صلاح نعوم كسروان لبكي مواليد 16 آب 1906 في ساو بولو البرازيل حيث كان ابوه نعوم يدير جريدتين: الرقيب والمناظر.
(الجدير بالذكر انّ نعوم لبكي كان ثاني رئيس لاول مجلس نيابي في دولة لبنان الكبير ولعب دورًا بارزًا في السياسة اللبنانية).
عام 1908 عادت اسرة لبكي الى لبنان وعُمر صلاح سنتان ونيّف وبقيت الاسرة في لبنان حتى حكمت المحكمة العرفية في عاليه سنة على والده 1914حكمًا غيابيًا بالاعدام بسبب نشاطه الاستقلالي مما دفعه الى التخفيّ.
درس في مدرسة الحكمة عامي 1921 و 1922 وبعدها الكبوشيين في بعبدات وعينطورا عندما توفي والده نعوم عام 1924 حمل صلاح وهو كبير الاخوة المسؤولية فعلّم في الحكمة والعزيزية وبعدها عيّن مساعد قضائي وتابع دراسة الحقوق وتخرّج عام 1930 وتدرّج في مكتب الرئيس كميل شمعون.
واهتمّ باخوته مكان الوالد. عام 1933 كان صلاح رجل مجتمع وسياسة عمل في العديد من الجمعيات ومنها متخرجي الحكمة – متخرجي عينطورا-نقابة المحامين.
نال وسام الارز اللبناني والمعارف الفرنسي وحصل على دكتورا فخرية من جامعة كالينوريا في الصحافة لعب ادورًا هامة:
حرّر في الصحف والمجلات التالية: الحديث-الشراع-العمل-نداء الوطن ثم المعرض والحكمة.
شارك في نشاطات الندوة اللبنانية وترأس جمعية اهل القلم وكانت له لقاءات ومداخلات ومساجلات مع الدكتور جميل جبر. ترأس مؤتمر الادباء الاول في لبنان في فندق بيت مري عام 1954
وقد جمعته بجميل جبر صداقة قوية وكانا سوية اللولب والمحرّك لجمعية اهل القلم وقد صدرا سوية منشورات عن الجمعية وكان لهما دور مميّز في تحريك الدولة اللبنانية لتكريم الادباء والشعراء الكبار.
ويقول جميل جبر في احدى محاضراته انّ اوقات الفراغ من الكتابة والقراءة والابحاث، كان يمضيها برفقة صلاح لبكي وعدد من الاصدقاء في لعب الورق للترفيه عن النفس ولنسيان هموم القلم. واستنادًا الى ما روى جبر فانّ لقاءات واجتماعات عديدة كانت تجمع شلّة من الادباء والمثقفين دوريًا في منزل صلاح لبكي في بعبدات وفي منزل جميل جبر في بيت شباب ومن المشاريع الهامة التي طرحتها جمعية اهل القلم ترشيح الاديب الكبير مخائيل نعيمة لنيل جائزة للآداب والقيام بحملة واسعة في بلاد الاغتراب.
كان صلاح لبكي كلما اجتمع مع الادباء والشعراء في لقاءات منزلية وعلى كأس عرق احيانًا يهوى المساجلات الزجلية وخاصة الارتجالية منها وقد التقى مع العديد من شعراء الزجل كعلي الحاج وانيس روحانا وخليل روكز وكان يقدرّ كثيرًا الموهبة الارتجالية لهؤلاء الشعراء وسواهم وكان من محبّذي فكرة ادخال الزجل اللبناني في المناهج التربوية وخاصة لصفوف البكالوريا.
صلاح لبكي كان ابن عدة مدارس شعرية الواقعية والرمزية والتأثرية وكان متعتعًا بعدة مذاهب فلسفية وكان للاجتهادات الفكرية اثرها الكبير في ادبه وشعره وفكره. كل ما كتب كان ثروة انسانية لها مداميك في التراث الانساني العظيم. لقد بنى عمارات كبيرة ما تزال حتى اليوم ارثًا للاجيال.
الثقافة والموهبة كانتا دعامته الاول في بناء حضارته الخاصة، ثقافة جمعت الشرق والغرب في آن. من احضان باريس بول فاليري ورمبو الى فكر اليونان روح الشرق وصولاً الى البحتري والمتنبي وابو تمام وخليل مطران. كان صاحب النفس الواعية المدركة المسؤولة التي تعرف اين هي من واقعها ومن وطنها ومن الانسانية ومن الله.
كل ما كتب كان مغمورًا باحاسيس الخير والحب والجمال وبالآف الأحاسيس الواقعية والصادقة. صلاح لبكي تقرأه فتعيشه وتعايشه.
بعد موته رثاه الشاعر الكبير جوزف نجيم فكتب في مجلة الحكمة:
“فات الموتَ شيءٌ واحد: انك عشت وعلى الهوى الحلو عشت، فان اخذك فلا مِنّة عندك لبقاء آخر.
ما احبك واحد مثل قلبك: قطع عنك النبضة والخفقة بعدما اعتصرت وجوده سحرًا وشعرًا ووعيًا ولذة.
كدت اقول- واطاييب عيشك كلها منهوبة: الحمد لله انك مت”.