر اجراء ما يُعرف بـ Bench mark system والذي يقوم عبر اجراء مقارنات مع اسعار الدواء في خمسة عشر بلدا في العالم، منها عربية واخرى اوروبية، وتقوم الوزارة باعتماد السعر الادنى منها وفق سعر الاستيراد كل اربع سنوات، والمستورد كما الصيدلي يأخذ نسبة مئوية. في الخلاصة فان سعر الدواء في لبنان يمثل Index او مؤشر لسعر الدواء في تلك الدول كل 4 سنوات.
اشارة الى ان المقابلة اجريت بتاريخ الخامس عشرة من الشهر الجاري ولكن تأجل نشرها نظرا للاوضاع التي تمر بها البلاد