يحاول بعض المسؤولين في الدولة، لا سيما وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، تحميل مصرف لبنان والمصارف عموماً، مسؤولية التدهور الاقتصادي والمالي في موازاة محاولة الدولة، عبر وزارة المال، الاستدانة من المصارف بفوائد منخفضة لسداد المستحقات المتوجّبة عليها.
ويضع البنك المركزي والمصارف شروطاً وقيوداً على الدولة لتوفير الدعم لها وشراء الأسهم والمشاركة في إصدارات الـ»يوروبوند» أو في استدانة الدولة بالليرة اللبنانية بعدما تبيّن أن وزارة المال لم تتقيّد بالضوابط المفروضة والقيود الواردة في الموازنة ولم تعمل على تحقيق الإصلاحات المنشودة وخفض النفقات لتحقيق التوازن المطلوب، بعدما تبيّن أن الدولة تجاوزت سقف الإنفاق المحدّد لها في الموازنة حتى أنها تجاوزت عتبة الحظر الموضوع لمنع التوظيف، فأدخلت إلى الدولة بطرق عدة، آلاف الموظفين برواتب مرتفعة، ما رفع من حجم دين الدولة وأرهق الخزينة العامة.
وتبيّن أن «البنك المركزي والمصارف اللبنانية تتشدّد في القيود المفروضة على الدولة لاستدانتها وترفض السلطة المالية أي مسّ بالاستقرار النقدي خشية انهيار الوطن».
واوضحت أوساط اقتصادية، على سبيل المثال لا الحصر، أن «وزارة المال أنفقت ما يفوق المليار دولار من موازنة 2018 على الجمعيّات الخيريّة والمهرجانات الصيفيّة التي راحت تغزو المناطق اللبنانية».
وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قد بحث الإثنين الفائت مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأوضاع المالية في البلاد، وأشار بعد الاجتماع إلى أن الإمكانات متوافرة لمتابعة تنفيذ السياسات النقدية التي يتّبعها المصرف المركزي والتي حققت الاستقرار المالي في البلد.
وشددت أوساط مصرفيّة على أن «السياسة المالية التي يتبعها حاكم البنك المركزي والهندسات التي لجأ إليها، حَمَت البنك المركزي والمصارف اللبنانية، وعزّزت تثبيت سعر صرف الليرة وأمّنت احتياطات كافية للمصارف لسداد ما عليها من مستحقات، فيما كانت محط انتقاد من قِبَل بعض الأطراف لا سيما سياسيين مقرّبين من العهد، حتى أن البعض سرّب معلومات عن أن الرئيس عون غير موافق على سياسة البنك المركزي. في حين انه أثنى على السياسة المتّبعة من الحاكم سلامة ومن البنك المركزي، ما شجّع الأخير على التشدّد في القيود المفروضة على الدولة قبل الموافقة على عمليات الاستدانة».
ووصفت الأوساط ذاتها استقرار الليرة بانه «خشبة الخلاص في الوقت الراهن، وبفضل هذا الاستقرار يدخل إلى لبنان ما يزيد على 7 مليارات دولار سنوياً للافادة من الفائدة التي سجلت ارتفاعاً عالمياً».
وأكدت أن «ليس من عملية خروج أموال من لبنان، بل محاولة للإفادة من الفائدة على الليرة للحصول على العملة النادرة لتأمين حاجات الدولة»، لافتة إلى أن «المصرف المركزي يرعى هذه العمليات ضمن القوانين والقيود والأنظمة المرعية، وعلى الدولة وضع لائحة بالحاجات والنفقات الضرورية من رواتب وغيرها ولائحة أخرى بالنفقات الإضافية لسدادها عندما يتأمّن لها المال اللازم، والعمل على تطبيق ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر «سيدر» لا سيما الإصلاحات لجهة خفض فاتورة الإدارة وتحسين الجباية من الجمارك ورفع 10% الرسوم الجمركية والقيمة المضافة».
واكدت الأوساط المصرفيّة أن «تمويل الدولة من المصارف لن يكون من دون قيود وضوابط وإصلاحات، ووفق شروط متشدّدة على إنفاق الدولة».