مع كل تأخير في تشكيل الحكومة تتزايد المخاطر الاقتصادية التي تهدد لبنان الذي يعوّل مسؤولوه على مساعدات مؤتمر «سيدر» بشكل أساس لرفد الاقتصاد بمصادر دخل جديدة من خلال المباشرة بتنفيذ «البرنامج الاستثماري الوطني للبنية التحتية»، بعدما تبين أن إيرادات الموازنة لا تسمح بسد النفقات الناجمة عن الزيادة في سلسلة الرتب والرواتب. ويشكل التحذير الذي أطلقه نائب رئيس البنك الدولي فريد بلحاج خلال زيارته الاخيرة الى لبنان من أن «الاقتصاد في خطر وبأن الاعتمادات المرصودة للبنان في المؤتمر قد تذهب لدول أخرى»، جرس إنذار دولي لبيروت للاسراع في تشكيل الحكومة للحد من تفاقم العجز في مالية الدولة الذي تخطى تقديرات موازنة 2018، الامر الذي يهدد باطاحة كل التزامات لبنان أمام الدول المانحة في «سيدر»، حيث تم التعهد بتخفيض العجز بمعدل 1 % من الناتج المحلي سنويا لمدة 5 سنوات.
وأكد المستشار الاقتصادي للرئيس المكلف سعد الحريري نديم المنلا أنه «كلما تأخر تشكيل الحكومة تفاقمت المخاطر الاقتصادية، فأولويات الدول المانحة يمكن أن تتغير، وبلدان أخرى غير لبنان بحاجة لمساعدات كالاردن الذي سيخصص المجتمع الدولي مؤتمرا لدعمه في شباط المقبل وهناك خطر كبير أن يتحول جزء من الاموال المرصودة الى لبنان لعمان في حال استمرار الجمود الحكومي. فعلى سبيل المثال لا الحصر سبق وحوّل البنك الدولي مليار دولار كانت وجهتها سوريا الى دولة أخرى بعد العقوبات التي فرضت على دمشق»، مشددا على أن «المجتمع الدولي لن ينتظرنا طويلا، وكل تأخير يزيد مخاطر خسارة أموال «سيدر، وهناك حاجة ملحة للمباشرة بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة للمباشرة بتنفيذ المشاريع».
وأوضح أن «هناك أسبابا عدة للعجز في الميزان التجاري الواقع فيه لبنان، لعل أبرزها اقرار موازنة 2017 في نهاية العام، فتم الانفاق في العام 2018 على أساس موازنتين، ما أدى الى ارتفاع الصرف بشكل كبير خلال آخر 11 شهرا. أضافة الى الانخفاض الملحوظ بإيرادات الدولة خصوصا وأن المجلس الدستوري علق تنفيذ جزء من الضرائب التي أقرها مجلس النواب، فحصل انكماش انعكس على النفقات التي تخطت الرقم المتوقع».
وعن حاجة الدولة للاستدانة لسد عجز موازنة 2018، قال إن «ارتفاع أسعار النفط وزيادة عجز الكهرباء، إضافة الى أزمة أدوية السرطان، عوامل تجمعت وفرضت على الدولة تأمين اعتمادات اضافية لم يتم اقرارها في الموازنة، ما سيرتب تلقائيا ديونا إضافية»، محذرا من أن «استمرار الانفاق من دون موازنة في المقابل سيفاقم الازمة».
وشدد على أن «تشكيل الحكومة ضرورة لاستعادة الثقة بالحركة الاقتصادية، والوقت ليس لصالحنا»، لافتا الى أن «المجتمع الدولي أبدى ثقته بالحكومة السابقة التي رأسها الرئيس الحريري، وبالتالي هذه المساعدات مرتبطة بشخصه، وبوجوده في رئاسة الحكومة».