طمأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، غداة الاجتماع المالي الموسع الذي عقد في قصر بعبدا مساء الأحد، الى ان لبنان ملتزم بسداد كل التزاماته وديونه وفوائدها وسنداته بالليرة او بالدولار وأشار الى ان الودائع في المصارف خارج الأزمة التي يعاني منها لبنان.
وقال: «صحيح ان ردة الفعل في سوق السندات في السوق اللبنانية كانت اليوم (أمس) حذرة لكنها مرتاحة (…)».
وأكد مرة أخرى الاّ خطر على سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه الدولار الأميركي موضحاً ان خفض سعر الصرف في ظل حجم الاقتصاد الراهن يصيب هذا الاقتصاد بالعجز وشدد مجدداً على حاجة لبنان الى الاصلاحات وتحفيز النمو.
نظم مجلس إدارة تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم برئاسة فؤاد زمكحل لقاء – غداء مع الحاكم سلامة في فندق «فورسيزن» بيروت حضره أعضاء مجلس إدارة التجمع اللبناني العالمي، وأعضاء المجلس الإستشاري، ورئيس مجلس إدارة بنك لبنان والمهجر «بلوم بنك» سعد أزهري وفريق عمله التنفيذي الذي رعى هذا الحفل. وحضر ايضا الرؤساء والمديرون التنفيذيون للمصارف، وقادة الأعمال والقادة الإقتصاديون البارزون في لبنان، محلياً، إقليمياً ودولياً. وجرى خلال اللقاء البحث في النتائج الإقتصادية لعام 2018، بالإضافة إلى التحديات والإستراتيجية للعام 2019.
زمكحل
بدءاً، إستُهل اللقاء بكلمة رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم قال فيها «إن إجتماعنا اليوم (امس) مع الحاكم سلامة يأتي في سياق تأييدنا له بإسم رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم، ودعمنا المطلق لمصرف لبنان الذي هو ركن اساسي لاقتصادنا وبلادنا. ويأتي تأييدنا هذا ليس حيال الحاكم فقط، إنما حيال مؤسسة مصرف لبنان المركزي ككل الذي يُمثل العمود الفقري لإقتصادنا وبلدنا».
ولفت الى «إننا كنا من المنظمين والداعمين بفخر لمؤتمر «سيدر» لكن نذكر أننا لا نريد رفع الدين العام، من دون إصلاحات حقيقية، ولا نريد إعادة إختبار باريس 1 و2 و3، لكن نريد قصص نجاح، كي نستطيع أن نبرهن للعالم أجمع أننا نقدر أن ننفذ قصص نجاح حقيقية. لا نريد أن يرشدنا أحد الى سلة إصلاحات لن نستطيع تلبيتها لكن نريد أن نتضامن ونتآزر من أجل إصلاح واحد وهو إصلاح مؤسسة كهرباء لبنان كأولوية، فهو سيوفر ثلث الموازنة على الدولة، وثلث الكلفة على الأسر. لا نريد أموال «سيدر» من دون إصلاحات وتدقيق دولي داخلي وخارجي، وتمويل بدفعات حسب التنفيذ والملاحقة.
وقال: «إن أي حملة ضد الحاكمية في نظرنا هي ليست ضد شخص الحاكم أو السياسة المالية التي ينتهجها فحسب، ولكن ضد لبنان وإقتصاده وإستقراره. إننا نفتخر بمؤسسة مصرف لبنان التي الى جانب المؤسسات الأمنية، هي أنجح وأرقى مؤسسات العامة لدينا وعمود فقري لإقتصادنا وبلادنا. فكل حجرة تُرمى على مصرف لبنان، هي صخرة تُضرب على المؤسسات اللبنانية وعلى كل الرياديين وعلى كل رجال وسيدات الاعمال اللبنانيين في العالم، وسيدفع ثمنها لبنان وإقتصاده وكل اللبنانيين وكل الشركات، وحتى الأحزاب والسياسيون. فعوضاً عن التدمير الذاتي لبعضنا البعض علينا أن نضافر الجهود، ونعمل يداً بيد على حماية ما يمثل إستقرارنا الإقتصادي والنقدي والمالي».
وتوجه زمكحل الى سلامة قائلاً: «حضرة الحاكم إننا مضطربون، بإعتبار أن الأزمة الإقتصادية التي نتعايش معها منذ سنوات بصعوبة وإرهاق وألم، ستواكبنا في هذه السنة الجديدة، ويمكن أن تتحول الى أزمة إجتماعية مؤلمة، لكن لا نريد أبداً أن تصبح أزمة سيولة أو مالية أو نقدية. نتكل عليك لزيادة السيولة، وإعادة القروض المدعومة للقطاعات الإنتاجية خصوصاً للأموال التشغيلية، لأنه سيكون صعباً جداً على الشركات تمويل أعمالهما وإستثماراتهما بفوائد عالية».
وطالب برسم خطة وإستراتيجية إقتصادية – إجتماعية موحدة وإنقاذية، ونضافر الجهود لبناء إقتصاد جديد، ليس فقط مبنياً على الأسس التقليدية: التجارة والصناعة والسياحة فقط، لكن على إقتصاد المعرفة والإبداع وخلق فرص جديدة لنا جميعاً.
سلامة
وقال الحاكم سلامة من جهته «أن إجتماعنا في قصر بعبدا أفاد أن الدولة اللبنانية ملتزمة سداد الدين وفوائده. هذا الموقف الرسمي الصادر من الاجتماع (أمس) برئاسة رئيس الجمهورية.
وأضاف: «نحن عندنا رزمة للمصارف التي تريد إستعمالها خلال العام 2019، علما ان الاولوية للشريحة المحدودة التي تهتم بها مؤسسات الاسكان وقطاعات اخرى في الدولة. لكن لم نلاحظ سياسة اسكانية في الدولة. لذا يوجد اعادة تفكير في مقاربة معينة، حيث سيكون هناك دراسة مستقبلية في ظل حكومة مستقبلية».
وتابع: «صحيح ان ردة الفعل في سوق السندات في السوق اللبنانية اليوم (أمس) كانت حذرة، لكنها مرتاحة، علما أن عندنا القدرة على سداد الديون في تواريخها المحددة ومن دون اي اقتطاع منها. ونحمل في مصرف لبنان 40% من الدين وكيفية معالجته.اما ما تبقى من الدين ( 60%) فهناك مؤسسات في الدولة تتحمله. لكن عندنا سيطرة على الدين وثقة ونظرة مستقبلية ايجابية..» معرباً عن اعتقاده بأن تأليف الحكومة واعلان برنامج اقتصادي وتطبيق مؤتمر سيدر ومشروعات اخرى، ستساعد لبنان على تخطي ازماته الاقتصادية الراهنة.
وأكد ان «لا خطر على سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه الدولار الاميركي، وان الشائعات الراهنة لم تؤثر علينا والعملة مستقرة، والكميات من الليرة متوافرة بالسوق ومدعومة بارقام وليست بشعارات».
وقال: «لبنان بحاجة الى الاصلاحات وتحفيز النمو. النمو في لبنان بلغ بين 1 و1.5 في المئة عام 2018 جراء عدم تأليف الحكومة. علما ان هناك حالة سلبية في المنطقة تؤثر على حركاتنا الخارجية.
الودائع زادت اكثر من 6 مليارات دولار عام 2018، بينما التدفقات المالية في السابق، كانت اكثر أي بين 11 مليار دولار و12 مليارا».
وأعلن «اننا سنطلق منصة للتداول الالكتروني في العام 2019. علما ان هذه المنصة تتداول عليها كل الاوراق التجارية وتتصل بالعالم كله».
وأشار الى ان «مشروعنا لاطلاق العملة الرقمية يتقدم. وهناك مشروعات اخرى قيد التداول لتسهيل طرق الدفع ويشجع الاسواق اللبنانية».
وقال الحاكم ردا على سؤال: «نعتقد ان افضل جواب للدعايات السلبية اننا حافظنا على سعر صرف الليرة اللبنانية. العملة اللبنانية هي عملة لبنان. مصرف لبنان عليه ان يدافع عن هذه العملة كي يبقى ضابطا اسعار التضخم».
وأضاف: «نحن مقتنعون ان الاقتصاد اللبناني مدولر بنسبة 70 في المئة، وثمة 75 في المئة من التداول يتم بالدولار الاميركي. فما المنفعة من خفض سعر صرف الليرة اللبنانية ما يخلق عدم إرتياح، ولا يعطي للبنان ميزة تنافسية».
وقال: «في تركيا الاقتصاد تراجع. لكن في لبنان الدولارات اتت من هندسات مالية بين مصرف لبنان والقطاع المصرفي اللبناني، لان صادراتنا متواضعة. اما خفض سعر صرف الليرة في ظل حجم الاقتصاد الراهن، يصيب الاقتصاد اللبناني بالعجز»، وشدد على ان «موضوع الدين العام، بحسب ردة فعل السلطات اللبنانية، يؤكد التزام لبنان حيال تنفيذ الخطط المالية التي تعدها الدولة اللبنانية».
وأضاف: «نحن نضخ سيولة في السوق بشكل لا تخلق تضخما. اما كل القروض المدعومة للاسكان لا يعني خلق سياسة اسكانية او زراعية. هدفنا المحافظة على الاستقرار النقدي». وذكّر بأنه «في العام 2018 دعم مصرف لبنان الاسكان بـ 800 مليون دولار، في 2019 سيكون هناك رزمة لدعم الاسكان، ونضع حسابات خاصة للمصارف. وهذا لا يعفي الدولة من أن تقوم بسياسة إسكانية».
وقال: «لم نبحث في اجتماع بعبدا (أول امس) الا موقف لبنان الرسمي حيال ديون لبنان، وفي حضور وزير المالية والمجتمعين، مفاده: ان لبنان يسدد دينه وفوائد دينه بالعملات الوطنية والاجنبية. في البلد ثمة مشروعات اقتصادية كثيرة، لكن هكذا مشروعات تحتاج الى حكومة وقوانين تمر في مجلس النواب. ولا علم لي باي خطة مستقبلية، واي خطة تُبحث عادة في البنك المركزي. لا مشروعات مطروحة لكن ننتظر حكومة لتعطي صورة واضحة عن خطتها الاقتصادية والمالية مستقبلاً»..
ورداً على سؤال بعد اللقاء في «فور سيزن» أمس قال الحاكم سلامة ان لبنان ملتزم بسداد كل التزاماته من الودائع والسندات سواء كانت بالليرة او بالدولار وأشار الى ان الودائع هي خارج الأزمة التي يعاني منها لبنان مؤكداً ان الأمور جيدة وان السوق بحاجة الى أيام قليلة..