افتتح المنتدى العربي للبيئة والتنمية «أفد» مؤتمره السنوي الحادي عشر، برعاية رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ممثلا بالرئيس فؤاد السنيورة، في فندق البريستول، تخلله إطلاق تقرير عن تمويل التنمية المستدامة في البلدان العربية.
وشارك في المؤتمر وزراء ونواب وديبلوماسيون ورؤساء منظمات معنية بالبيئة وصناديق تنمية إقليمية وعالمية، بينها البنك الدولي والاسكوا والفاو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والبنك الإسلامي للتنمية والصندوق الكويتي، في حضور 400 مندوب من 40 بلدا، يمثلون الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية والقطاع الخاص، إلى جانب 50 طالبا من الجامعات العربية.
بعد تقديم من راغدة حداد، تحدث رئيس مجلس أمناء «أفد» رئيس الوزراء الأردني السابق عدنان بدران، الذي أكد أن «المطلوب من الحكومات العربية إدارة الموارد البشرية والمالية والطبيعية بكفاءة عالية، والقضاء على الترهل الحكومي والفساد، وإنشاء شراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة».
ثم تحدث الرئيس السنيورة، فقال أن «الكثير من المشكلات، لا يمكن معالجتها من دون الإقدام على اعتماد إصلاحات أساسية وجذرية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية للتلاؤم مع المتغيرات وبما يستنهض دور القطاع الخاص ويرفع من مستويات الإنتاجية والتنافسية في الاقتصاد الوطني».
وأكد «أن الإصلاح الذي تحتاجه دولنا العربية لتحقيق النهوض، هو أمر قد أصبح واقعا وواجبا علينا أن نؤمن به وأن نعيشه وأن نمارسه». واضاف: «ان الإصلاح هو بالفعل عملية مستمرة، ورحلة دائمة تقتضي المسارعة إلى اعتمادها والمثابرة على الاستمرار في اعتمادها. لأن استمرار التقاعس والتأخير في تبني البرامج الإصلاحية المطلوبة سوف يشكل هما مقيما وكبيرا على المنطقة العربية وعلى أجيالنا القادمة، ويحمل تلك الأجيال في المستقبل كلفة أكبر وألما ومعاناة أشد. وهذا فضلا عن أنه يزيد من حدة اتساع الفجوة الاقتصادية والتكنولوجية والثقافية بين العرب والعالم من حولهم»، معتبرا «ان التلاؤم مع التغيرات والتحولات الحاصلة يتطلب اعتماد نهج الإصلاح الحقيقي والجذري والذي يقتضي بدوره تأمين الإرادة السياسية والمجتمعية، وكذلك الجرأة والشجاعة في تبني وتنفيذ السياسات والمعالجات الاقتصادية والإنتاجية والمالية والإدارية، وذلك من أجل:
1) الإسهام في تحقيق استخدام أفضل وأرشد وأكثر كفاءة وأكثر عدلا للموارد البشرية والطبيعية والإمكانات المتاحة وتوجيهها نحو القطاعات الإنتاجية.
2) المساعدة والتشجيع على إجراء تعديلات في أنظمة دعم الأسعار من أجل تحقيق إدارة أفضل للموارد الطبيعية والإمكانات المتاحة ولاسيما في قطاعي المياه والطاقة.
3) الإسهام في تقديم الحوافز الإضافية اللازمة لتعزيز الإنتاجية ولزيادة حجم الإنتاج المحلي في الاقتصادات الوطنية.
4) المساعدة والتشجيع على بذل جهد أكبر من أجل تنويع مصادر الدخل لدى العديد من الاقتصادات العربية. ولاسيما تلك التي تعتمد على مصادر محدودة من الموارد الطبيعية.
5) إجراء الإصلاحات الضرورية لتطوير وتعديل الأنظمة الضريبية بما يعزز مصادر الدخل لدى الخزانات العامة لأغلب الدول العربية وبما يسهم في تصحيح مالياتها العامة.
6) الإسهام في الحد من الاستهلاك وترشيد الأنماط الاستهلاكية، وبالتالي ترشيد الإنفاق غير القابل للاستدامة.
7) الإسهام في التخفيف من حدة الفروقات المتعاظمة بين فئات الدخل المختلفة في المجتمعات العربية، وفي تأمين وتحقيق توزيع أعدل للثروة وللمداخيل، لكي تصبح الأوضاع المالية والنقدية والاجتماعية أكثر استدامة.
8) العمل على تأمين موارد مالية عامة وخاصة إضافية يمكن توجيهها من أجل دعم أنشطة التنمية المستدامة».
وقال: «أنه أصبح لزاما على القطاع المصرفي العربي أن يدرك أنه لم يعد بمقدوره مواكبة المتغيرات والتحولات الجذرية الحاصلة في مفهوم وأساليب التنمية المستدامة من دون اعتماد أدوات وأساليب جديدة ومبتكرة لتأمين التمويل المطلوب على مدى السنوات الخمس عشرة القادمة. وبالتالي فإن هناك حاجة ماسة لوضع الأطر التنظيمية والرقابية والسياسات المالية العامة لتشجيع القطاع الخاص والقطاع المصرفي على المشاركة في اعتماد الخطط البعيدة المدى لولوج باب الاقتصاد الأخضر. وذلك يعني ضرورة إنشاء علاقة تعاون ومشاركة ما بين المؤسسات العامة والخاصة المحلية والدولية. وهناك حاجة أيضا إلى تضافر جهود الحكومات وصناديق التنمية في العالم العربي وبالتعاون مع المؤسسات الدولية، ومع القطاع المصرفي المحلي والدولي من أجل تدبير وتأمين الاستثمارات الضخمة المطلوبة.
وشدد على أنه «علينا أن ندرك أن الانتقال التدريجي نحو الاقتصاد الأخضر أو الصديق للبيئة سيتطلب التشجيع على إعادة توجيه استثمارات جديدة في القطاعين العام والخاص، إلى المجالات الرئيسية ذات الأولوية، وذلك عبر التحفيزات التي يمكن أن تقدم للأسواق المالية. وبالتالي فإن اعتماد السياسات الصحيحة والمتكاملة للتنمية المستدامة كفيل بتحقيق الأهداف الموضوعة والتي يجب أن تكون مستندة إلى قواعد اقتصاد السوق بما يضفي على تلك السياسات والخطط والبرامج مقبولية اقتصادية واجتماعية وبيئية».
وتابع: «إنني لا أنفي أن جهودا قد بذلت في سائر المجالات على مدى العقود الماضية، ولكنها كانت دائما غير كافية. من جهة أخرى، فإن النتائج المرجوة لا يمكن ان تتحقق ما لم تتآزر جهود دولنا العربية لتحقيق تلك الأهداف عبر المزيد من التكامل الاقتصادي، والتكامل في السياسات الإنمائية، والتكامل في السياسات المتعلقة بتأمين التوازن الاستراتيجي في منطقتنا العربية وفي علاقتها مع المحيط، والتكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص وفي توفير الموارد المالية اللازمة لذلك. هذا فضلا عما يقتضيه تحقيق الاستقرار اللازم لتحقيق النهوض من جهود لإحلال السلام في منطقتنا العربية وإحلال دولة القانون والنظام والعدالة وحكم المؤسسات في أوطاننا العربية».