طمأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مرة أخرى الى ان الهدوء عاد ليخيم على الأسواق بعد تشكيل الحكومة مشيراً الى ارتفاع اسعار اليوروبوند. وأكد »اننا بانتظار ان تقر الحكومة تخصيص بورصة بيروت اذ ان أبرز العناصر لتطوير أسواق رأس المال تكمن في وجود بورصة فاعلة…«.
ولفت الى ان هيئة الأسواق المالية التي يرأسها تتابع عملية استدراج العروض لخلق منصة تداول الكترونية مؤكداً استعداد الهيئة لترجمة المبادرات كافة الى نتائج ملموسة وحشد الامكانات دعماً للقطاع المالي وقطاع المعرفة.
افتتح سلامة المؤتمر الدولي الرابع عشر للبورصات العالمية 2019 الذي عقد أمس في فندق فينيسيا بحضور حشد من السياسيين ورجال المال والاقتصاد من لبنان ودول عربية وأجنبية.
واستهل سلامة كلمته بالترحيب بالحاضرين في المؤتمر وقال «إن هذه التظاهرة الاقتصادية التي تشهدها بيروت إنما تعكس مدى الثقة العالمية بالأسواق اللبنانية والدور الذي تلعبه في المنطقة».
وأضاف: »ينطلق المؤتمر وقد هيأت الأرضية وتسارعت عجلة العمل الجدي لتطوير الأسواق المالية وتعزيز حماية المستثمر. وانطلاقا من هذه المبادئ الراسخة التي وضعتها هيئة الأسواق المالية نصب أعينها منذ إقرار القانون 161 الّذي أنشئت بموجبه، كان العمل الدؤوب على إيجاد الأطر التشريعية، وأفضى، بالتعاون مع البنك الدولي، إلى إصدار الأنظمة التطبيقية للهيئة، التي تمحورت حول سلوكيات السوق وسلوكيات العمل كما الترخيص والتسجيل والإدراج وهيئات الاستثمار الجماعي، مع مراعاة أفضل المعايير والتوجّهات العالمية في هذا المجال، بحيث تحفظ مكانة لبنان على خارطة العولمة المالية».
وتابع: »وفي إطار التعاون الدولي أيضا، استكملت الهيئة جهودها الرامية إلى توطيد العلاقات مع الأجهزة الرقابية الإقليمية والدولية، فانضم لبنان إلى المنظمة العالمية لهيئات الأوراق المالية IOSCO كعضو مشارك، كما وقعت الهيئة مع جهات محلية، إقليمية ودولية (فرنسية وروسية وألمانية وقبرصية وإماراتية وعمانية وتونسية ومصرية وقطرية) مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون عدة. وتهدف هذه المبادرات إلى تحديد أطر التنسيق والمساعدة الفنية عند الحاجة. وتبادل المعلومات بما يعزز الثقة بالأسواق اللبنانية حتى تصبح أكثر جاذبية للمستثمرين اللبنانيين والأجانب وتثبت مكانة لبنان كمركز مالي مهم في المنطقة».
وأضاف: »أما على الصعيد المحلي، واستنادا إلى ما ينص عليه القانون، فنحن بانتظار أن تقرَ الحكومة اللبنانية تخصيص بورصة بيروت، إذ أن أبرز العناصر لتطوير أسواق رأس المال تكمن في وجود بورصة فاعلة وناشطة، وتعزيز عملها حتى تستقطب شركات جديدة، على أن تتركز فيها عمليات العرض والطلب على الأدوات المالية بشكل شفاف ومتواصل، قوامه أنظمة وقواعد واضحة المعالم بهدف الحد من مخاطر التلاعب في الأسعار».
وتابع: »في سياق متصل، تتابع الهيئة عملية استدراج العروض لخلق منصة تداول الكترونية تتيح للشركات الناشئة بصورة خاصة إمكانية إيجاد مصادر تمويل متوسطة وطويلة الأجل لتطوير نشاطاتها، مما ينعكس حتما زيادة في الرسملة، ويساعد على إدراج الشركات ونقلها من ملكية خاصة إلى ملكية عامة».
وأوضح ان »تشكل هذه المنصة تشكل وسيلة تَداول قانونية وشفافة للمؤسسات سواء كانت محلية أو أجنبية، وتشارك فيها المؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة والمصارف والمكاتب العائلية المختصة بإدارة الثروات الخاصة وغيرها. كما يمكن لهذه المنصة، باعتبارها إلكترونية، أن تشكل عامل استقطاب لاستثمارات اللبنانيين في الخارج، فتزيد من جهة السيولة في السوق المحلي والرأسمال المخصص للاستثمار وتطوير المؤسسات، فيما تخفف من جهة أخرى من مديونية المؤسسات».
وأكد سلامة أنه »في ظلّ ما شهدته المنطقة المحيطة بنا بشكل عام، ولبنان بشكل خاص، من تحديات انبثقت عنها مواجهة اقتصادية ونقدية كبيرة فرضت علينا تضافر الجهود، لا يسعني إلا أن أؤكد على استعداد هيئة الأسواق المالية لترجمة المبادرات كافة إلى نتائج ملموسة وحشد الإمكانات دعما للقطاع المالي وقطاع المعرفة اللذين يشكلان أهم الأسس التي يرتكز عليها الاقتصاد اللبناني، ما سيفعل النمو ويخلق فرص عمل جديدة للشباب اللبناني».
وعلى هامش المؤتمر أكد حاكم مصرف لبنان »ان لبنان تجاوز عام 2018 سنة صعبة بسبب التجاذبات السياسية والهدوء عاد ليخيّم على أسواقنا بعد تشكيل الحكومة فشاهدنا ارتفاع أسعار اليوروبوند«.
وكانت كلمة لنائب رئيس هيئة الأسواق المالية في لبنان فراس صفي الدين، أشار فيها إلى «أهمية انعقاد المؤتمر في لبنان، الذي يسعى إلى تطبيق خارطة طريق اقتصادية تعكس التزام الأسرة الدولية تجاهه من خلال مؤتمر «سيدر»، وهذا ما يُعتبر فرصة سانحة لأسواق الأوراق المالية».
وقدّم الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة مصرف FFA Private Bank جان رياشي، مداخلة بعنوان «خطوات نحو الأمام»، اعتبر فيها أنّ «لبنان مدعوٌّ إلى تطبيق الخطط والإصلاحات الضريبية والهيكلية والبنيوية، خصوصًا في ظل ما يعانيه من ديون وعجز وبنى تحتية قديمة وأزمة لاجئين».
وتحدّث رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لمصرف Cedrus و Cedrus Invest Bank فادي عسلي، عن «فرص الاستثمار في لبنان والتحولات الاقتصادية، التي تعتبر من مستلزمات الأسواق المالية وتطور البورصات». وأمل «مع تشكل الحكومة، أن يُصار إلى تحقيق الأهداف الاقتصادية والإصلاحات المالية والضريبية وتصحيح الاختلالات، إلى جانب تسوية الأزمة السورية وأزمات المنطقة، ما يساهم في تعزيز الأفق الاقتصادية ودور المغتربين والقطاع الخاص».
من ناحيته، عرض مدير الخدمات المصرفيّة للمؤسّسات في مجموعة «بنك عوده» خليل دبس، موضوع «الأسواق المالية اللبنانية وفرصة إعادة الانطلاق»، فأكّد «ضرورة إحياء بورصات بيروت التي يُحتفل قريبًا بالذكرى المئوية لنشأتها». وقال: «نؤمن أن الخصخصة سوف تؤدي إلى نجاحات في هذا المجال، على غرار شركة طيران الشرق الأوسط وكازينو لبنان، وكذلك نعوّل على الشراكة بين القطاعين العام والخاص».
واستعرض رئيس مجلس إدارة ومدير عام بنك «لبنان والمهجر» سعد أزهري، مسار نموّ الأسواق المالية في لبنان، فرأى أنّ «المؤتمر يشكّل فرصة مهمة للبنان الذي شكل حكومة جديدة، والذي من المتوقّع أن يبدأ إصلاحات كبيرة دون تغييب التنافسية والحوكمة الرشيدة». كما أن مسألة المضي بتصدير الغاز والنفط سوف تضفي حيوية على السوق اللبنانية»، لافتًا إلى أنه «من الضروري إعادة هيكلة النظام المالي في لبنان وتفعيل دور القطاع الخاص».