يبدو لبنان الذي يسعى جاهدا لتبييض «سمعته» الاقتصادية – المالية، أمام المجتمع الدولي، في «سباق» مضنٍ مع شركات التصنيف الائتماني، التي لا «ترحمه» بتقاريرها، ما يضاعف صعوبة التحدي الملقى على منكبي مجلس النواب «موازنتيا».
امس كان دور وكالة «موديز انفستورز سيرفيس» التي أعلنت في تحليل ائتماني للبنان انه «على الرغم مما تضمنه مشروع ميزانية 2019 من إجراءات للضبط المالي، فإن تباطؤ التدفقات الرأسمالية وضعف نمو الودائع يعززان احتمال اتخاذ الحكومة إجراءات تشمل إعادة هيكلة الدين أو إجراء آخر لإدارة الالتزامات قد يشكل تخلفا عن السداد بموجب تعريفنا».
أما وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، فقالت قبل يوم واحد «إن لبنان بحاجة إلى إصلاحات مالية وهيكلية إضافية، لخفض عجز الموازنة واستقرار نسبة الدين الحكومي من الناتج المحلي الإجمالي».
وفي وقت يخفّف المعنيون مباشرة بهذا الملف، وعلى رأسهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير المال علي حسن خليل الذي طمأن امس الى ان «الوضع تحت السيطرة»، من وطأة التقارير الصادرة، تعتبر مصادر مراقبة عبر «المركزية»، ان ما «يشفع بنا» حتى الساعة، هو ان التقويمات الدولية للبنان، والتي صدرت في اليومين الماضيين، انطلقت من أدائه في الاشهر المنصرمة وهو لم يُوفّق فيه بتاتا – وقد أصدرت وزارة المال منذ ايام تقريرها الذي بيّن ارتفاعاً في حجم الانفاق بنسبة 16,21 في المئة ليبلغ 24,664 الف مليار ليرة مقابل 21,223 الف ملياراً في 2017 – ما يعني ان أمامه فرصة لإعطاء صورة جديدة عن نفسه، أكثر إِشراقا، من خلال الموازنة التي سيقرّها مجلس النواب لعام 2019، على ان يحافظ على نسبة العجز التي وعد بها، كما وصلت اليه من الحكومة، 7,59%، من دون اي زيادة. أما خلاف ذلك، فسيعني حكما سقوط لبنان في امتحان «استعادة الثقة الدولية».
الا ان هذه الخطوة، التي تعطي اشارة مشجّعة للدول المانحة، لا تكفي وحدها، بحسب المصادر. ذلك ان المطلوب من لبنان ايضا الشروع سريعا في دراسة مشروع موازنة 2020 (خصوصا ان اقرار موازنة 2019 بات الى حد كبير «لزوم ما لا يلزم» مع انقضاء 6 أشهر من السنة) على ان تنطلق من ارقام 2019 لتخفّضها أكثر. كما ان من الضروري ان تظهر الحكومة جدية في تحسين صورة الادارة والشفافية في الدولة ومؤسساتها عبر تشكيل الهيئات الناظمة واقرار قوانين تمكافح الفساد ووضعها موضع التنفيذ.
وفي تصريح له بعد إنتهاء جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي امس اكد الوزير خليل أن «تقرير موديز يحتاج الى قراءة متأنية والأمور ليست سلبية»، معتبرا ان «المراهنة هي على إقرار الموازنة والالتزام بالإجراءات وحماية الاستقرار السياسي والحكومي».