تجتمع في التلسكوب «أل أس أس تي» كلّ الأوصاف اللازمة لسبر أغوار الفضاء العميق، من أكبر عدسة في العالم إلى أقوى كاميرا رقمية، وهو الآن محور مؤتمر علمي في فرنسا. ومن المقرر أن يبدأ هذا التلسكوب العمل في عام 2020 وهو منصوب في قمة سيرو باشون في جبال الأنديس في تشيلي، وإليه تتجّه أنظار العلماء وآمالهم بأن يحقّق ثورة في علم الفلك، حسب إيمانويل غانغلر المسؤول عن المشروع في فرنسا.
ويقول «إنه مشروع يطلق العنان للأحلام، فعلى مدى عشر سنوات سيقوم هذا التلسكوب ذو العدسة البالغ قطرها 8,4 امتار، بتصوير الكون بالأبعاد الثلاثة، وهو سيكون الأعمق والأسرع والأشمل في إعداد خارطة للسماء هي الأكمل التي تُرسم بحسب ما يظهر من القسم الجنوبي من الأرض». ويضيف «من النصف الجنوبي للكرة الأرضية يمكننا أن نرى مركز مجرة درب التبانة»، متوقّعاً أن يبدأ جمع الصور في الفصل الثاني من عام 2022.
ويشارك أكثر من 150 عالما وباحثا أميركيا وأوروبيا في مؤتمر علمي في مدينة ليون الفرنسية منذ أمس الاثنين إلى الجمعة حول كيفية عمل هذا التلسكوب، وهو ثمرة تعاون دولي بإشراف الولايات المتحدة. وتبلغ نفقات تشييد هذا التلسكوب 670 مليون دولار، وقد وُضع الحجر الأساس له في نيسان 2015. والتلسكوب مزوّد بكاميرا رقمية من صنع فرنسي هي الأقوى في العالم (3,2 مليارات بيكسل) بلغت تكلفتها 200 مليون دولار، وهي ستلتقط صورة للسماء مرة كلّ أربعين ثانية.
والكاميرا مجهّزة بنظام آلي لتغيير مراشح العدسات، بحيث تلتقط كلّ صورة بالمراشح الضوئية الستة الموجودة واحداً تلو الآخر. ولا يتطلّب تغيير المرشح سوى 15 ثانية وهو وقت قياسي. ويقول إيمانويل غانغلر «يريد علماء الفضاء أن يروا السماء بألوان مختلفة لرصد الأجرام. في هاواي يتطلّب الأمر نصف ساعة لتغيير المرشح الضوئي لتلسكوب سوبارو، وفي هذا الوقت يتوقف التلسكوب عن المراقبة».
ويضيف «أما في تلسكوبنا، فالأمر يتطلّب دقيقتين».
ويستطيع التلسكوب إنتاج كمية هائلة من المعلومات قدرها 500 مليون مليار بايت خلال عشر سنوات يحصي فيها أربعين مليار جرما فضائيا.
ويقول العالم الفرنسي «في حال كان هناك كويكب يهدد الأرض، سنكون أول العارفين به».
وسيمنح ذلك العاملين في مجال الفضاء «أكبر دليل فلكي معدّ حتى الآن».
وإضافة إلى إحصاء ما أمكن من أجرام المجموعة الشمسية وإعداد خريطة لمجرّة درب التبانة، سيضطلع التلسكوب بمهمة أخرى هي محاولة فهم طبيعة الطاقة السوداء أو الطاقة المظلمة التي ما زالت لغزاً للعلماء.