تابع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قبل ظهر السبت في قاعة مؤتمرات الصرح البطريركي في بكركي، أعمال اليوم الثاني من منتدى بكركي الاقتصادي – الاجتماعي الثاني، في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، نائب رئيس «المؤسسة البطريركية المارونية العالمية للانماء الشامل» الدكتور سليم صفير ولفيف من المطارنة الموارنة من لبنان ودول الانتشار وحشد من سيدات ورجال الأعمال اللبنانيين والمغتربين، اضافة الى فاعليات اجتماعية واقتصادية.
وألقى سلامة بداية كلمة شدد فيها على ان «وضع الليرة مستقر». وقال: «صندوق النقد الدولي اعتبر ان النمو في الشرق الأوسط ستكون نسبته 1% في خلال العام 2019، وهذه نسبة منخفضة تأثرنا بها. وتوقعنا في لبنان أن يكون النمو لهذا العام نحو 0%، وهذا الأمر يؤثر على لبنان لناحية تخفيض قدراته على التصدير، وبحسب الأرقام التي لدينا فان التصدير تراجع الى ملياري دولار كما انه يؤثر على حركة التحاويل الخارجية الى لبنان، وايضا في هذا المجال تشير توقعات البنك الدولي إلى ان تكون هذه التحاويل نحو 7 مليارات دولار بعدما كانت عامة نحو 9 مليارات دولار، وهذا الفارق الذي تأثر به لبنان، يجب على المصرف المركزي العمل لتأمينه سنويا. وهذا العام شهدنا انخفاضا في ميزان المدفوعات بحدود 5 مليارات و300 مليون دولار، انما هذا الانخفاض ناتج من تسديد الدين الذي قام به مصرف لبنان عن الدولة اللبنانية بحدود 3 مليارات و200 مليون دولار، ونحن نسترد المبلغ عند إصدار سندات سيادية لبنانية من جديد في خريف العام 2019، عندئذ تتغير المعطيات الا ان الدفعات المهمة تمت أواخر أيار، ولمسنا في شهر حزيران توازنا في ميزان المدفوعات، وفي شهر تموز تدفقات ايجابية الى لبنان مع قيام عدة مصارف بمنتجات مالية استقطبت استثمارات من اللبنانيين من الخارج الى لبنان».
وتابع: «لهذه الأوضاع آثارها الاقتصادية سواء في العالم او في المنطقة او لناحية السيولة التي انخفضت في لبنان، وهي آثار مباشرة على مستوى الفوائد الموجودة في السوق اللبنانية. نحن نتابع ما يجري نسبة للمردود على السندات اللبنانية السيادية في اسواق لندن بحيث تراوحت بين و 12 و11%. في السوق المحلية في لبنان ومقارنة مع تشرين من العام 2017، وتزامنا مع استقالة الرئيس الحريري في السعودية، بدأت الفوائد ترتفع في لبنان فتراجعت السيولة. وهنا نجد ان معدل الفوائد المدينة في لبنان ارتفع الى 2% نتيجة القروض المدعومة التي يقوم بها البنك المركزي ولولاها لكان الارتفاع تجاوز 3%. من هنا تدخل مصرف لبنان في العام 2018 في السوق لإبقاء التقديمات التي يقوم بها بالنسبة لدعم الفوائد وهذا الأمر ساعد، كما تدخل لدعم تخفيض كلفة المديونية للدولة بحيث أنه أقرض الدولة نحو 8 آلاف و800 مليار ليرة اي ما يساوي 5 مليارات و500 مليون دولار للتسليف بنسبة 1%. وهذا الأمر اوجد وفرا كبيرا على القطاعين الخاص والعام وبالتالي تحمل البنك المركزي هذه الكلفة ذلك ان ميزانيته تسمح له بتحمل هذه المبادرات».
أضاف: «بالنسبة إلى موضوع القروض المدعومة، أراد مصرف لبنان في 2019 وضع رزمة من هذه القروض في السوق. لذلك سندعم ما يساوي 250 مليون دولار من القروض السكنية لهذا العام وبدأنا بالعمل على ذلك ونحن نتلقى الطلبات من المصارف التي لم تدخل كلها في تعميم مصرف لبنان في القروض السكنية وانما التزم عدد كبير منها وهو يلبي الزبائن بهذا المعنى. كما ان مصرف الإسكان يقوم بنشاط ملحوظ لتأمين القروض السكنية، وهناك قرض من دولة الكويت بـ167 مليون دولار يفترض ان تستفيد منه مؤسسة الاسكان وبنك الإسكان اضافة الى 250 مليون دولار التي يدعمها البنك المركزي. يضاف الى هذا نحو 100 مليون دولار مدعومة من البنك المركزي على شكل قروض تتحول في معظمها الى القطاع السكني. كما اننا دعمنا لهذا العام نحو 150 مليون دولار للقروض الإنتاجية للأسف لم يستعمل منها لغاية اليوم سوى 100 مليون دولار وهي متوفرة في السوق، ولكن الطلب الذي نشهده ونظرا للحركة الاقتصادية في البلد هو خجول على القروض الانتاجية ومعظمه يتم على قروض لها علاقة بالطاقة».
وأضاف «ان الوضع التسليفي في لبنان هو وضع دقيق ذلك ان السيولة اصبحت منخفضة».
وأكد «ان قدرة المصارف على تطوير التسليفات او سوق التسليف في الوقت الحالي محدودة والمصارف سوف تنكب حاليا على تخفيض نسبة التسليف الى الناتج المحلي وهذا جزء من الانكماش الاقتصادي الذي نعيشه».
وقال: «الأمر الجيد هو أن التخلف عن التسديد منخفض في لبنان. القروض التي لم تسدد لم تتعد الـ6% من مجمل المحفظة التسليفية، وهذا أمر إيجابي للبنان ويؤكد ان لبنان لديه الملاءة وان كل الكلام عن ان لبنان بلد بخطر الإفلاس هو كلام غير مبرر علميا وبالأرقام».
وجدد تأكيد البنك المركزي على استقرار سعر صرف الليرة ونحن لمسنا أخيرا في الأسواق العودة الى أسواق طبيعية، ولم يعد هناك تحويل من المودعين من الليرة الى الدولار، وطلب المصارف في معظمه طلب تجاري. ونحن ملتزمون الحفاظ على ملاءة المصارف اللبنانية المرتفعة والتي تبلغ نحو 16%، وهناك نسبة سيولة تتعدى 10% وهذه المصارف سليمة».
وأعلن سلامة: «كالعادة هناك دائما شائعات سلبية في الأسواق اللبنانية حتى ولو ان مؤسسات التصنيف خفضت تصنيف لبنان إلا ان هذا الأمر لن يؤثر على القطاع المصرفي، فتأثيره يدني الملاءة من 16 الى 12%، وهنا ايضا لايزال الرقم أكبر مما هو مطلوب عالميا».
وتابع: «نحن نواجه مجموعة من المحترفين في صناعة اليأس ولكننا نؤكد الاستقرار مرتكزين على أرقام ومعطيات قائمة على العمل الاستباقي الذي يقوم به المصرف المركزي. لدينا قاعدة ودائع جيدة ومستقرة ويمكننا القول إنها الافضل في المنطقة وموجوداتنا الخارجية مستقرة سواء في البنك المركزي او موجودات المصارف التجارية ونحن متفائلون بان الدولة بدأت بوضع انتظام لتخفيض العجز».
وختم سلامة: «ان الاستقرار النقدي لا يكفي لنهضة البلد اقتصاديا واجتماعيا واخلاقيا. الحكومة قادرة على تأمين سياسة رشيدة ورشيقة وسريعة ونأمل بان تعاود اجتماعاتها ومبادراتها فالمرحلة دقيقة جدا وتتطلب حكمة وجرأة ورجاحة عقل».
وأكد أن «الفوائد لا تنخفض الا بإصلاح مالي وهو اصلاح يتطلب توافقا سياسيا وعقلنة سياسية لطمأنة الأجواء».