مرة أخرى تحتضن بيروت أهل الإقتصاد ليس اللبناني فقط بل العربي أيضاً في تظاهرة حاشدة تأتي في ظل مشهد إقليمي ودولي مكفهر ومحلي فيه من التحديات الشيء الكثير.
التظاهرة الإقتصادية تمثلت بـ «المنتدى الإقليمي العربي» الذي افتتحت دورته الـ 26 أمس في «فورسيزنز « برعاية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، وحضور 500 مشارك من 20 دولة.
وكان لافتاً حضور رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق علي الغانم كأول رئيس برلمان عربي يحل ضيف شرف على المنتدى ما أضفى على المشهد قيمة مضافة تمثلها سلطات التشريع…
كما حضر وفد من الصندوق السعودي للتنمية وآخر من صندوق النقد الدولي برئاسة جهاد أرعور الذي أطلق للمرة الأولى تقرير الصندوق حول النمو في المنطقة.
وإذا كان المتحدثون في الجلسة الإفتتاحية قد توقفوا أمام المصاعب التي تمر بها المنطقة والأزمات التي تواجه العديد من بلدانها العربية، فإنهم لم يغيبوا الشأن المحلي اللبناني عن لوحة عناوين التحديات والمصاعب المحيطة به.
وإذا كان الغانم قد أكد أن لبنان ضرورة عربية ودولية وإن إستقراره وأمنه ونموه مسؤولية عربية ودولية ايضاً، فإن الرئيس الحريري حذر من ان «التحديات يمكن أن تتفاقم أكثر إذا لم نحسن التعامل معها» موضحاً أن «الحل في هذا المجال بأيدينا جميعاً كأفرقاء محليين ويبدأ بالتوقف عن هدر الوقت ووضع تأليف الحكومة موضع التنفيذ والمضي قدماً بالإصلاحات المطلوبة مهما كانت موجعة»، وقال: «(…) أنا لن أستسلم وهذا هو الخيار الذي أعمل عليه شخصياً».
وفي إشارة معبرة قال الحريري أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لطالما عمل بأمانة لمصلحة لبنان وسط جو سياسي صعب جداً مضيفاً: «قد ينتقد البعض الحاكم بأن سياساته مكلفة ولكني أرى أن الخلافات السياسية مكلفة أكثر بكثير ولذلك ينتهج هو هذه السياسات».
أما سلامة نفسه الذي كان بين المشاركين في إفتتاح المنتدى فقد كرر مرة أخرى أن الليرة مستقرة وثابتة معلناً أن نسبة النمو للعام 2018 سوف تكون 2%. وشدد على أن التراجع في القطاع العقاري بدأ في العام 2011 وهو لا يرتبط بالتطورات الأخيرة التي طاولت القروض السكنية.
وقد نظم المنتدى مجموعة الاقتصاد والأعمال، بالاشتراك مع مصرف لبنان، وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية، جمعية مصارف لبنان، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، وبالتعاون مع المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان (ايدال)، الهيئات الاقتصادية اللبنانية، وغرفة طرابلس ولبنان الشمالي.
وتحدث في جلسة الافتتاح كل من: الرئيس الحريري، رئيس مجلس الأمة الكويتي، الحاكم سلامة، رئيس اتحاد الغرف العربية نائل الكباريتي، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية محمد شقير، رئيس جمعية مصارف لبنان د. جوزف طربية، والرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي.
الحريري
وقال الرئيس الحريري في كلمته: «كلنا نعلم المصاعب التي تمر بها المنطقة، والأزمات التي تواجه العديد من البلدان العربية، في ظل غياب الاستقرار الأمني والسياسي، وتداعيات الحروب والنزاعات على أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية، والنتائج التي ترتبت على نزوح الملايين من الأشقاء السوريين إلى الدول المجاورة، والتراجع الكبير في النشاط السياحي، والآثار السلبية لكل ذلك على معدلات النمو، والقدرة على استقطاب الاستثمارات».
اضاف: «هذه اللوحة السريعة لعناوين التحديات والمصاعب تطرح علينا، دولا ومجتمعات وهيئات اقتصادية، مسؤولية التعاون على إنتاج الأطر المشتركة للتفكير في إعداد الحلول، ورسم السياسات القادرة على تطوير وحماية وتفعيل الاقتصاد العربي».
واشار الى «ان منطقتنا تحتاج، إلى 27 مليون فرصة عمل جديدة في السنوات الخمس المقبلة. والسؤال الأساسي الذي يطرح نفسه اليوم، هو كيف يمكن أن نحقق ذلك؟ إن التحدي الأول الذي يواجه البلدان العربية يكمن برفع معدلات النمو، أما التحدي الثاني، فيكمن بجعل هذا النمو نموا مستداما يشمل مختلف قطاعات المجتمع، خصوصا النساء والشباب، وما يعنيه ذلك من إطلاق حيوية لا غنى عنها في الدورة الاقتصادية لبلداننا العربية.
ويبقى التحدي الثالث، الذي يكمن في تنويع مصادر النمو. وتنويع مصادر النمو لا ينطبق على الدول المصدرة للنفط فقط، بل هو ينطبق أيضا على دول كلبنان والأردن ومصر وغيرها من دول المنطقة العربية».
وتابع: «لقد أكدت التجارب أن تنويع مصادر النمو ضروري لتحصين اقتصاداتنا الوطنية في مواجهة الخضات والأزمات، سواء كانت داخلية أو خارجية. وتنويع مصادر النمو، يتطلب تأمين بنية تحتية عصرية، تسمح بتطوير القطاعات الإنتاجية التقليدية ورفع مستوى إنتاجيتها، كما تسمح للقطاعات والنشاطات الإنتاجية الجديدة، المبنية على المعرفة والابتكار بالازدهار والانتشار».
ورأى أن «النجاح في تنويع مصادر النمو يتطلب منا بداية تغيير أساليب عملنا كحكومات ومؤسسات عامة، كما يتطلب تطوير تشريعاتنا وإجراءاتنا القانونية والإدارية، لتتلاءم مع حاجات الاقتصاد الحديث وضرورات تحقيق النمو. كل ذلك مع المحافظة على الاستقرار الماكرو اقتصادي، فجميعنا يعلم، أن أي زعزعة للاستقرار المالي والنقدي في بلداننا ستكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة».
وأكد «أننا في لبنان، وضعنا خريطة طريق واضحة لرفع معدلات النمو وتنويع مصادره وتأمين استدامته. وخارطة الطريق هذه عرضتها الحكومة اللبنانية في مؤتمر «سيدر»، وهي تقوم على أربعة محاور أساسية مكملة لبعضها البعض:
أولا – تنفيذ برنامج الإنفاق الاستثماري بقيمة 17 مليار دولار أميركي، يمتد على 10 سنوات لتحديث وتطوير البنية التحتية.
ثانيا – المحافظة على الاستقرار المالي من خلال إجراء تصحيح مالي بمعدل 1% سنويا على مدى خمس سنوات.
ثالثا – إجراء الإصلاحات الهيكلية والقطاعية الضرورية لضمان الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، وتطوير التشريعات التي تحكم عمل القطاع الخاص وتحديث إجراءات القطاع العام.
رابعا – وضع وتنفيذ استراتيجية لتطوير القطاعات الإنتاجية، سواء التقليدية أو الجديدة منها، ورفع قدرة وإمكانات لبنان التصديرية».
وقال: «ونحن مقتنعون بأن القطاع الخاص له دور وازن وأساسي، في تنفيذ خارطة الطريق. بل نحن في لبنان نعول على قدرات وإمكانات هذا القطاع، الذي أثبت جدارته في تطوير العديد من القطاعات وتنفيذ وإدارة العديد من المشاريع».
واضاف: «ولقد خطونا خطوة كبيرة في اتجاه إشراك القطاع الخاص في إدارة وتنفيذ المشاريع، بعد إقرار قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأطلقنا منذ نحو شهرين ثلاثة مشاريع شراكة في قطاعي النقل والاتصالات».
وقال: «كثر الحديث أخيرا عن صعوبة ودقة الأوضاع الاقتصادية في لبنان. صحيح أننا نواجه تحديات اقتصادية واجتماعية عديدة، بعضها تفاقم عبر السنين، وبعضها استجد نتيجة التطورات الأخيرة في المنطقة، وتداعيات النزوح السوري تحديدا». محذراً من أن هذه التحديات يمكن أن تتفاقم أكثر إذا لم نحسن التعامل معها. قائلاً: « ان الحل في هذا المجال بأيدينا جميعا كأفرقاء محليين، والحل يبدأ بالتوقف عن هدر الوقت، ووضع تأليف الحكومة موضع التنفيذ، والمضي قدما بالإصلاحات المطلوبة مهما كانت صعبة أو موجعة».
وأكد «أننا أمام خيار من اثنين: إما الاستسلام للواقع الحالي وللصعوبات التي تواجه لبنان. وإما النهوض بلبنان، لتأمين الازدهار لكل اللبنانيين. وأنا لن أستسلم، وهذا هو الخيار الذي أعمل عليه شخصيا، وثقتي كبيرة جدا، بأن المجتمع السياسي اللبناني سيتجاوز مرحلة السجالات التي تسمعون عنها، ليدرك أن مصلحة لبنان وحق اللبنانيين بحياة كريمة، يجب أن تتقدم على كل اعتبار».
وتابع: «وأنا على ثقة أيضا، بالرغم من كل الصعوبات والنزاعات، بأن العالم العربي سيتغلب على المخاطر مهما اشتدت، وإننا مع البلدان الشقيقة نتوق لمرحلة من الاستقرار وإعادة الإعمار والازدهار والنمو. فكلنا شركاء في عملية النهوض بمنطقتنا. ومستقبل المنطقة واعد والى الأمان بإذن الله».
وختم: «أتمنى للمنتدى النجاح، وأشكر جميع الأخوة المشاركين من الدول العربية الشقيقة، وأخص بالشكر رئيس مجلس الأمة الكويتي، وأنا لا أظن أن أحدا تحدث عن محبة الكويت للبنان والعلاقة التي بين الدولتين والشعبين كما تحدثت أنت، وأنا دائما أقول: يا ليت اللبنانيين يحبون لبنان كما يحب الكويتيون لبنان، وكذلك الحال بالنسبة لكل الخليج، وسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح كان دائما داعما للبنان في كل المراحل التي واجهنا فيها حروبا، وهو كان من أول من وقفوا معنا، وأنا أشكر وجودك هنا، وهو وجود غال جدا بالنسبة إلينا، وإن شاء الله نكمل المشوار معا».
واضاف»كما أتوجه بتحية خاصة لرؤوف أبو زكي ومجموعة الاقتصاد والأعمال، وأتمنى التوفيق للجميع. كما أشكر الحاكم سلامة، فهو لطالما عمل بأمانة لمصلحة هذا البلد، وسط جو سياسي صعب جدا. قد ينتقد البعض الحاكم بأن سياساته مكلفة، ولكني أرى أن الخلافات السياسية مكلفة أكثر بكثير، ولذلك ينتهج هو هذه السياسات. وأشكر وزير ماليتنا السابق جهاد أزعور الذي نفخر بوجوده اليوم في صندوق النقد الدولي».
الغانم
من جهته قال الغانم في كلمته: «ان التحولات الثلاثة التي تستهدفها رؤية الاصلاح الاقتصادي في الكويت تتعلق بالانتقال من اقتصاد ريعي يحكمه القطاع العام إلى اقتصاد تنافسي يحركه القطاع الخاص. ومن قاعدة انتاجية ضيقة تعتمد على ثروة ناضبة إلى التوسع في قاعدة انتاجية عريضة تساهم فيها الأنشطة المالية والتجارية واللوجستية بنسبة عالية من الناتج المحلي الإجمالي. والتحول الثالث من قوة عاملة تشكل العمالة الوافدة النسبة الأكبر من هيكلها إلى عمالة وطنية تشكل العمود الفقري لهذا الهيكل».
أضاف «ان الاصلاح الاقتصادي والمالي ثلاثي الأبعاد هذا، يستلهم فكر أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي هو والدنا قبل أن يكون قائدنا، وكبيرنا قبل ان يكون أميرنا، والذي يطمح إلى أن يجعل الكويت مركزاً تجاريا وماليا اقليميا ودوليا «.
وقال:»ان هذا الفكر تمت بلورته إلى رؤية تنموية كاملة واضحة للكويت 2035، يجري العمل على تنفيذها في إطار خطط خمسية متتابعة ، تبلغ تكاليف تنفيذ هذه المشاريع المدرجة في أولاها فقط قرابة 116 مليار دولار، تتوزع على كافة القطاعات الاقتصادية عموماً، وعلى مشاريع الكهرباء والماء وقضايا الصحة والتعليم على وجه الخصوص. كما تشكل برامج الخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة آليات رئيسية لتحقيقها».
وتطرق الغانم الى افاق الإصلاح الاقتصادي والمالي في لبنان: قائلا «ارجو ألا أرتكب خطأ كبيرا عندما أزعم أن برنامج الانفاق الاستثماري على البنية الأساسية في كل مرافقها ومناطقها، والذي يتضمن أكثر من 280 مشروعا، يمثل إلى حد بعيد تطلعات لبنان الاقتصادية وطموحه التنموي للمرحلة المقبلة».
وأشار الى النجاح الكبير الذي حققه «مؤتمر سيدر» المنعقد في نيسان الماضي بباريس لدعم لبنان اقتصاديا والذي أسفر عن وعود وتعهدات مالية يتجاوز مجموعها 11 مليار دولار لإعادة تأهيل البنية الأساسية، وتحديث الاقتصاد والإدارة العامة، وإعطاء القطاع الخاص في لبنان دفعة قوية جديدة.
وقال:»لقد استجاب المجتمع الدولي في «سيدر» لاحتياجات التنمية والسلام في لبنان استجابة غير مسبوقة، وفي ظل ظروف اقتصادية ومالية صعبة تسود العالم بأسره».
واكد «ان هذا يؤكد ما نقوله دائما بأن لبنان ضرورة عربية ودولية، وأن استقراره وأمنه ونموه مسؤولية عربية ودولية أيضا «.
وتابع: «اذا كان نجاح الاصلاح الاقتصادي والمالي في الكويت مرهوناً بالتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بصدق وعمق، وبتحمل القطاع الخاص لمسؤوليته التنموية والمجتمعية بكفاءة وشجاعة، فإن نجاح لبنان في الحصول على التزامات الدول والمؤسسات الدولية المشاركة في «سيدر» مشروط بتنفيذ الالتزام اللبناني المقابل، ليس بالإصلاح الاقتصادي والمالي فحسب، بل – بالإصلاح السياسي المعزّز للتعايش والعدل والمرجعية الوطنية «.
سلامة
وقال الحاكم سلامة من جهته : «تعيش الأسواق الناشئة خضات متتالية أدّت إلى تراجع قيمة العملات في هذه الدول مقارنة بالدولار واليورو إضافة إلى تراجع قيمة إصداراتها من السندات وارتفاع المردود عليها. وحافظ لبنان على استقرار عملته تجاه الدولار الأميركي، والليرة مستقرة وثابتة، مدعومة بموجودات مرتفعة بالعملات الاجنبية لدى مصرف لبنان والقطاع المصرفي. كما عادت وتحسّنت أسعار اليوروبوند اللبناني ، وتراجع مردودها في الأيام العشرة الأخيرة. كذلك انخفضت بشكل ملحوظ كلفة التأمين على المخاطر اللبنانية ( CDS)من 7 في المئة إلى اقل من 6 في المئة».
واضاف: «يشير المؤشر الاقتصادي لمصرف لبنان إلى أنّ نسبة النمو للعام 2018 سوف تكون 2%، مع الأخذ بعين الاعتبار التراجع في القطاع العقاري والوضع المستقر في قطاع الاستهلاك.
وتجدر الاشارة الى انه ابتدأ التراجع في القطاع العقاري منذ العام 2011، وهو لا يرتبط بالتطورات الأخيرة التي طاولت القروض السكنية». مشيراً الى أن «اللافت أن تراجع السيولة في المنطقة ادى الى تراجع في الوضع العقاري في مجمل دول المنطقة وليس في لبنان فحسب.
وتابع: «يتوقّع مصرف لبنان نموا سنويا في الودائع يفوق الـ5%، تبعا لأرقام الأشهر الخمسة الأولى من العام 2018، ويكون النمو المتوقع للودائع بالليرة اللبنانية نسبته 8 % وبالدولار الأميركي ونسبته 4 % علما أن الدولرة بالودائع وصلت إلى 68% في نهاية العام 2017 ولا تزال على هذا المستوى. وتظهر الارقام الاحصائية لمصرف لبنان تراجعا في التسليف خلال عام 2018 بـ 1،6% مقارنة بالعام 2017. وتبقى القروض المشكوك في تحصيلها بنسبة 3،4% من المحفظة الائتمانية وقد تصل بأسوأ الحالات الى 4%. ونسب التضخم بين الـ4% والـ5% للعام 2018.
وختم سلامة: يلتقي مصرف لبنان مع آراء صندوق النقد الدولي ومؤسسات التقييم على ضرورة تخفيض العجز مقارنة بالناتج المحلي. نضيف على ذلك، أهمية تكبير حجم القطاع الخاص في الناتج المحلي والحدّ من تنامي حجم القطاع العام. وتنتظر الأسواق تشكيل الحكومة، وتتوقع أن تكون من أولوياتها الإصلاح وتنفيذ مشاريع مؤتمر سيدر فور انطلاقتها. ويعتمد مصرف لبنان سياسة محافظة منذ تشرين الثاني 2017، ولن يغيّر هذه السياسة طالما لن تتحقق إصلاحات تخفّض العجز. سياسة مصرف لبنان هذه هي لمصلحة لبنان واستقراره وللحفاظ على القدرة الشرائية لدى اللبنانيين.
شقير
وتحدث رئيس الهيئات الإقتصادية محمد شقير فقال: «صحيح ان منطقتنا تمر بأزمات وحروب، لكن في المقابل علينا كقطاع خاص ان نعمل لخلق آليات تعاون وإقامة شراكة وطيدة في ما بيننا لدفع عملية التفاعل الاقتصادي بين بلداننا، لأن تحقيق النمو المستدام يتطلب أرضية اوسع من أقليم كل دولة، واعتقد ان المنطقة العربية تعطي هذه المساحة الرحبة لتحقيق مصلحة الجميع».
واضاف: «بالنسة لنا كقطاع خاص لبناني، فان هذا الموضوع يأتي في مقدمة اهتماماتنا، حيث كنا على الدوام السباقين في اعطاء الأولوية للتعاون مع القطاع الخاص العربي من خلال دعوته للاستثمار وللمشاركة في المشاريع الكبرى التي تنفذ في بلدنا».
وتابع: «ومن مشاريعنا الجديدة في هذا الاطار، تنظيم مؤتمر الاستثمار اللبناني – الاماراتي في 5 كانون الاول في ابو ظبي بالشراكة مع وزارة التجارة والغرف الاماراتية، وهذا المؤتمر تمّ بالتنسيق وبدعم من سفير الامارات في لبنان حمد سعيد الشامسي، الذي واكبنا في كل الخطوات التي قمنا بها وذلك تعبيراً منه عن ايمانه بأهمية العلاقات الاخوية التاريخية بين لبنان والامارات خصوصاً الاقتصادية، والعمل على الارتقاء بها الى مستويات جديدة تستجيب لطموحات البلدين وشعبيهما، وكذلك سنعقد مؤتمراً استثمارياً آخر في العام 2018 في المملكة العربية السعودية بالتنسيق وبدعم مع معالي القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان وليد بخاري».
وقال: «ان لبنان اليوم منشغل بتأليف الحكومة العتيدة برئاسة الرئيس سعد الحريري، ونحن مرتاحون لأن هذا الموضع في ايدٍ أمينة، وكلنا ثقة انه بالتعاون الحاصل بين الرئيس الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ستصل الأمور قريباً الى خواتيمها السعيدة».
وأكد ان لبنان اليوم محصن أكثر من أي وقت مضى بوحدته الوطنية، وباستقرارٍ سياسيٍ وأمنيٍ ممتاز، وقد حققت الحكومة الحالية في وقت قياسي الكثير من الانجازات التي تضع البلد على طريق التعافي والنهوض. موضحاً ان من أبرز هذه الانجازات التنقيب عن النفط والغاز، اقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والنجاح الباهر لمؤتمر «سيدر» الذي حصد حوالي 11،8 مليار دولار لتطوير البنى التحتية في بلدنا».
وركّز أزعور في كلمته على أهميّةَ النموِّ الاحتوائيّ الذي يؤدي إلى خَلقِ الوظائف وتعزيز العدالة الإجتماعية.
وقال: «إنَّ ضعف النشاطَ الاقتصاديَّ في المنطقة، لَهُ اسبابٌ هيكليةٌ داخلية. كذلك هناكَ تحدياتٌ خارجيةٌ تَنعكِسُ سلباً على المنطقة واقتصادِها، ومِنها تقلُّبُ أسعار السلع الأولية. وفوقَ كلّ ذلك، أدّت النزاعاتُ الأمنية إلى زعزعَةِ استقرار المنطقة، وخيّمَت بظلالِها على نموّ اقتصاداتِها».
واشار إلى ان البطالةٍ في العالم العربي هيَ مِن الأعلى في العالم لدى الشباب، إذ يبلغ متوسطُها 25%، وهناك أكثر من 27 مليون شاب سيدخلونَ سوقَ العمل في المنطقة خلال السنواتِ الخمس المقبلة. وبالتالي إن الإصلاحاتِ الداعمةَ للنموِّ الاحتوائي، كفيلةٌ بتحقيق مكاسبَ كبيرةً. فعلي سبيل المثال، إن زيادةَ التوظيفِ بمقدار 0.5 نقطةً مئوية إضافية سنويا، يمكن أن تثمِرَ تَسارُعاً في نموِّ إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى 5.5%، وارتفاعاً لِدَخْل الفردِ الحقيقيّ بمقدار 3.8 % سنوياً، ما يُمكنُ مضاعفةُ النموِّ في بلدان المنطقة خلال عقدٍ واحدٍ مِنَ الزمن، وزيادةُ الناتج التراكميّ بما يعادلُ تريليون دولار أميركيّ.
ولفت إلى أن الجلسةِ الأولى من منتدى الاقتصاد العربي تم تخصيصها لإطلاق تقرير صندوق النقد الدولي حول تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والإصلاح: الازدهار للجميع. والذي يلقي الضوء على كيفية تفعيل هذه البرامج والسياسات على أرض الواقع».
طربيه
وألقى رئيس جمعية المصارف في لبنان جوزف طربيه كلمة قال فيها: «(…) إننا في جمعية المصارف في لبنان، نعتز بأننا شاركنا مبكرا في انطلاقة هذا المنتدى، ونواصل شراكتنا للهيئات المنظمة في تثبيت انعقاده الدوري السنوي، وفي بيروت بالذات».
واضاف: «في العام الماضي، ومن على منصة هذا المنتدى بالذات، قلنا «العالم يتغير وبسرعة غير متوقعة. هي مرحلة مختلفة تماما، تنقلب فيها التوجهات الدولية من العنوان العريض للعولمة الى العنوان الضيق للوطنية ، ومن الجغرافيا المفتوحة الى الانغلاق والجدران المرفوعة» . اليوم تشي الوقائع بتسريع هذه التوجهات. ان العولمة التجارية تترنح، وقد تفضي المستجدات الى نهائيات تقلب كل الموازين الحالية، في حال تمدد الحروب التجارية المستجدة واعادة بناء الجدران الحمائية والضريبية على حدود التجمعات والأحلاف والدول. هذا حدث جلل بدت بشائره التنفيذية قبل أيام، وهو ينسف كل مبادىء التحرر والانفتاح التي قادتها الدول الكبرى خلال العقود الماضية». المثير أن اللاعبين أنفسهم يقودون الانقلاب الاقتصادي بعكس الأهداف السابقة تماما. موجات الانفتاح كانت متدرجة وتتم ، ولو بالشكل، تحت مظلة منظمة التجارة العالمية. تسونامي الانغلاق يتم سريعا ومتسرعا من دون الالتفات الى ما سيخلفه من نتائج كارثية ، بما يصيب أساسا القواعد السارية للنظام الدولي برمته» .
وأكد «ان المصارحة والمكاشفة التي تميز هذه المنصات الجامعة ، تحفزنا للتعبير عن مخاوفنا المشروعة من هذه التطورات العاتية ومنحاها، وما سيصيب اقتصاداتنا منها ومن أثارها. صحيح اننا، كعرب، لا نمثل وزنا فاعلا في حركة الاقتصاد العالمي، لكن أي تقييم خاطىء أو انحياز غير مدروس سيضر بمصالحنا التي تنتشر في أغلب الأسواق، وشبكات علاقاتنا التي تشمل كل مراكز القوى العالمية . كذلك فان ثرواتنا النفطية تتدفق في أغلب شرايين الطاقة حول العالم».
وتابع: «ربما تكون منطقتنا راهنا في أشد المراحل حرجا وأكثرها دقة ، وستزيد المخاطر حكما بفعل التسونامي التجاري العالمي المستجد. باختصار ما كان مقلقا صار مخيفا، وما كان ممكنا للشعوب والاقتصادات حمله وتحمل أثاره، تعاظم ثقله وتكاثرت آلامه . الأثمان من قتل وتهجير وتدمير تفوق أي وصف كارثي ، والميراث الموجع المنقول الى أكتاف الأجيال المقبلة لا حول لها في التبرؤ منه ولا امكانات كافية تعينها على التخفيف من قسوته. نحن في قلب الدوامة، فأما أن نشارك في وأد تطلعاتنا وانتظار قدر محتوم أشد ظلمة، واما نغلب لغة العقل والحوار بهدف السعي الجدي لدعم السقوف التي تحمي رؤوسنا ، أي الدول والمؤسسات والاقتصادات، واستنهاض الهمم لأجل اعادة بناء دولنا ومجتمعاتنا ، ومن ثم اعادة تثبيت ركائز الموقع العربي وانعاش دوره في المنظومة الدولية».
الكباريتي
وقال رئيس اتحاد الغرف العربية نائل الكباريتي: «إن تواجد الجمع المميّز من البلدان العربية في منتدى الاقتصاد العربي انما هو دليل على حرص البلدان العربية على مصلحة لبنان واستقراره وازدهاره. فبيروت هي الشريان الحيوي للعرب، والعرب من دون لبنان وكذلك لبنان من دون كل العرب متكاتفين متضامنين، بنيانهم ضعيف ونحن نرفض إلا أن نكون أقوياء في ظل التحديات التي تعصف بالعالم، وفي ظل ما نراه اليوم من حرب سياسية وتجاريّة قاسية قد تطيح بنا إذا لم نتصدّ لها بحزم».
واضاف: «إن قطار التغيير العالمي يسير بسرعة قياسية، ونحن يجب أن نتعامل مع هذا الواقع بكل حزم وعزم ووعي أكبر كي لا نبقى أسرى الماضي. ولا بد للعالم العربي أن يغير من نهجه الاقتصادي وأن يبني تحالفات اقتصادية عربية – عربية وعربية – إفريقية الذي قد يؤمن تنمية متوازية قد توفر لشعوبنا حياة أفضل ضمن التسارعات والصراعات العالمية».
أبو زكي
وكان قد استهل حفل افتتاح المنتدى الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والاعمال رؤوف أبو زكي، الذي نوّه بأن المنتدى جاء بمبادرة من الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن مجموعة الاقتصاد والأعمال وبالتعاون مع هيئات اقتصادية محلية وعربية. ويوم بدأنا في العام 1993 لم تكن هناك فنادق مجهزة ولا شركات طيران تصل إلى بيروت (عدا شركة الميدل ايست الوطنية). وكانت حالة المطار مزرية وكذلك حالة الكهرباء والتي مازلنا نعاني منها حتى اليوم وبكل أسف. ومع ذلك أصبح هذا المنتدى، الحجر الأساس في صناعة المؤتمرات اللبنانية والعربية وأصبح حدثاً سنوياً إقليمياً ودوليا في بيروت.
تكريم شخصيات قيادية
وفي ختام حفل الافتتاح، كرّم منتدى الاقتصاد العربي نخبة من الشخصيات القيادية والمؤسسات العربية واللبنانية، هي: رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، رئيس وزراء مصر الأسبق المهندس ابراهيم محلب، الصندوق السعودي للتنمية، البنك العربي، ممثلاً برئيس مجلس الإدارة صبيح المصري، والمدير العام التنفيذي نعمة صباغ، رئيس شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، رئيس شركة الشرق الأوسط فنتشر بارتنرز وليد حنا، كما كرمت الهيئات المنظمة راعي المنتدى الرئيس سعد الحريري.