انعقد امس في بيروت مؤتمر النهوض بالزراعة في لبنان برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وبحضور 400 مشارك تقدمهم وزراء ونواب ومسؤولون بالإضافة إلى الخبراء والهيئات الزراعية والشركات المتخصصة وغيرهم من المعنيين بتطوير القطاع الزراعي. ونظّم المؤتمر وزارة الزراعة والمكتب الاقتصادي لرئاسة مجلس الوزراء والاتحاد العام للنقابات الزراعية في لبنان واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان بالتعاون مع مجموعة الاقتصاد والأعمال.
وتحدث في افتتاح المؤتمر كل من نائب الرئيس التنفيذي، مجموعة الاقتصاد والأعمال فيصل أبو زكي، رئيس الاتحاد العام للنقابات الزراعية في لبنان يوسف محي الدين، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير، وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش، وزير الصناعة وائل أبو فاعور ووزير الزراعة حسن اللقيس ممثلا راعي المؤتمر.
وقال أبو زكي :»إن لبنانْ وبسببِ تراجعِ القطاعاتِ الإنتاجيةِ ونشاطاتِ التصديرِ بدأ يعاني من عجوزاتٍ كبيرةٍ في الميزانِ التجاري وفي ميزانِ المدفوعات، وأحد العواملِ التي تُساهَمُ في تزايدِ هذه العجوزاتِ التراجعُ الكبيرُ مع مُرورِ السنواتِ لمساهمةِ القطاعِ الزراعي في الناتجِ المحلي في مقابلِ تزايدِ وارداتِ لبنان من المنتجاتِ الزراعية وغيرها. لذلك فإن أحدَ الرهاناتِ الأساسيةِ في مجالِ تعزيزِ إنتاجيةِ ونمّو الاقتصادِ اللبناني هو ولاشكْ إحياءُ الاقتصادِ الزراعي وتوفيرِ الحوافزِ لإستقطابِ الإستثماراتِ وإدخالِ التقنياتِ الحديثةِ وتعزيزِ تنافسيةِ
المُنتجاتِ اللبنانيةِ في الأسواقِ الخارجية.
من جهته توقع محي الدين «أن يخرج المؤتمر بتوصيات تشكل ورقة عمل للقطاع، خصوصا وأن معنا اليوم ممثلين لنحو 76 تعاونية زراعية و27 نقابة زراعية إضافة الى عشرات المهندسين والاتحاد العام للنقابات الزراعية والاتحاد العام للتعاونيات. وختم قائلا: «الزراعة عابرة للطوائف ولكل النسيج الاجتماعي اللبناني وينبغي ان توحدنا».
أما الوزير شقير فقال: «كان اتحاد الغرف اللبنانية على الدوام داعماً اساسياً للقطاع الزراعي ولم يتوان يوماً عن الدفاع عنه، والعمل على حمايته وتطويره وزيادة تنافسيته، بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية لا سيما وزارة الزراعة وكذلك مع المنظمات غير الحكومية. وأغتنم أضاف: «لا يخفى على أحد التقصير الحاصل حيال الزراعة في لبنان، والتراجعات التي اصابت القطاع والخسائر التي تكبدها نتيجة توقف التصدير البري عبر سوريا الى الدول العربية لاسيما الخليجية التي تشكل السوق الرئيسية لمنتجاتنا.لكن، نحن اليوم أمام مرحلة جديدة وأمام فرصة حقيقية يجب الاستفادة للنهوض بالقطاع، نعم، الفرصة تتجسد بالشراكة القوية بين القطاعين العام والخاص في مؤتمرنا ، الفرصة تكمن بالحاجة الى القطاع الزراعي لانقاذ إقتصادنا الوطني، الفرصة أيضاً بدعم أركان الدولة القوي للزراعة من ضمن رؤية استراتيجية تضمنتها خطة ماكنزي».
وتابع: «مؤتمرنا يكتسب أهمية خاصة، لأنه أيضاً يتزامن مع الجهود التي يبذلها أركان الدولة خصوصاً الحكومة ورئيسها سعد الحريري لانقاذ الوضعين المالي والاقتصادي، حيث بات القطاع الزراعي يشكل إحدى الدعائم الاساسية للنهوض. من هنا فإن المسؤوليات مضاعفة للخروج بتوصيات واضحة وقابلة للتطبيق، ترسم من خلالها خارطة طريق للقطاع الزراعي للسنوات المقبلة»،
وأقترح «ان يتبنى المؤتمر تشكيل لجنة دائمة تعمل تحت رعاية وزارة الزراعة مهمتها متابعة تنفيذ التوصيات مع كل الجهات المعنية واقترح ان يكون مقرها في اتحاد الغرف اللبنانية».
ثم تحدث الوزير بطيش، فقال: «لا استِقــرارٌ بَعيــداً عَن مِحوَريَّةِ قِطاعاتِ الإنتاج، ولا نُمـوٌّ وازدِهــارٌ وبَحبوحَــةٌ مِن دونِ أن نُعيدَ الإعتِبارَ إلى زِراعَتِنـــا وصِناعَتِنـــا وسِياحَتِنـا والخَدَمـاتِ المُتَميِّزَةِ بِجودَتِها ونَوعِـيَّـتِهــا وفَـرادتِهــا وقـيمتِهــا المُضافَــة العالِيَــة.
واضاف «أمّا مَوضوعُ تَشريعِ زِراعَةِ الحَشيشةِ لإغراضٍ طبيَّــة، وهِيَ مِن تَوصِياتِ ماكينزي، فأتـرُكُهـا لِلتوافُقِ السِياسيّ ومَعاييـــرِ الضَبــطِ والإنضبـاطِ في زِراعَتِهــا وحَصادِهــا وتَسليمِهــا. كُلُّ هَذِهِ الاقتِراحاتِ وغَيـرِهـا تَحتاجُ إلى سِياسَةٍ وَطنيَّةٍ واضِحَةٍ تَضَعُ استراتيجيَّـةَ عَمَلٍ لِلنهوضِ بِالقِطاعِ، يُصارُ إلى تَفصيلِها وَوَضعِ آليّاتِهــا ضِمنَ المؤَسَّساتِ، لِنَشرَعَ بَعدها جَميعاً في العَمَـــلِ والإنتــاج.
واستهل وزير الصناعة وائل أبو فاعور كلامه بالسؤال التالي هل لبنان بلد انتاجي أم إستهلاكي، وعاد بالوقائع إلى عهد الأمير فخر الدين الذي شجع التجارة ولكنه شجع الزراعة والصناعة واقام توازنا بينهما، فلماذا لا نستلهم عهد الأمير فخر الدين؟
ثم تحدث أبو فاعور عن الظروف الاقتصادية التي أثبتت أن الاعتماد على القطاعات الخدمية والريعية لم تؤد إلى أي نتيجة، وأستعرض بعض الأرقام على الميزان التجاري على مدى السنوات القليلة الماضية مستنتجا منها أن الواردات تزيد بوتيرة عالية، بينما ثمة نمو في الصادرات رغم المعوقات.
وخلص أبو فاعور فوضع عناوين أساسية للعلاج ترتكز إلى دعم القطاعات الإنتاجية وتوفير مختلف الحماية لها، وإعادة النظر في الاتفاقية الموقعة سواء على صعيد اتفاقية التيسير العربية أو على صعيد الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي.
وقال الوزير اللقيس: «كُلٌنا أملٌ انْ نَخْرُجَ مِن هذا المؤتمر، بِتوصياتٍ جَريئَةٍ، تَطْرَحُ افْكاراً بَسيطةً في بُنيتِها، وجَذريَةً في فَعاليَتِها، تصبُ في مصلحةِ الزراعةِ في لبنان، تُعززُ الشراكةَ بين القطاعين العام والخاص، وَتَسْتَقْطِبُ التَمويلَ منَ المُسْتَثمرينَ، والجهاتِ الدوليةِ المانحةِ».
اضاف: «إنَّ اَلقِطاعَ أَلزِراعيَّ في لُبْنانْ، لَمْ يَأْخُذِ الإْهْتِمامَ الَذي يَسْتَحِقْ، وهو يُعَانِيْ مِنَ معوقات بنيوية مزمنة، والتي تستدعي معالجةَ مختلفةً، تُحدِّدُ مكامِنَ الخللِ، وتقترحُ الحلولَ الملائمةَ. وهذا يتطلّبُ رؤيةً واضحةً، وقراراتٍ جريئةً، كذلكَ يستدعي تظافرَ جهودِ جميعِ المعنيينَ في هذا القطاعِ الحيويِّ، الذي نعملُ لتطويرِهِ ليأخذَ مكانَتَهُ في الاقتصادِ اللبنانيِّ».
ولفت الى «إنَّنا نسعى الى بلورةِ سياسةٍ زراعيةٍ واضحةٍ، ترتكزُ على تشجيعِ الاستثماراتِ، وتبني السياساتِ المحفزةَ والملائمةَ لنقلِ التكنولوجيا في الزراعةِ، وزيادةِ القدرةِ التنافسيةِ للمنتجاتِ الزراعيةِ اللبنانيةِ ذاتِ القيمةِ المضافة، وتفعيلِ الرقابةِ على سلامةِ الغذاءِ للمستوردِ كما للمصدّر، وتحسينِ فعاليةِ خدماتِ الإرشادِ ونقلِ المعرفةِ للمزارعينَ والمنتجينَ، والولوجِ الى أسواقٍ جديدةٍ تحتاجُ إليها مُنتجاتُنا، وتطويرِ التعليمِ الفنيِّ الزراعيّ ووضعِ مناهجَ جديدةٍ تتلاءمُ والتطورَ التكنولوجيَّ، وتحسينِ فعاليةَ إستخدام الري، وانشاءِ البُرك الترابيةِ، مع المحافظةِ على إستدامةِ إدارةِ وإستخدامِ المواردِ الطبيعية. كما أنّنا نعي تمامًا أهميةً استقطابِ الشبابِ للإستثمارِ في المشاريعِ الزراعيةِ الواعدةِ، إضافةً الى الدورِ المحوريِّ للنساءِ في الزراعةِ والغذاء. كما نولي أهميةً قُصوى لتطويرِ قطاعِ تربيةِ الاحياءِ المائيةِ البحريةِ والنهريةِ، وتحديثِ قطاعِ صيدِ الأسماكِ عبرَ وضعِ الأُطرِ القانونيةِ الملائمةِ لتنظيمِهِ وللإستثمارِ فيه».