التحديات التي يواجهها قطاع الصيدلة، والسياسة الدوائية المتبعة، وسعر الدواء، وسبل حماية الصيدلي، وتخفيف الاعباء عن كاهل المواطن… محاور اضاء عليها نقيب الصيادلة الدكتور غسان الامين في حديث مطول ادلى به الى موقعنا….
ما هي ابرز التحديات التي تواجه قطاع الصيدلة؟
يمر لبنان بوضع اقتصادي صعب، والسياسة الدوائية المتبعة، والتي كانت موضوعة إبان بلوغ قيمة الدولار ثلاث ليرات، لا تزال على حالها للاسف… أضف الى ذلك، أن المواطن الذي تضاءل دخله جراء الغلاء والوضع الاقتصادي الصعب، وبات يعاني من ارتفاع سعر الدواء، لم يعد باستطاعته الحصول على الدواء، وصارت الفاتورة الدوائية تشكل عبئا عليه، وأمام الامر الواقع، يفترض أن يُصار الى إعادة النظر في السياسة الدوائية المتبعة…
ما هو موقفكم من تخفيض سعر الدواء؟
الدولة اللبنانية، أو وزارة الصحة، تلجأ إلى تخفيض سعر الدواء، إلا أن ذلك قد يؤدي الى نتائج سلبية، إذ ان المصانع في الخارج قد تمتنع عن تصدير الدواء الى لبنان ازاء ذلك، وهو ما بدأنا نلمسه، إذ فقدنا الكثير من الأدوية جراء هذا التخفيض، وإذا ما استمررنا في هذه السياسة سنواجه مشكلة جديدة… من هنا أعتقد ان الوقت حان لإعداد دراسة معمقة في هذا الشأن…. أود الإشارة الى ان الدواء الـ ” البراند” وبعد انتهاء براءة الاختراع الخاصة به بعد خمسة عشر أو عشرين عاما، يُسمح لمصانع أخرى بتصنيعه بنفس الجودة والنوعية تحت مسمى “جنريك”، ولكن بسعر ارخص من الـ “البراند”، ومن المهم الاشارة الى أن الدول، سواء في اوروبا ام اميركا ام غيرهما تعتمد دواء الـ “الجنريك” وليس “البراند”، لا بل إنها تعطي حوافز الى الصيدلي لبيع دواء “الجنريك” بهدف تخفيض الفاتورة الدوائية على المواطن، على اعتبار ان ذلك يقع ضمن مهام الصيدلي، أما في لبنان فلا تزال سياسة الدعاية متبعة للدواء، الامر الذي يضيف بشكل او بآخر اعباء مالية أخرى على سعر الدواء…. وهناك عامر آخر ساهم في زيادة سعر الدواء، يتمثل بعبارة “NS” التي يضعها الطبيب على الوصفة الطبية والتي تمنع الصيدلي من استبدال الدواء بآخر “جنريك”، الامر الذي يجبر المريض على شراء دواء “البراند” الاغلى سعرا…
ما هي السبل التي يجب اتباعها لتخفيض الفاتورة الدوائية؟
برأيي أن الحل يكمن بترك مهمة تشخيص المرض ووصف الدواء للطبيب، والسماح للصيدلي في الوقت نفسه بتخيير المريض بين دواء ” البراند” المرتفع السعر او الجنريك الأرخص، تماما كما يحدث في دول الخارج، وبهذه الطريقة يمكننا تخفيض الفاتورة الدوائية بنسبة لا تقل عن 30 الى 40 في المئة.
هل هناك تنسيق بين نقابة الصيادلة ووزارة الصحة بهذا الشأن؟
تحدثت مع معالي وزير الصحة غسان حاصباني بهذا الخصوص، وكان متجاوبا، ومن المفترض من جهتنا أن نقدم له دراسات في هذا الشأن، كما اجتمعنا مع لجنة مصغرة من كتلة التنمية والتحرير تضم الدكتور فادي علامة ومعالي وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية عناية عز الدين وسعادة النائب ميشال موسى وهم بصدد تقديم ورقة عمل هذا الامر، كما أن نوابا من حزب الله بصدد اعداد دراسة في هذا الخصوص، ما يعني أن الامر بات شأنا ملحا أمام المسؤولين لايجاد حل للمسألة خصوصا أن المواطن لم يعد قادرا على تحمل المزيد، تماما كما هو حال الصيدلي.
يسأل المواطن عن سبب بلوغ سعر الدواء في لبنان أضعاف سعر الدواء في تركيا او مصر على سبيل المثال ؟
لا يمكن المقارنة بين سعر الدواء في لبنان، حيث يبلغ عدد السكان حوالي ثلاثة ملايين نسمة، وبين تركيا ومصر اللتين يبلغ عدد سكان كل منهما حوالي مئة مليون نسمة والسبب في هذا يعود الى الشركات المصنعة للدواء، والتي تقوم بإعداد دراسات عن حجم القدرة الشرائية في اي بلد تريد تصنيع الدواء فيه، وتنشىء مصنع داخل البلد ذو الكثافة السكانية العالية وتصنّع ما يسمى ب Underlicense، وبالتالي فإن تسعيرة الدواء التي تعطى الى بلد يبلغ عدد سكان مئة مليون نسمة حتما ستكون أدنى من بلد يبلغ عدد سكانه ثلاثة ملايين نسمة، وهناك عوامل اخرى تساهم في تدني سعر الدواء سواء في تركيا ام في مصر على سبيل المثال، منها الدعم الذي تقدمه تلك الدول الى الدواء، ناهيك عن رخص الأيدي العاملة والكهرباء وما الى هنالك. علماً بأن هذه الادوية ممنوع تصديرها للخارج وهي مخصصة لأبناء البلد المصنّع Underlicense .
هناك طفرة في عدد الصيدليات الى درجة بات الصيدلي يواجه صعوبة في ايجاد مكان مستوفٍ للشروط لفتح صيدلية خاصة به…. ما هو السبب ؟
نعم لقد ارتفع عدد الصيدليات في لبنان بشكل تجاوز حاجة البلد، ومرد هذا الى عدم وجود قوانين مشابهة لتلك المعتمده في الخارج، حيث يحدد عدد الصيدليات وفق عدد السكان، وهناك عامل آخر ساهم في ذلك يتمثل بالعدد الكبير للخريجين من كليات الصيدلة، وهو أمر اشرت اليه في برنامجي الانتخابي، اذ أشرت الى ضرورة التواصل مع وزارة التعليم العالي وبمشاركة جميع المعنيين بهذا الملف لوضع شروط ومعايير يجب توفرها عند الطالب، ليتمكن من الدخول الى كليات الصيدلة، ومنها على سبيل المثال الحصول على معدل مرتفع في البكالوريا، والخضوع لامتحان جدارة في مواد البيولوجي والكيمياء والنجاح بمعدل 14/ 20 كشرط لدراسة علم الصيدلة.
تحدثت في برنامجك الانتخابي عن أهمية تطبيق المادة 80 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة، ما هي الخطوات التي تقومون بها حيال ذلك؟
ناقشنا الموضوع مع وزير الصحة، وكان متجاوبا، الامر الذي سيتيح للنقابة القيام بمهمات مراقبة عمل الصيدليات ومنع المضاربات وبيع الدواء وفق تسعيرة وزارة الصحة..
اعتبرت في مكان ما ان عمل المستوصفات يشكل منافسا لعمل الصيدليات هل هناك من خطط لتنظيم ذلك ؟
اولا، لسنا ضد عمل المستوصفات، خصوصا أنها أنشئت لخدمة طبقة معينة من الناس، لكن، للأسف، هناك ما يمكن تسميتهم بـ”تجار” أنشأوا مستوصفات وحولوها الى مؤسسات تجارية بعيدا من هدفها كمؤسسة خيرية، وبدأوا من خلالها بتجارة الادوية، كما شجعوا على صرف الدواء بالجملة بشكل مغاير لعمل الصيدلي، الذي يتوجب عليه العمل على الحد من ذلك ومراقبة الوصفة الطبية…. من هنا أقمنا ورشة عمل مع وزارة الصحة ومع المعنيين بهذا القطاع بهدف تنظيم الامر للوصول الى صيغة نعيد فيها المستوصفات الى سكتها الصحيحة، والمتمثلة بتأمين الدواء للمواطن الفقير بأسعار رمزية، والعمل في الوقت عينه على اغلاق المستوصفات المخلة.
حاوره الزميل محمود خليل