وسط تصعيد إسرائيلي خطير يستهدف الشعب الفلسطيني وحقوقه ومقدساته خاصة ما يتعرض له المسجد الأقصى من انتهاكات اسرائيلية واقتحامات لعتاة المستعمرين بحماية قوات الاحتلال وتصريحات علنية لوزراء وأعضاء كنيست حول نية تقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا والسماح لليهود بالصلاة فيه، ووسط استمرار حملات القتل والاعتقال وتوسيع المستعمرات جاءت عملية امس الاول في باب السلسلة عندما قام اثنان من الفتية الفلسطينيين لا يتجاوز عمراهما خمسة عشر عاما بمهاجمة مجموعة من رجال الشرطة وحرس الحدود المدججين بالسلاح امام احدى بوابات الأقصى، وقبل ذلك بأيام مقتل جندي اسرائيلي في منطقة مستعمرات “غوش عتصيون”.
وقبل اسبوع قتل الجيش الاسرائيلي على حدود غزة أربعة شبان بدعوى انهم حملوا أسلحة وخططوا لهجوم على هذا الجيش المدجج بسلاح أمريكي متقدم.
هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير يجب ان يدفع قادة هذا الاحتلال الى طرح سؤال مهم على انفسهم، هل يعتقدون ان الشعب الفلسطيني سيقف متفرجا على هذا العدوان الشامل الذي بات يستهدف وجوده ومقدساته؟ وهل يمكنهم تفسير الاسباب التي تدفع اطفالا فلسطينيين وشبانا في عمر الورود للتضحية بحياتهم؟ وهل يدرك قادة هذا الاحتلال ان انتماء الفلسطيني لوطنه وشعبه وتمسكه بحقوقه سيظل أقوى من جبروت القوة التي امدته بها ادارات اميركا الظالمة؟
بعد مقتل ذلك الجندي زار نتنياهو المكان وزار مستعمرة بيت ايل ايضا وزعم قائلا” نحن الاسرائيليين نبني والفلسطينيون يهدمون ويقتلون” واعلن بناء المزيد من الوحدات الاستعمارية معتقدا ان تعميق الاحتلال وبناء المزيد من المستعمرات سيردعان الفلسطينيين عن مواصلة نضالهم لانتزاع حريتهم واستقلالهم على تراب وطنهم.
من المفروض ان الكذب له حدود ولكن كذب نتنياهو ومتطرفيه لا حدود له. فحتى الجاهل من اليهود يعلم علم اليقين بان نتنياهو يكذب، وقد علم تلميذه ترامب ايضا على الكذب وعلى تشويه الصورة المشرقة لشعبنا الصابر المناضل.
وربما يتوهم ترامب ونتنياهو ان شعبنا الفلسطيني المظلوم من هذه الزمرة الاستعمارية التي تستعمر شعبا اعزل سيقف متفرجا على ما يحصل له من قتل وهدم لبيوته وسرقة لأراضيه وحرق لأطفاله واعتداء يومي على مقدساته الاسلامية والمسيحية، وان كل هذه الجرائم ستمر بدون ردات فعل لا يخطط لها اي فلسطيني ، فالشعب الفلسطيني بطبيعته شعب مسالم وقد استقبل الكثيرين من جميع دول العالم بكل الحب والاحترام، وعاشت هذه الشعوب معنا في حالة سلم .
ومنذ اعلان بلفور المشؤوم والشعب الفلسطيني يعاني من شعب اتانا من شمال أوروبا وهم اليهود الاشكناز اي يهود اوروبا هربا من بطش النازي او الاوروبي كما حصل في ألمانيا واسبانيا.
ان شعبنا الفلسطيني ليس هو الذي يقتل ويسرق ويهدم البيوت كما يزعم نتنياهو وليس هو من يصادر الأراضي ويستعمر فهذه ليست الطبيعة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني طالما استنكر اي نوع من القتل.
ويعرف نتنياهو ان الذي يقتل ويهدم ويعتدي ويرتكب المجازر هم اليهود الاشكناز الذين ينتمي لهم والذين ينتمون للعرق الآري وليس السامي. فجدنا نوح وابنه سام لم يعيشا في جنوب او شمال اوروبا التي اتانا منها هؤلاء الاشكناز، كما يدرك ان من ارتكب المحرقة بحق اليهود الاشكناز هو النازي ، .وهو ما استنكره شعبنا بشدة.
ونذكِّر نتنياهو بأن اليهود الاشكناز ارتكبوا ١٥٠ مجزرة موثقة في قرى ومدن فلسطين التي كان شعبها يعيش بسلام وبدون سلاح، واكبر شاهد على ذلك مجزرة قرية دير ياسين قرب القدس التي اعترف معلمه مناحيم بيغن بتدبيرها بل انه قال انه لولا مجزرة دير ياسين لما قامت اسرائيل. وكذلك مجزرة الطنطورة ومجزرة ام الصفصاف والكثير غيرها. كما ان مجزرة صبرا وشاتيلا التي قتل فيهما ٣٦٦٥ شهيدا بين امرأة وطفل في بيروت عام ١٩٨٢م، سجلها التاريخ بحق السفاح شارون، احد أقطاب حزب الليكود الذي ينتمي له نتنياهو. وقد استمر القتل والحرق بحق الشعب الفلسطيني الاعزل من السلاح الى يومنا هذا ونذكّر نتنياهو بمجزرة قانا ومجزرة الحرم الإبراهيمي وقيام المستعمرين الذين يدعمهم نتنياهو وحزبه بإحراق عائلة دوابشة في قرية دوما وهم نيام واختطاف وإحراق الطفل الشهيد محمد أبو خضير في القدس. فمن هو الذي يقتل ويهدم يا نتنياهو؟!
وطالما قال الشعب الفلسطيني وقيادته وعلى رأسها الأخ الرئيس محمود عباس اننا ندين ونرفض كل اعمال القتل وان الاحتلال هو السبب الرئيسي في هذه الدوامة التي يصر على بقائها. وعندما لجأنا للمجتمع الدولي اتهمنا نتنياهو وزمرته بالارهاب الدبلوماسي وها هي المظاهرات والاحتجاجات السلمية في الضفة الغربية وقطاع غزة خير دليل على اعمال القتل والهدم التي يقوم بها نتنياهو وحكومته فعشرات الالاف من الشهداء والجرحى سقطوا بالرصاص الإسرائيلي والاف المباني هدمتها الطائرات الحربية والدبابات الإسرائيلية وبعضها هدم فوق رؤوس المدنيين العزل وها هو هدم الاحتلال للمنازل الفلسطينية في وادي الحمص وسلوان وغيرهما بحجج واهية . فمن هو الذي يهدم حقا؟
أما جلعاد أردان وزير الامن الداخلي الإسرائيلي فيعلنها صراحة ان الشعب اليهودي كان يجب ان يصلي في المسجد الاقصى منذ العام ١٩٦٧م، مما يعطي الصراع طابعا دينيا، وهنا ايضا على اردان وغيره ان يدركوا ان الشعب الفلسطيني لن يقف مكتوف الأيدي حتى لو اكتفى المسلمون في العالم بالشجب والاستنكار .
قلنا ونعيد القول بان الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطيني لا يمكن ان تستمر على هذا الحال. نحن شعب مسالم هدفنا العيش بسلام وقبلنا حتى تقاسم البلاد مع الذي احتل بلادنا الأصلية لحقن الدماء ودوامة الحروب ولتحقيق سلام دائم وشامل، ولكننا نرفض العيش تحت حكم استعماري جائر. وما يحدث من أفعال وردود أفعال ، سيتواصل اذا بقيت اسرائيل مصرة على احتلالها غير المشروع وربما سنصل الى اوضاع ابشع واصعب من الوضع الحالي وهو ما يتحمل الاحتلال مسؤوليته ،ولن تنتهي هذه الدوامة الا بزوال الاحتلال وجميع مستعمراته التي لا تقرها الأعراف الدولية.
الشعب الفلسطيني يريد السلام ولا يعشق القتل والدمار ويريد التفاوض والتحاور والتفاوض على أساس الشرعية الدولية وعلى اساس انهاء الاحتلال وتحقيق حقوقه المشروعة.
وعلى اسرائيل بيمينها ويسارها الصهيوني الاشكنازي ان تدرك اننا شعب لن يتنازل عن ملمتر واحد من ارضه ولا عن اي حق من حقوقه، وما القوانين التي اخترعها المحتل الا حبر على ورق ، لان قانُون املاك الغائبين جائر وغير شرعي فالشعب الفلسطيني لم يغب يوما واحدا عن ارضه وارض اجداده، بعكس المهاجرين اليهود الذين هجّرتهم الصهيونية من دولهم الى اسرائيل وتدعي اليوم ان لهم املاك صودرت وتحاول تشبيه وضعهم بوضع اللاجئين الفلسطينيين.
وإذا جنح المعتدي للسلم على اساس قرارات الشرعية الدولية والاعتراف بالحقوق المشروعة لشعبنا فالشعب الفلسطيني جاهز، وياليت نتنياهو يتعلم من سلفة رابين الذي قال :”كفى سفكا للدماء”.
في اول يوم من ايام عيد الاضحى المبارك ارتكب الاحتلال جريمة كبرى بحق شعبنا وبحق الأقصى وبحق الامة الاسلامية، فقام جنوده بالاعتداء على المصلين وسمحوا للمستعمرين الجدد باقتحام المسجد الاقصى وقام المقدسيون الشرفاء الذين يدافعون عن شرف الأمة العربية والإسلامية، بالتصدي لهم وللأسف لم يجدوا الا أصواتا خجولة من الاستنكارات التي لا ترقى الى مستوي الخطر ولا الى مستوى الرد المطلوب على ما يرتكبه المستعمرون من تدنيس للمسجد الاقصى. وإزاء هذه الجريمة اكتفى بعض زعماء ومسؤولي الامتين العربية والإسلامية ببيانات الشجب والاستنكار وتحميل الحكومة الاسرائيلية المسؤلية، بينما يعلم زعماؤنا جيدا ان مثل هذه البيانات لا تردع هذا الاحتلال منذ وقت طويل ولا يأبه لها كما يعلمون بان جنود الاحتلال ينفذون اوامر نتنياهو وحكومته المتطرفة وبالمقابل نجد من يهرول للتطبيع مع هذا الاحتلال . والأنكى و كالعادة يناشدون العالم بأن يتدخل، في الوقت الذي لا يمكن فيه للعالم ان يتدخل الا اذا سمع صوتا فلسطينيا واحدا مدويا ومقاوما لهذا الاحتلال يكون اساسا لموقف عربي واسلامي جاد في مواجهة هذا التحالف الصهيوني الأميركي.
وأول الخطوات الواجبة والملحّة هي الاستجابة لإرادة هذا الشعب الفلسطيني المناضل بإنهاء الانقسام المخزي ويا ليت مسؤولي هذه الفصائل ينهون هذا الانفصال ويسعون بشكل جدي لتوحيد كل الجهود والطاقات لدعم مقاومة شعبية حقيقية وعصيان مدني دعما لحقوقنا الوطنية، والسير بموجب استراتيجية موحدة قادرة على بث الأمل في نفوس ابناء شعبنا وقادرة على ردع هذا الاحتلال وحليفته ادارة ترامب . والله المستعان..