منذ ثلاثة أعوام هزّ ليونيل ميسي عشاق الكرة والوسط الرياضي بخبر اعتزاله المنتخب، قرار اتخذه وقتذاك وعيناه مغرورقتان بالدموع عقب هزيمة الأرجنتين في نهائي كوبا اميركا أمام تشيلي في مباراة أطاح خلالها بالركلة الترجيحية الأولى في السماء!
عزا ميسي قراره حينها إلى الإخفاقات المتتالية مع الفريق الوطني، لكنه لم يلبث إلا أن تراجع عن كلام عاطفي أكثر منه عقلاني، بعدما جفت دموعه وتعافى معنوياً.
العام الماضي في كازان، حجّمت فرنسا، الأرجنتين، في دور الستة عشر من كأس العالم 2018 لكن هذه المرة لم يعلن ميسي استقالته من مسؤولياته الدولية ومرت الهزيمة بهدوء فكانت الخلاصة أن في نية ليو المحاولة مجدداً.
الآن، عاد أفضل لاعب على مر التاريخ، برأي خبراء كثر على الأقل، لتجربة جديدة قد تكون الأخيرة لقيادة بلاده في كوبا 2019 إلى مجد قاري طال انتظاره طيلة 26 عاماً لدى عشاق التانغو الذين قد يكون بإمكانهم (على مضض) الانتظار أكثر، بخلاف السن الرياضية “للبرغوث” التي لا تسمح بذلك.
ورغم أن اعجازات ميسي الكروية الكاتالونية تتوالى منذ نحو 12 عاماً على نحو متتال، إلا أنّه ما زال في الأرجنتين يجلس خلف مارادونا الفوضوي الذي لم يقدّم فعلياً إلا أربعة مواسم عبقرية، منح خلالها بلاده كأس العالم في حين أن ليو ما زال ينتظر باكورة الألقاب مع الفريق الأول، امر أبقاه قابعاً في الصف الثاني أرجنتينياً.
إذا الفرصة تعود مع ليونيل سكالوني الشاب الذي خلف خورخي سامباولي (كان مساعده) وقاد الأرجنتين حتى التاريخ في تسع مناسبات ودية خسر خلالها مرتين أمام البرازيل 0-1 في تشرين الاول 2018 وفنزويلا 1-3 في آذار 2019 وهي مباراة شهدت اول عودة دولية لميسي بعد المونديال، مقابل تحقيق خمسة انتصارات على منتخبات متوسطة او أقل وتعادل مع كولومبيا.
طبعاً هذه المباريات التي غاب ميسي عن معظمها باتفاق مع المدرب للتركيز على ناديه، لا تعكس شيئاً في النهاية، ولا يمكن الحكم من خلالها ماذا يمكن أن تقدم الأرجنتين في كوبا 2019 التي تدخلها مرشحة “غير طليعية” بإقرار من ميسي نفسه.
إخفاقات بقدر الترشيحات!
لكن ما يميز التشكيلة الحالية انها غنية بالمواهب الجديدة اليافعة بعد تغيير هوية منتخب 2018 بشكل جذري، ولعل في ذلك أكثر من امر إيجابي، في مقدمته غياب الضغوط عن العناصر التي لم تدرك نجومية الأجيال السابقة التي حصدت الإخفاقات بقدر الترشيحات.
فمنذ 2007 تاريخ أول مشاركة لميسي في كوبا، خبر الأخير كل أنواع اللاعبين والنجوم دون تحقيق ما يليق ببطلة العالم مرتين، فتشكيلة 2011 على سبيل المثال التي زخرت بهدافي الدوريات الكبرى الأوروبية مثل أغويرو وهيغوايين وكارلوس تيفيز ودي ماريا ودييغو ميليتو إلى نجوم أمثال كامبياسو وزانيتي وماسكيرانو وباستوري ولافيتزي وغيرهم، كتيبة يحلم بها أي منتخب عالمي قفلت عائدة إلى بلادها من ربع النهائي بالخسارة أمام أوروغواي.
أما هذا العام، وفيما يخوض معظم لاعبي التانغو أولى تجاربهم القارية، يستعد ميسي الذي سيدرك الـ32 عاماً خلال البطولة (24 حزيران)، لخامس مشاركة في مهمة “فك النحس” ولعل هذا المزيج الشاب مع الخبرة المتمثلة ببضعة عناصر يقودها ليو، قد تكون الوصفة السحرية لبلاد الشمس.