كشف وزير المال علي حسن خليل أن ثمة “اكثر من 124 معبر تهريب في لبنان”، واعتبر أن ظاهرة التهريب “تهدد اقتصاد البلد وتساهم في عجر المالية العامة وتقليص الواردات”، واصفاً إياهاً بأنها “واحدة من أبرز علامات تحلل الدولة في القيام بواجبها”، شاكياً عدم القدرة على اتخاذ “خطوات حقيقية في اتجاه ضبطه”. وإذ نبّه إلى أن استمرار هذا الوضع “سيُسقط البلد على المستوى المالي وقدرته على الصمود وعلى التطور”، قال: “لا يمكن ان نسجل اننا دولة حقيقية ونحن نشهد ونرى وربما البعض يرعى مثل هذه المخالفات”.
وتحدث خليل خلال لقاء عقد في مبنى إدارة حصر التبغ والتنباك “الريجي” في الحدث عن الواقع الحالي للتجارة غير المشروعة، بحضور رئيس “الريجي” مديرها العام المهندس ناصيف سقلاوي وأعضاء لجنة الإدارة في “الريجي” المهندسين جورج حبيقة ومازن عبود والدكتور عصام سلمان والمراقبة المالية كارول يوسف، والمدير العام للجمارك بدري ضاهر، وممثلين لقائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وعدد من مسؤولي وزارة المال.
ولاحظ خليل أن “قضية التهريب تشكّل واحدة من المشكلات الجوهرية والاساسية التي تساهم في عجر المالية العامة وتقليص الورادات والضغط أكثر على الدولة من أجل مراجعة كل واقع موازنتها للعام الجاري وللأعوام المقبلة”. وأكّد أن “مستوى التهرّب الجمركيّ والتهرب على المستوى الضريبيّ بالتالي يشكل واحداً من ابرز عوامل استنزاف المالية العامة وعدم القدرة على تحقيق التوازن المطلوب”.
واضاف: “يكفي أن نقول انه بشهادة الأجهزة الأمنية الرسمية هناك اكثر من 124 معبر تهريب في لبنان، وهي معابر يا للاسف وصلت الوقاحة في استخدامها إلى حدّ تسميتها بمنتج معين أو باسم شخص معين أو ببلدة أو اتجاه معيّن، وهذه واحدة من أبرز علامات تحلل الدولة في القيام بواجبها”.
وتابع: “نحن نعرف ان التهريب ليس قضية وطنية فقط بل قضية على مستوى العالم، ولكن أخطر أنواع التهريب هو أن تراه وتشهد عليه وتعدّ التقرير بحقّه ولا تستطيع أن تخطو خطوات حقيقية في اتجاه ضبطه”.
قال: “إن هذه القضية تستوجب اطلاق ورشة عمل متكاملة تشارك فيها كل الاجهزة الأمنية والجمركية المعنية تتكامل ادوارها في اطار غرفة عمليات موحدة تُحَدّد فيها مكامن الخلل ويُعمَل على مكافحتها كقضية وطنية استراتيجية بامتياز. ولا يمكن ان نسجل اننا دولة حقيقية ونحن نشهد ونرى وربما البعض يرعى مثل هذه المخالفات”.
وخصص سقلاوي من جهته الجزء الأول من كلمته “لتصحيح بعض ما ورد في دراسة للجامعة الأميركية وفي تصريحات بعض المسؤولين”. وفي ما يتعلق بدراسة الجامعة الأميركية التي تقترح رفع أسعار التبغ وبالتالي رفع الإيرادات وتخفيض الفاتورة الصحيّة، رأى أن “هذه المعادلة صحيحة، في حالة واحدة، عندما لا يكون امام المواطن خيار غير البضائع الشرعية، ولكن بوجود كل أنواع التبغ المهرّب في السوق، تصبح هذه الدراسة سوريالية وبعيدةً عن التطبيق والواقع”. وأوضح أن “أي عملية لرفع الأسعار في ظل الوضع الاقتصادي الحالي ووضع المعابر المفتوحة ستدفع بالمواطن الى بدائل أرخص، وستجري الرياح بما لا تشتهي السُّفن فلا تنخفض نسب المدخنين ولا تزيد العائدات بل نقدّم هديّة مجانية للمهربين”.
وعلّق سقلاوي على المؤتمر الصحافي لـ”أحد النّواب الكرام” قبل أيام، متطرقاً إلى كلامه عن “جنّات الفساد” وإلى ذكره “الريجي” ضمنها، فقال: “نستغرب الافتراءات على قطاع منتج، وفاعل اقتصاديا واجتماعياً وتنموياً، ونستغرب التعرّض لمؤسسة تعتبر سباقة في التطوير الإداري واعتماد معايير إدارة الجودة وقياس فاعلية الأداء نهجاً لها في كل تفاصيل عملها، ونستغرب استهداف مؤسسة تعتمد المساءلة والمحاسبة قانوناً والرقابة السابقة واللاحقة ومن ثم من شركة تدقيق خارجي مكلفة من وزارة المال، وترسل موازنتها سنوياً قبل المهل المحددة اصولاً (أيلول) لتدرس من وزارة المال، وعلى ميزانية ترسل في أذار من كل عام وتحوّل الأرباح وفقاً للأصول الى خزينة الدولة”.
وعن اقتراح النائب نفسه زيادة ألف ليرة على السجائر، سأل: “هل المطلوب افلاس الريجي كما حدث في العام 1999 بعد رفع الرسوم الجمركية حيث وقعنا تحت عجز مالي لسنوات نتيجة هذا القرار ووصلت الأرباح الفائتة على الخزينة إلى ملياري دولار، أما الربح فكان لجيوب المهرّبين وحضرة النائب يعرف ذلك جيداً”.
وعن مساهمات الريجي التنموية للبلديات، أوضح رداً على النائب إياه، أن “هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل حسمت في العام 2015 أحقيّة الريجي في منح الهبات” إذ رأت “انه يمكن لإدارة الحصر بعد موافقة وزير المال وبناء على اقتراح مفوض الحكومة منح الهبات للإدارات العامة”.
ثم تحدث سقلاوي عن واقع التهريب، فاشار إلى أن “الريجي اليوم، وهي خامس مصدر لدعم خزينة الدولة، تتعرض لتهديد حقيقي هو التهريب، والأرقام (…) دليل على أن الضرر خطير”. وكشف أن “سوق التهريب الحالي في قطاع التبغ تتراوح نسبته ما بين 30 في المئة و35 في المئة، أي ما يقدّر بـ250 ألف صندوق مهرّب في السنة، وفي حال رفع الأسعار كما في دراسة الجامعة الأميركية، قد تصل نسبة التهريب الى ضعفي هذا الرقم”.
واضاف أن “الخسارة المباشرة تقدّر الآن بـ 100 مليون دولار، فيما الخسارة الفعلية فتقدّر بـ 300 مليون دولار لأن التهريب يحرم الدولة من أرباح مفترضة لعدم امكان رفع اسعار المصنوعات التبغية”.
وقال إن “الريجي اعتمدت منهجية المكافحة التجارية كون الحلّ الأساسي لعلاج مشكلة التجارة غير المشروعة بضبط المعابر البرية والبحرية والجوية لم يتحقّق لتاريخه يا للأسف”.
وأوضح أن من الخطوات التي تندرج ضمن هذه المنهجية “إطلاق الريجي إنتاج صنف سجائر سيدرز وطني بسعر منافس”. وقال: “لولا هذا الصنف لكان التهريب اليوم يغطي اكثر من 50% من السوق اللبنانية”.
أما الخطوة الثانية ضمن منهجية المكافحة التجارية، فهو “بدء الريجي خلال الأشهر الثمانية المقبلة بتصنيع معسّل وطني بموجب إجازة في معاملها لمكافحة تهريب المعسّل”.
كذلك “ستبدأ الريجي، بحسب سقلاوي، “بتصنيع سجائر سيدرز من نوع SLIM، خلال اشهر”، مشيراً إلى أن “ماركة ELEGANCE تسيطر على 70 في المئة من سوق الـ SLIM المهرّب”. وتوقّع “ان تنخفض نسبة التهريب”.
وأعلن عن نية “الريجي” ادخال السجائر الالكترونية شرعياً، مشيراً إلى أن “نسبة تهريب السجائر الالكترونية تبلغ مئة في المئة، إذ حتى اليوم لا تزال كل أصناف السجائر الالكترونية مهرّبة”. وقال: “نحن نشهد اليوم غزواً لأسواقنا من مختلف أنواع السجائر الالكترونية المهرّبة، الا انه وبعد مرور 4 سنوات على توقيع وزير المال على نظام الادخال وصدور اقراره بالجريدة الرسمية، لم نتمكّن حتى اليوم من إدخالها”.