تنكبّ الحكومة فور تشكيلها في 31 كانون الثاني 2019، على حشد الطاقات وتكثيف الاجتماعات في السراي الحكومي تحضيراً للانطلاق بخطوة ثابتة في اتجاه الإفادة من مقررات مؤتمر «سيدر» مستندة إلى عزمها على إجراء الإصلاحات الموعودة في القطاعات النازفة.
المدير العام المساعد ورئيس قسم الأبحاث في بنك عوده مروان بركات شرح الدور الذي سيلعبه القطاع المصرفي في تطبيق المشاريع المدرجة وفق مقررات «سيدر»، فقال: في إطار سعيه الدائم إلى المساهمة في دعم وتحفيز الاقتصاد اللبناني، كان القطاع المصرفي وسيبقى الركيزة الأساسية لاجتذاب التمويل في اتجاه الاقتصاد الوطني بشكل عام. إذ تبقى المصارف اللبنانية المموّل الأساسي لحاجات الدولة الاقتراضية. وتستطيع الدولة الاعتماد على دعم القطاع المصرفي في الإصلاحات الهيكليّة المرجوة التي طال انتظارها من الإصلاحات الاقتصادية إلى المالية والإدارية منها من أجل ترسيخ مناعة الاقتصاد الوطني وقطاعاته المالية على المدى المتوسط والطويل.
وذكّر بأن لبنان «كان التزم خفض العجز العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1% في السنة لخمس سنوات متتالية، وهو التحدي الأبرز أمام الحكومة الجديدة من خلال تعزيز الإيرادات وخفض الإنفاق وتحفيز النمو. وبالتالي فإن أي تقدّم ملموس على هذا الصعيد، بالترافق مع تطبيق كامل لتعهّدات مؤتمر «سيدر» لتمويل مشاريع البنى التحتية، يمكن أن يخلق حافزاً إيجابياً من شأنه أن ينقل لبنان من حقبة تنامي الاختلالات الـ»ماكرو اقتصادية» إلى حقبة من الاحتواء التدريجي للمخاطر الكامنة، ما يشكّل شرطاً مسبقاً لأي نهوض اقتصادي مرجو ولإعادة النمو الاقتصادي إلى مساره الصحيح على المدى الطويل».
وعن التحضيرات الجارية لتطبيق مقررات «سيدر»، قال «تتطلع المصارف بإيجابية إلى قانون الشراكة بين القطاعَين العام والخاص بحيث سيساهم القطاع المصرفي في تمويل جزء من مشاريع البنى التحتيّة»، مشيراً إلى أن «الشراكة بين القطاعين العام والخاص في لبنان تعتمد على مشاطرة المهارات والخبرات في سبيل تقديم أفضل الخدمات للمنفعة العامة، وهي من بين الخيارات التي تحبّذها المصارف شرط أن تجمع مشاريع الشراكة المطروحة بين الحاجة الاقتصادية والجدوى المالية في ظل إدارة دؤوبة وإطار قانوني ومؤسساتي داعم». في حال توفرت تلك الشروط نعتبر أن المصارف تستطيع أن تلعب دوراً أساسياً في إنجاح تلك الشراكات من خلال تأمين قسط من التمويلات المرجوة مباشرة أو لصالح زبائنها ومستثمريها. في هذا السياق، تستطيع الدولة مواصلة الاعتماد على الوفورات في القطاع المصرفي للمساهمة في تمويل ورشة النهوض الاقتصادي بشكل عام وتحديث البنى التحتية بشكل خاص خصوصاً في ضوء المشاريع المطروحة في قطاعات الطاقة والمياه والسدود ضمن برنامج الإنفاق الاستثماري.
وفي هذا السياق، لفت بركات إلى أن «للمصارف اللبنانية مرونة مالية ملحوظة، اضافة الى سيولة أوّلية بالعملات الأجنبية تصل إلى 45% من الودائع بالعملات الأجنبية»، وتابع: من هنا، إن القطاع المصرفي اللبناني الذي نجح في تنويع نشاطاته المختلفة وتطويرها سيبقى يلعب دوراً أساسياً في تمويل الاقتصاد الوطني رغم التحديات السياسية والاقتصادية القائمة، وسيتابع القطاع تمويل حاجات الدولة الاقتراضية. وتبقى المصارف داعمة لكل التحضيرات المتعلقة بمؤتمر «سيدر» كونها فرصة جديّة في تحقيق الهبوط الآمن المنشود لعجز ماليّته العامة.