أكد نائب رئيس جمعية المصارف ورئيس مجلس إدارة «بنك لبنان والمهجر» سعد أزهري أن «وضع القطاع المصرفي اللبناني سليم كما وضع الليرة اللبنانية، استناداً إلى احتياطات مصرف لبنان الكبيرة»، لكنه حذّر من انه إن لم تتشكّل حكومة جديدة وتباشر بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة من مؤتمر «سيدر»، فإن وضع الاقتصاد برمّته سيكون في دائرة التأثيرات المباشرة، حيث ستكون الأوضاع صعبة أكثر على المواطنين».
كلام أزهري جاء خلال لقاء مع الإعلام في فندق «لو غراي» – بيروت، خُصّص لعرض أبرز المؤشرات والوقائع التي توجز وضع الاقتصاد اللبناني وفق سلسلة مؤشرات يصدرها «بنك لبنان والمهجر»، وهي تتوافق بحسب ما أكد رئيس مجلس إدارة «بلوم بنك إنفست» فادي عسيران، مع الإحصاءات الرسمية كونها تستند الى قاعدة بيانات منشورة من الجهات المعنية، مع فارق طفيف تَمثل في توقع معدل النمو للعام 2018 «والذي نتوقع أن يبلغ 1% وليس أكثر بحسب توقعات صندوق النقد الدولي وبعض المراجع المحلية».
وعن دور القطاع المصرفي في التخفيف من حجم الأزمة الاقتصادية، أكد أزهري أن القطاع المصرفي «يتحرّك على خط الإنقاذ حين يكون قادراً وتتاح له الفرص من دون أن يخرق القوانين أو رقابة مصرف لبنان»، مشيراً الى سابقة تقديمه دعماً بمقدار 4 مليارات دولار بفائدة صفر عقب مؤتمر «باريس 2»، وذلك بعدما رأى حجم إفادته من المؤتمر الدولي، «فردّ قسمًا كبيرًا من الأرباح التي حققها حينها».
ورأى أن «الكلام عن أرباح حققتها المصارف من خلال هندسات مصرف لبنان التي حملتها سندات بفوائد مرتفعة «ليس دقيقاً، لأن الدولة تُصدر سندات بفوائد أقل من الكلفة التي تتحمّلها المصارف، ما يضطر «المركزي» إلى تقديم حوافز لنضطر بدورنا إلى الاكتتاب في هذه السندات». وتابع: لأن المصارف مدركة أن وضع الدولة ليس جيداً، بقيت تقدِّم الدعم مستفيدة من حجم القطاع الذي يوازي 3 أضعاف حجم الاقتصاد، ولديها سيولة جيدة خارجياً وداخلياً».
وأكد أزهري أن «مصرف لبنان القوي بقوة القطاع المصرفي، قادر على تهدئة الوضع الى حين تباشر الدولة بما يتوجب عليها لجهة الإصلاحات التي يشترطها «سيدر»، والتي لا مبرّر للتأخّر في تنفيذها».
ونفى وجود مخاوف على المصارف، «فأنا متفائل بالمستقبل، ولا اعتقد ان السياسيين سيفوّتون فرصة «سيدر» الذي يترجم التزام مؤسسات عالمية بمشاريع البنى التحتية، وهو السبيل الأنجع لتحريك الاقتصاد وتوفير وظائف جديدة ويرفع النمو. لكن «سيدر» اشترط سلسلة إصلاحات مهمة، علماً أن ثمة ضرورة في وقف الإنفاق في ظل فوائد عالية.
كذلك، نفى أزهري وجود أزمة سيولة في القطاع المصرفي، «فالسيولة متوافرة، ومصرف لبنان داعم للمصارف ووضعه سليم وقادر على الدفاع عن الليرة بموجودات خارجية بلغت وفق بياناته الأخيرة نحو 43.5 مليار دولار»، مؤكداً أن «لا مشكلة سيولة بل منافسة تتحول الى ممارسات خاطئة، يجب أن تتنبّه المصارف كيف تنافس لِئلا تعزّز الشائعات».
وختم بإبداء تفاؤله «لأن لبنان ليس بلداً فقيراً، إذ لديه طاقات بشرية واقتصاد بحجم جيد، لكنه يحتاج إلى إدارة أفضل»، مطالباً السياسيين «بالإسراع في حل الأزمة وتأليف حكومة جديدة تمنح الاقتصاد جرعات دعم تبدأ بمؤتمر «سيدر» وإصلاحاته».
من جهته عرض عسيران أبرز ما ورد في سلسلة مؤشرات «بنك لبنان والمهجر» ولفت الى نموّ ضعيف منذ 2011 ، وإذ أشار الى أن للاقتصاد اللبناني قاطرتي نمو اساسيتين: العقارات والسياحة. قال: «لم يستطع التحسن البسيط في القطاع السياحي من حجب تدهور النمو الاقتصادي والناتج عن الركود الشديد في القطاع العقاري».
وأكد إن غياب سياسة مالية واضحة لضبط العجز وايجاد خطة لخفض الدين العام ونسبته من الناتج المحلي ساهم في تدهور ثقة المستثمرين بالاقتصاد اللبناني. كما ساهمت بيئة النمو الاقتصادي المنخفض وارتفاع اسعار الفائدة في تفاقم كلفة الاستدانة، وتردي عجز الموازنة، واقصاء القطاع الخاص. ولفت الى أن البنك المركزي قرر منذ 2013 التدخل لتعزيز الاقتصاد في ظل غياب سياسة مالية واقتصادية للحكومة. واستمر ذلك حتى أوائل العام 2018 عندما بدأت اسعار الفائدة بالارتفاع في الولايات المتحدة، الدول النامية والمجاورة وبالتالي في لبنان.
وأكد ان لبنان يحتاج الى منظومة متكاملة من الاصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية لتحفيز النمو وخفض العجز والدين العام على مستوى الاقتصاد الكلي لاستعادة ثقة المستثمرين. وقال: «لم تعد الانجازات السياسية وحدها كافية لتحفيز النمو إلا انها تبقى شرطا اساسيا لذلك، خصوصاً في ما يتعلق بتشكيل حكومة من اشخاص يوحون بالثقة». وأضاف: «إن لبنان في حاجة ماسة الى اصلاحات اقتصادية ملموسة لرفع صدقية السلطات وجذب رأس المال ومن اهمها: الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إصلاح قطاع الكهرباء من خلال زيادة الطاقة الانتاجية ورفع تعرفة الكهرباء لإنهاء العجز في هذا القطاع الذي يستنزف ميزانية الدولة، ضبط رواتب وتعويضات القطاع العام وتوقيف التوظيف نهائياً واعادة النظر في النظام التقاعدي، تحسين بيئة العمل وتعزيز سهولة ممارسة الاعمال التجارية في لبنان، تحسين شبكة الاتصالات والانترنت، إعادة تأهيل البنى التحتية، تطوير اسواق المال اللبنانية لتشجيع الشركات التجارية على دخول البورصة وادراج اسهمها، معالجة ازمة النفايات والصرف الصحي .