أفاد بنك عوده في تقريره الإقتصادي للفصل الثالث من العام 2018 بأن الإقتصاد اللبناني شهدا مزيداً من التباطؤ في النمو هذا العام بحيث إتخذت معظم مؤشرات القطاع الحقيقي منحى تنازلياً خلال الأشهر التسعة الأولى من 2018 بالمقارنة مع الفترة المماثلة من العام السابق. ويرتبط هذا التباطؤ المستمر في النمو الإقتصادي بحال من الترقب والتريث تشوب أوساط مستثمري القطاع الخاص الذين يترددون في الإستثمار في القطاعات الإقتصادية المختلفة في لبنان علماً بأن الإستهلاك الخاص ما يزال يسجل نمواً معتدلاً هذا العام في حين وفر نمو الإنفاق الحكومي دعماً طفيفاً للنمو الإقتصادي في البلاد.
وأوضح التقرير أنه من أصل 11 مؤشراً للقطاع الحقيقي إرتفعت 5 مؤشرات بينما تراجعت 6 مؤشرات خلال الأشهر التسعة الأولىمن العام 2018 بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق. وذكر من بين المؤشرات التي سجلت نمواً إيجابياً: عدد المسافرين عبر مطار بيروت الدولي الذي سجل نمواً بنسبة 7.1، والواردات (+4.7%)، والصادرات (+ 4.3%)، وعدد السياح (+3.9%)، وإنتاج الكهرباء (+1.5%).
وذكر في المقابل من بين المؤشرات التي سجلت نسب نمو سلبية: مساحة رخص البناء الممنوحة (-23%)، وقيمة المبيعات العقارية (-16.8%)، وحجم البضائع في المرفأ (-7.1%)، وعدد مبيعات السيارات الجديدة (-6.6%)، وتسليمات الإسمنت (-4.7%) ، وقيمة الشيكات المتقاصة (-1.2%).
وأشار التقرير الى أنه كإنعكاس لوهن أوضاع القطاع الحقيقي، فإن المؤشر الإقتصادي العام الصادر عن مصرف لبنان قد بلغ 309.2 في المتوسط خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2018 أي بنمو نسبته 1.8%بالمقارنة مع الفترة المماثلة من العام 2017. وأوضح إن هذا النمو في المؤشر الإقتصادي العام يمثل تباطؤا نسبياً بالمقارنة مع متوسط نمو الفترة نفسها من السنوات الخمس الماضية (3.4%) ما يدل على ان القطاع الحقيقي يسجل وهناً إضافياً هذا العام.
وأشار التقرير في هذا الإطار الى أن صندوق النقد الدولي عدل من توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان للعام 2018 وذلك من 1.5% وفق توقعات آفاق الإقتصاد العالمي الصادر في شهر نيسان الماضي الى 1% وفق توقعاته الأخيرة الصادرة في شهر تشرين الأول. في موازاة ذلك يتوقع الصندوق أن يسجل النمو الإقتصادي الحقيقي 1.4% في العام 2019 ومتوسط نسبته 2.3% خلال السنوات الخمس المقبلة. مع الإشارة الى أن مصرف لبنان يتوقع نمواً إقتصادياً بنسبة 2% في 2018، وذلك من نمو مقدر بنسبة 2.5% في العام 2017.
وأضاف التقرير أن القطاع المصرفي وعلى الرغم من التباطؤ المسجل في نمو نشاطه لا يزال يظهر مناعة ملحوظة إزاء أوضاع الإقتصاد الحقيقي الصعب نسبياً. فالقطاع المصرفي المحلي لا يزال يسجل نمواً مقبولاً بحيث نمت الودائع المصرفية بقيمة 5.3 مليارات دولار في الأشهر التسعة الأولى من 2018 أي بزيادة سنوية نسبيتها 4.2% وهي تعد كافية لتمويل الإحتياجات التمويلية للإقتصاد الوطني بشقيه العام والخاص.
أما التسليفات المصرفية الممنوحة للقطاع الخاص فقد تقلصت بقيمة 0.3 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2018 في سياق ندرة الفرص التسليفية في اقتصاد محلي بطيء بشكل عام.
ولفت التقرير إلى أن الوهن الإقتصادي لعام خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2018 ترافق مع تطورات سلبية في أسواق الرساميل. فعلى صعيد سوق الأسهم إنخفضت أسعار الأسهم المدرجة في بورصة بيروت بنسبة 14%في الأشهر التسعة الأولى في ظل إنخفاض القيمة الإجمالية لعمليات التداول بنسبة 52.5% على أساس سنوي. أما على صعيد سوق سندات الدين فإن هوامش مقايضة المخاطر الإئتمانية من فئة 5 سنوات قد إتسعت من 521 نقطة أساس في نهاية العام 2017 الى 673 نقطة أساس في نهاية أيلول 2018 أي باتساع مقداره 152 نقطة أساس ما يعكس تردياً في نظرة الأسواق للمخاطر السيادية بشكل عام.
وتابع تقرير بنك عوده الفصلي أن العام 2018 يبدو أنه بدأ بترد في وضع المالية العامة بعد تحسن نسبي في العام 2018 . ذلك ان ارقام وزارة المالية تظهر ان عجز المالية العامة تضاعف تقريباً علىأساس سنوي في الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية بحيث ارتفع من 0.8 مليار دولار ( ما يعادل 18.6% من النفقات الإجمالية) الى 1.9مليار دولار (ما يعادل بنسبة 5.5% في الفترة المذكورة ينتقل الرصيد الأولي من فائض بنسبة 13.8% من النفقات الإجمالية الى عجز بنسبة 6.4% من هذه النفقات.
وأشار الى أن آخر الأرقام المنشورة من قبل وزارة المالية تظهر أن الدين العام الإجمالي بلغ 83.7 مليار دولار في نهاية آب 2018.
أي بزيادة نسبتها 5.2% مقارنة مع كانون الأول 2017. وقدإنخفض الدين العام بالليرة اللبنانية بنسبة 1.6% مقارمة مع كانون الأول 2017 لتوازي قيمته 48.3 مليار دولار في أب 2018. أما الدين العام بالعملات الأجنبية فقد ازداد بنسبة 16.4% مقارنة مع كانون الأول 2017 ليناهز 35.4 مليار دولار في آب 2018.
وأكد التقرير أن عناصر المناعة النقدية لا تزال صامدة في مواجهة عدم اليقين. وقال إنه في الأشهر التسعة الأولى من العام 2018 إتسمت الأوضاع النقدية بالحفاظ على المستوى العالي لموجودات مصرف لبنان الخارجية رغم إستمرار اجواء عدم اليقين بشأن تشكيل الحكومة الجديدة. كما بزيادة سنوية ملحوظة للإكتتاب بسندات الخزينة بالليرة وبنمو كبير لمحفظة شهادات الأيداع بالليرة.
وأوضح أن الموجودات الخارجية لمصرف لبنان بقيمة 1.5 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام 2018 لتصل الى 43.5 مليار دولار في أيلول الفائت. وعزا ذلك الى نمو الموجودات الخارجية لمصرف لبنان بقيمة 2.5 مليار دولار إثر عملية المقايضة التي تمت في شهر أيار 2018، كما إلىبعض التحويلات لمصلحة الليرة اللبنانية بقصد الإستفادة من معدلات الفائدة المغرية التي قدمتها المصارف التجارية على بعض منتجاتها الإدخارية بالليرة، إلا أن ذلك إستهلك جزئياً بسداد سندات يورو بوند سيادية بقيمة ٧٠٠ مليون دولار في حزيران الماضي وببعض التحويلات الى النقد الأجنبي في خلال الفصل الثالث من السنة في ظل الشكوك المتزايدة حيال تشكيل الحكومة والشائعات التي راجت حول استقرار الليرة اللبنانية. وهذا ما دفع حاكم مصرف لبنان الى تبديد المخاوف بشأن إستقرار العملة الوطنية مراراً عدة.
ولفت التقرير الى نمو مقبول للودائع المصرفية منذ بداية العام 2018 ولو بدفع من الودائع بالعملات الأجنبية، وأشار الى أن آخر الإحصاءات الصادرة عن مصرف لبنان حول القطاع المصرفي تفيد بأن شهر أيلول الماضي شهد نمواً في الودائع المصرفية بقيمة 713 مليون دولار، رغم موجة الشائعات حول الوضع في البلاد ما عزّز النمو الإجمالي للودائع منذ بداية السنة والذي بلغت قيمته 5.3 مليارات دولار أي ما نسبته 3.1% إلا أن هذا النمو ظل أقل بنسبة 20% من النمو المحقق في الفترة ذاتها من العام 2017 والذي بلغ 6.6 مليارات دولار وأقل بنسبة 12% من متوسط النمو المسجل في الفترة ذاتها من السنوات الخمس الأخيرة والبالغ 6 مليارات دولار.
وأضاف التقرير أن الفصل الثالث شهد أيضاً تحويلات صافية من الليرة اللبنانية الى العملات الأجنبية، إذ يظهر توزع نمو الودائع حسب نوع العملات تراجع الودائع بالليرة بما يوازي 1.1 مليار دولار في الفصل الثالث من السنة بينما زادت الودائع بالعملات الأجنبية بقيمة 1.7 مليار دولار في الفصل الثالث. ومنذ بداية السنة تأتّى النمو الإجمالي للودائع بنسبة 83% عن الودائع بالعملات الأجنبية وبنسبة 17% عن الودائع بالليورة اللبنانية ما أدى الى إرتفاع نسبة دولرة الودائعمن 68.7% في كانون الأول 2017 الى 69.1% في ايلول 2018 وهو أعلى مستوى لها في 10 سنوات.
وأكد إن نمو ودائع غير المقيميتن كان سليماً إذ بلغ 1.9 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام 2018.
وعلى صعيد التسليف، سجلت سنة 2018 أول تراجع في العقدين الماضيين، ذلك أن التسليفات الممنوحة للقطاع الخاص تراجعت بقيمة 0.3 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى. بعدما كانت قد ازدادت بقيمة 1.3 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام 2017، وبقيمة 2.2 مليار دولار في المتوسط خلال الفترة ذاتها من السنوات الـ 5 الماضية.
وأظهر تقرير بنك عوده تراجع الحركة في أسواق الرساميل اللبنانية في الأشهر التسعة الأولى من العام 2018 في ظل إستمرار المراوحة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة. وأشار الى أن بورصة بيروت شهدت تباطؤاً في حركتها وتراجعاً في أسعارها.